لا أرغب في الزواج ولا أتقبل فكرة الارتباط، أفيدوني؟

0 17

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا أرى الزواج فكرة جيدة، بل وأكرهه جدا، كيف يترك الإنسان كل علاقاته وأقاربه وأصدقاءه الذين تربطه بينهم وبينه علاقات لعقود ثم يذهب فيحب امرأة أكثر من كل هؤلاء؟ ويهتم بها أكثر منهم، وتكون معه أكثر منهم فى معاشه وقراراته.

الصراحة أنا أستهجن الموضوع جدا وأبغضه جدا، ليس لهذا السبب فقط، ولا أعلم لما، لكنني حتى في اللحظات التي أراه فيها شيئا حسنا وله مصالح أحاول بشتى الطرق تبغيض نفسي فيه، ولا أسمح بتسرب حبه لقلبي، ولا أعلم لماذا تحديدا، قلت ذات مرة لن أتزوج ومن يومها وأنا على هذا الحال، وأريد أن لا يتزوج أحد وأتضايق عند سماع زواج أحدهم.

أحس شيئا في نفسي عندما أسمع أن الزواج مستحب، وأن المتزوجين سيكونو حيثن أفضل مني بزواجهم هذا، وأقول أيكونون نالوا سعادة الدنيا والآخرة وأنا لا هذه ولا تلك.

المهم في الموضوع أنني خائف من أن أكون هكذا، كرهت ما أنزل الله، والله أخاف من الموضوع جدا ولو كان باختياري، وأنا أعلم أن هذا فعلا كره ما أنزل الله ما اخترته أبدا، وماذا لو كان كذلك فعلا، هل أكفر؟ علما أني لم أعلم أنه كره ما أنزل الله.

أجيبونى جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، وإنما شفاء العي السؤال، وقد أسعدتنا هذه الصراحة في الطرح، ونسأل الله أن يعيننا على التوضيح، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

لا شك أن في الزواج سعادة عظيمة، وهذا كلام من تزوجوا وعرفوا وسعدوا بزواجهم، وعلاقات الإنسان الأولى يقويها الزواج ولا يزيلها، بل بالزواج يكتسب الإنسان أصدقاء جدد وأصهار وأسر جديدة، وحب الإنسان لزوجته لا يزاحمه حب آخر، لأن هذا حب عاطفي، بخلاف الحب الثاني الذي قد يكون حب احترام للوالدين، وحب شفقة لبعض الأصدقاء – أو غير ذلك –، ولذلك حب الزوجة لا يزاحم المحاب الأخرى للإنسان، مثل حبه للوالدين، أو لأخواته أو لأصدقائه، هذا كله في جهة، والحب الذي بين الزوجين مختلف تماما.

فلا إشكال في هذه الناحية، والإنسان يستطيع أن يحب زوجته حبا شديدا، ويحب أصدقائه ووالديه، بل المؤمن ينبغي أن يوسع دائرة الإيمان، لأن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله تبارك وتعالى.

وموضوع الزواج – كما قلنا – هو من اللذات المقدمة للناس في هذه الدنيا، ومن حق الإنسان ألا يتزوج، رغم أن الأصل أن يتزوج، ولذلك الذي لا يتزوج قد يكون عنده – مثلا – إشكال طبي، قد يكون عنده أي سبب من الأسباب، ففي علماء الأمة من لم يتزوجوا، كابن تيمية، والإمام الطبري، والإمام النووي، فهؤلاء لم يتزوجوا، لكن نرجع ونقول: الكمال هو هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي تزوج، وأبو بكر وعمر والعشر المبشرين بالجنة، وهكذا تمضي الدنيا، لأن بدون الزواج كيف تعمر الحياة؟

أنت الآن طبيب كيف أنت بدون الزواج؟ أين ستجد أطفالا تعالجهم؟ وأين ستجد ... يعني: هذا كله الحياة لا يمكن أن تعمر إلا بالزواج.

كذلك أيضا كنا نريد أن نعرف ما هي أسباب هذا النفور من الزواج؟ إذا لم تكن الأسباب معروفة فعند ذلك نتمنى أن تصحح المفاهيم، ونتمنى أيضا أن تقرأ على نفسك الأذكار والرقية الشرعية.

وأنت لست ممن كره ما أنزل الله تبارك وتعالى، والإنسان يلام على هذا، وقد أسعدنا أنك قلت: (لو كان باختياري وأنا أعلم أن هذا فعلا يعتبر من كره ما أنزل الله لما فعلت)، وهذا دليل على أنك - إن شاء الله - لست بآثم، لكن نحن ندعوك إلى الخير، إلى الفطرة، إلى الكمال الذي يحصل للإنسان بزواجه، فإن من تزوج فقد استكمل نصف دينه، فليتق الله في النصف الآخر، والحياة لا يمكن أن تعمر إلا بهذا، ونريد أن نصحح: الزواج ليس تحديد للعلاقات، بل هو توسيع لدوائرها، وتوسيع لدائرة العلاقات البشرية، بالمصهارات، بالأحفاد، بالأطفال الذين هم نتاج هذا الزواج، والذين هم زينة الحياة الدنيا.

نتمنى الآن أن تشتغل بدراستك، ثم تشتغل بالتواصل مع موقعك، وأرجو أن تعرض الإشكالات الفعلية بتفاصيل أكثر، وحتى تأتيك - بإذن الله تبارك وتعالى - الإجابات الواضحة، واعلم أن حديث الناس عن الزواج وفرح الناس بالزواج وسعادتهم عندما يتزوج أحدهم؛ هذه كلها أمور تدل على أن في هذا الأمر خير كثير.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، ونسعد بمزيد من التواصل، مع مزيد من التوضيح للأشياء التي تشعر بها، وهل مثلا تجد في نفسك ميل أم لا يوجد أصلا ميل عندك إلى الجنس الآخر؟ فإن الإنسان بعد مرحلة البلوغ تبدأ تنمو عنده هذه الناحية الفطرية، وهي فطرة جعلها الله لحكم عظيمة، ميل النساء إلى الرجال وميل الرجال إلى النساء، ثم جاءت الشريعة فشذبت وهذبت هذا الميل ليكون زواجا، ليكون طهرا، ليكون ذرية.

فنسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، ولست ممن كفر أو كره ما أنزل الله، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية.

مواد ذات صلة

الاستشارات