الوسواس القهري وأفكار مسيئة.. فهل ما أعانيه مرض نفسي أم روحي؟

0 15

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

منذ سنة ونصف تقريبا، وأنا أعاني في عباداتي سواء صلاة أو قراءة قرآن، أو ذكر من أفكار مسيئة لله والرسول، لا أدري هل تأتي من نفسها أم باختياري، وأعيد الصلاة وأقطعها أحيانا أو بشكل دائم تقريبا وطوال اليوم لا أستطيع التخلص منها، وقد عانيت من اكتئاب لمدة عشرين يوما واختفى، وأصبح عندي قسوة قلب شديدة، وضيق صدر، وحزن، وأفكر كثيرا في صحة صلواتي، وعباداتي، فهل ما يقوله الإنسان في نفسه أثناء صلاته يبطلها؛ لأني أشعر أن هذا الأمر يأتي باختياري، رغم أني أحب قراءة القرآن، ولكني أشعر بملل بسرعة بعد قراءة ثلاث صفحات، وأشعر وأتثاقل عن الصلوات، فهل ما أعانيه مرض نفسي أم روحي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فيصل الزهراني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك ولدنا الحبيب في استشارات إسلام ويب.
نسأل الله أن يمن عليك بالعافية، وأن يعجل لك الشفاء من هذه الوساوس.

ولا شك – أيها الحبيب – أن الشيطان يحاول جاهدا أن يصرفك عن هذا الطريق الذي تسلكه، من الاشتغال بالصلاة وقراءة القرآن، فـ (إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه كلها)، كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو يسعى جاهدا بما أمكنه من الوسائل لتصير العبادة ثقيلة عليك، شاقة، حتى تبغضها فتتركها بالكلية، فإن لم يصل إلى ذلك حاول جاهدا أن يجعلك تقلل من هذه العبادات، فكن لبيبا حريصا على ما فيه سعادتك في دنياك وفي آخرتك، واستعن بالله تعالى ولا تعجز، فإنه سبحانه سيأخذ بيدك ويوصلك إلى ما تتمناه من الخيرات في دنياك وفي آخرتك.

واعلم بأن النصر مع الصبر، وأن الإنسان إذا ابتلي بما يكره فصبر واحتسب أجره عند الله تعالى وجاهد نفسه على فعل ما يرضاه الله؛ فإن ذلك كله مكتوب له حسنات، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.

وعلاج هذه الوساوس – أيها الحبيب – الأعظم ودواؤها الأمثل هو الإعراض عنها وعدم الاهتمام بها، وترك الاشتغال بتفاصيلها، فاصبر على سلوك هذا الطريق، لا تلتفت إليها، ولا تفكر فيما تمليه عليك هذه الوساوس من أسئلة أو استفسارات، فإذا صبرت على هذا فإن الشيطان سييأس منك وينصرف إلى غيرك.

ومع هذا الانصراف عن الوساوس أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى اللجوء إلى الله تعالى بالاستعاذة كلما هاجمتك هذه الوساوس، والإكثار من ذكر الله، فإن ذكر الله يطرد الشيطان، كما دلت على ذلك آيات القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.

هذا هو الطريق – أيها الحبيب – للتخلص من هذه الوساوس، ولا تؤثر أحاديث النفس على صحة الصلاة مهما كثرت، ولكن ينبغي أن تحرص على الخشوع في الصلاة وحضور القلب فيها والتفكر في أفعال الصلاة وأقوالها، فهذا أعظم للأجر، ولكن مهما غلبتك هذه الوساوس وأحاديث النفس في صلاتك فلا تبطل الصلاة التي دخلت فيها، ولا تعد هذه الصلاة، فإبطالك للصلاة أو إعادتها من شأنه أن يعزز ويقوي هذه الوسوسة في نفسك.

واعلم – أيها الحبيب – أن أعظم ما يعينك على تجنب هذه الوساوس أن تدرك تمام الإدراك أن رضا الله تعالى وثوابه في مجاهدة هذه الوساوس وتركها لا في الاستجابة لها والتفاعل معها، فالله تعالى يحب منك الإعراض عنها وتجاهلها، والشيطان يريد منك الاشتغال بها، وأنت بين هذين الطريقين، طريق الله وطريق الشيطان.

نسأل الله تعالى أن يأخذ بيدك ويعجل لك بالعافية والشفاء.

مواد ذات صلة

الاستشارات