هل شعوري بوجود شخصيات متعددة داخلي أمر طبيعي؟

0 14

السؤال

السلام عليكم.

منذ فترة أشعر بوجود أربع شخصيات بداخلي، المثقف، الغبي، الشرير، والطيب، وكل شخصية تتجسد في وقت ما، أحيانا لا أتقبل الفكرة، وأحيانا تلك الشخصيات تتحكم بي، وتقنعني بفعل الشيء، فهل هذا طبيعي؟

تكلمت مع أصدقائي في الموضوع، وكلهم أكدوا نفس الشيء، لا أفهم الطبيعة البشرية، أجد ذلك عبثا، يوم أستيقظ سعيدا، ويوم حزينا، ويوم غاضبا، تغير المشاعر هذا يشعرني بعدم وجود السلطة الحقيقية للإنسان، حيث أن هناك مشروبات تجعلك سعيدا، وأشياء تجعلك متوترا، وأشياء تجعلك حزينا، وأشياء تدفعك للجنون، كل هذا يقودني إلى الاعتقاد بأن هذا العالم مادي بحت، أو ربما أسأل بطريقة خاطئة في أمر يتعلق بالدين، فأرجو الإجابة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ moaz حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

أحب أن أؤكد لك ولأبنائي الكرام أن سبب هذا التناقض والاضطراب وعدم الاستقرار النفسي وهذه الأشياء الدخيلة التي تدخل علينا، لأن المسلم ينبغي أن يبدأ فيتعرف على عقيدته، يصحح عقيدته، يتعلم العلم الذي يصحح به عقيدته وعبادته وتعامله مع الناس، ثم يقرأ هذا القرآن الذي يجلب الاستقرار النفسي، ويصحح الألسن، ويجعل الإنسان على الطريق الصحيح، ثم بعد ذلك يتعلم ما أراد من علوم نافعة، وله أن يختار لغة بعد أن يتعلم لغته العربية الأصلية، وبعد أن يتعلم ما لا يسع المسلم جهله.

ولكن اليوم بكل أسف تختلط هذه الأمور ومنذ البداية، ولذلك يصبح هذا الإنسان لا ثبات له من الناحية الفكرية أو من الناحية الثقافية.

كذلك هذا العالم المفتوح الذي يدخل علينا بأفكاره ومعظمها بكل أسف أفكار تجارية استهلاكية جذابة، لكنها ثقافة قشور، لا تعنى بالحقائق الكبرى التي لا يمكن أن تعالج، ولا يمكن أن تفهم إلا في إطار وحي الله تبارك وتعالى، فهذا الإنسان عقله محدود، وقدراته محدودة، وخطوط الغيب عنه محجوبة، فلا يعرف ما الذي يصيبه بعد دقيقة، وما الذي ينتظره خلف هذا الجدار.

ولذلك تقتضي حكمة الحكيم أن يبعث النبيين يحملوا هداية الله، ثم قال ربنا العظيم: {فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكري} كل من أعرض عن ذكر الله ومنهج الله {فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى} الآيات الكريمة.

لذلك لا يمكن للدنيا أن تجد استقرارا أو طمأنينة أو سعادة إلا بالعودة لهذا الدين الذي أنزله خالق الإنسان، وكما قال الأستاذ محمد قطب، يقول: "نحن نتميز عن الدنيا بعنصري البركة والطمأنينة، أما البركة ففي قول الله: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض}، وأما الطمأنينة ففي قوله تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} ".

لذلك الدنيا ستظل في اضطراب، والأفكار ستظل في اختلاف، والنفوس ستظل في هذا التنازع حتى تعود إلى منهج الله، ويواظب الإنسان على ذكر ربه وشكره وحسن عبادته، عندها يأت الاستقرار وتأت الطمأنينة.

وحتى ما يسمى وما كثر في زماننا بالأمراض النفسية فإنها بلا شك تصيب المسلم وغير المسلم، لكن هي قليلة عند أهل الإسلام، هي سهلة بالنسبة لأهل الإسلام إذا آمنوا بالله وواظبوا على ذكر الله تعالى.

ولذلك نوصي به أبنائنا الكرام الشباب أن يبدأوا بتعلم هذا الدين الكريم، وتعلم العقيدة، ثم تصحيح المفاهيم والتصور الكامل عن الناس والدنيا والحياة وفق منهج الله تبارك وتعالى، وبعد ذلك يستطيع الإنسان أن يتعرف على الثقافات الأخرى، الاستعجال بالتعرف على الثقافات الأخرى التي تقوم على أفكار أرضية ودنيوية دنية هو الذي يجلب هذا التشويش، وهو الذي يجعل الإنسان يفكر بعقلية تجارية وبعقلية استهلاكية، وهذا بلا شك سبب لهذا التوتر، وغياب الرضا والسعادة، والسعادة الحقة لا يمكن أن يصل إليها الإنسان إلا بالإيمان بالله.

أما اللذة فيصل إليها الإنسان أحيانا ويفقدها أحيانا، ولكن السعادة الحقة لا توجد إلا بالإيمان بالله تبارك وتعالى، فهي نبع النفوس المؤمنة بالله، الراضية بقضائه وقدره، المواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته.

مواد ذات صلة

الاستشارات