صديقتي لديها علاقة بشاب وتريد مساعدتي في قطع هذه العلاقة.. فكيف أساعدها؟

0 8

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قبل عدة أيام صديقتي قالت لي إنها تكلم شابا منذ وقت طويل، وقد أحبته وتعلقت به كثيرا، وهو كذلك ويريدها للزواج، ولكن حاليا لا يمكن زواجهما لعده ظروف، كلاهما يعلمان بحرمة هذه العلاقة، ويريدان أن يتركا التكلم مع بعضهم، وحاولوا عدة مرات، ولكن لا ينفع الأمر، فهم يضعفون أمام أنفسهم وأهوائهم ويعودون كما كانوا.

صديقتي تقول أنها لا تقدر أن تترك الكلام معه فجأة؛ لأن ذلك يصعب عليها وعليه، وأنهما بدأوا بالتدريج في تخفيف الكلام مع بعضهم، فقد تركوا إرسال الصور، والتكلم بالفيديو وبالصوت، ويكتفون بالكلام النصي، فهي تعاني لا تريد التحدث معه خوفا من الله وعقابه، ولأنها تعلم حرمه ذلك ولا تريد أن تعصي الله أكثر، وفي الوقت نفسه لا تقدر أن تترك الحديث معه فقد تعلقت به كثيرا، فهي في صراع مع نفسها، فكيف لي أن أساعدها وأدعمها في ترك هذا الذنب، فقد قمت بالتوضيح لها أنه حرام، ولا بد أن تتركه لله، وقمت بإرسال فيديوهات لها لشيوخ يتكلمون في الأمر، وعده بوستات تتكلم عن الأمر، وآيات عن الذنوب والمعاصي والاستغفار، ولكن مع ذلك مقصره أعتبر هذا غير كاف.

أريد نصيحتكم ماذا أفعل؟ وكيف لي أن أساعدها أكثر، فأنا أخاف عليها من الاستمرار في هذا الذنب، أخاف عليها من عقاب الدنيا والآخرة وأخاف أنه قد يكون يخدعها ويضحك عليها، وأخاف أن هذا الذنب يستمر وتقع في ذنب أكبر وأعظم.

جزاكم الله خير الجزاء والثواب الجزيل. والفردوس الأعلى يا رب، وأعتذر عن الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هديل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك ابنتنا الكريمة في استشارات إسلام ويب.

أولا نشكر لك غيرتك على محارم الله تعالى، وغيرتك على صديقتك وحرصك على الخير لها، وهذه علامة خير إن شاء الله فيك، فإن الله تعالى أخبرنا بأن خيرية هذه الأمة مرتبطة بأمرها بالمعروف ونهيها عن المنكر، فقال: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}، فأمر الإنسان بالمعروف ونهيه عن المنكر علامة على أنه من أهل الخير الذين أرادهم الله واصطفاهم.

وثانيا: نريد أن نطمئنك – أيتها البنت الكريمة – بأنك لست مقصرة في حق صديقتك هذه، ما دمت قد نصحتها وأرسلت لها من المقاطع المفيدة المؤثرة لتذكيرها وتخويفها من عقاب الله تعالى، فقد فعلت ما ينبغي أن تفعليه وما يرفع عنك الإثم ويزيح عنك التقصير، ولكن حرصك الزائد على هذه الفتاة شيء تؤجرين عليه وتثابين عليه، ونحن نشجعك على الاستمرار والحرص على أن تجنبيها المخاطر والمهالك في دنياها وآخرتها، وأهم هذه المخاطر هو ما أنهيت به استشارتك، وهو الخوف من مخادعة هذا الشاب لها، وهذا هو الغالب في علاقات الفتيات بالشباب، فإنهم ذئاب بشرية، يتمتعون بملمس حسن ويظهرون بشكل المحب والمعلق والعاشق والهائم، وهو في الحقيقة إنما يريد قضاء أربه وشهوته، ثم يرمي هذه الضحية في بحار من الآلام والحسرات، لا تستطيع بعدها تدارك نفسها، ولا أن ترفع عن نفسها هذا الهم.

فإذا أعدت التذكير بهذه الحقيقة لصديقتك وأخبرتها بأن المواقع المعنية بالاستشارات تؤكد هذه الحقيقة، وتؤكد أن أكثر من يستشرن من الفتيات فإنهن يستشرن بعد وقوعهن ضحايا، وهذه الحقيقة ساطعة في عالم الناس، معروفة. فهي إن لم تكن تاركة هذه المحادثات ابتغاء ثواب الله تعالى وخوفا من عقابه، فلا أقل من أن تتركها من أجل أن تحمي نفسها، وتمنع وقوع نفسها في هذه الهلكة العظيمة، فذكريها بهذه الحقيقة، وأكديها عليها.

ومما يعينك على تخليصها من ذلك أن تربطيها بفتيات صالحات أخريات، لتنشأ معهن علاقات تمضي معهن الأوقات، فإن في النفس مسلاة إذا وجدت البديل، وهذه الفتاة بحاجة إلى أن تنصح بضرورة الصبر، فما أعطي أحد عطاء خير له وأوسع من الصبر، والله تعالى يجزي الصابرين بغير حساب، ويوسف عليه السلام صبر في موقع الابتلاء والامتحان بهذا النوع من الشهوات، ثم رفعه الله تعالى المقام العالي الذي لا يخفى على أحد، وكان ذلك جزاء صبره، وبين هو في نهاية قصته لما جاء إخوته إليه بعد أن صار عزيز مصر أنه وصل إلى ما وصل إليه بالصبر.

فهذه الفتاة بحاجة إلى أن تنصح وتذكر بضرورة الصبر، ومرارة الصبر عاقبتها حلاوة، (الصبر مثل اسمه مر مذاقته، لكن عواقبه أحلى من العسل)، فهي قد تجد مرارة وعناء في التخلص من هذا الشاب وقطع العلاقة معه في أول الأمر، ولكنها ستجد حلاوة هذا الصبر في صيانة نفسها والابتعاد عن سخط الله تعالى وعقابه، وفي تأمين مستقبلها وهو المستقبل الحقيقي.

فينبغي أن تذكريها بهذه الحقائق، وأكثري من الدعاء لها.

نسأل الله تعالى أن يبارك جهودك، وأن يهدينا وإياكم لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا هو، وأن يصرف عنا وعنكم سوء الأخلاق، لا يصرف سيئها إلا هو.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات