أعاني من سوء المزاج وكثرة التفكير، فما أسباب ذلك وعلاجه؟

0 12

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من حالتي النفسية منذ فترة كبيرة، حيث أعاني من سوء حالتي المزاجية بشكل كبير، ومن كثرة التفكير بصورة كبيرة، ومتوتر دائما.

عدم الاستمتاع بالحياة، والانعزال أو الانطواء بشكل مستمر وطويل، واكتئاب من متوسط إلى شديد، وعدم الاهتمام بالنفس، تشتت في الانتباه، وإهمال في تطوير الذات أو النفس، أو بشكل عام، الهروب المستمر من الواقع.

دائما يأتيني شعور بأن الدنيا انتهت بالنسبة لي، ودائما ما تأتيني أفكار مثلا (متى أشيب وأنسى كل شيء مر علي، وتنتهي الحياة من دون ما أعاني) دائما شيئا ما بداخلي يقول لي: يا أحمد أنت (انتهيت)، كنت أتمنى أن الوقت يمر سريعا وتنتهي المسرحية.

أشعر بهذه الأعراض منذ تقريبا ١٠ سنوات بعد وفاة الوالد، حيث عشت فترة (صدمة) وغير مصدق ما حصل، وبعدها مررت بمراحل صعبة من حياتي كالدراسة، والخروج من علاقة، والضغوط النفسية العائلية أو غيرها، غيرتني من إنسان اجتماعي مرح متفائل إلى شخص آخر تماما.

أستطيع تلخيص مشكلتي كالآتي:-
- تغير الحالة المزاجية المستمر من هوس إلى اكتئاب بأي لحظة، وأغلب الوقت اكتئابي، وحزين، وأحب العزلة، وكل من حولي حرفيا يعرف بتقلبات المزاج عندي، علما إن مشكلة المزاج لدي لها فترة طويلة منذ فترة المراهقة، لم أكن واعيا لها، ولم يكن لدي العلم أو الثقافة الكافية كي اكتشف نفسي مبكرا.
- الاكتئاب المستمر.
- قلق وتوتر.
- بعض من الأفكار التي ذكرتها في السابق.

ما الذي أعاني منه طبقا لحالتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

حقيقة استشارتك واضحة جدا، وأنا اطلعت عليها بكل دقة، وقطعا أعطيتها الاهتمام اللازم.

أيها الفاضل الكريم: أنت أحسنت الوصف حقيقة لحالتك، والذي تعاني منه هو اكتئاب نفسي. اضطراب المزاج ليس هو الشيء الأولي أو المبدئي، إنما اضطراب الأفكار، تساقطت عليك ما يسميه (أرون بك/ Aaron T. Beck) أفكارا سلبية، وأصبحت ملحة ومستحوذة ومسيطرة. هذا النوع من الفكر حين يتساقط على الإنسان يؤدي إلى خلل في المزاج، يعني: اضطراب الفكر هو الأساس، صحبه بعد ذلك اضطراب المزاج، وهذا نوع من الاكتئاب يستجيب أكثر للعلاجات السلوكية، والدواء أيضا له دور لكن دوره أقل كثيرا من دور العلاج السلوكي.

أتمنى أن أكون قد أوضحت لك الفكرة، أنه يهمن عليك الفكر السلبي، وأنت ذكرت ذلك بوضوح شديد، قلت: (دائما ما تأتيني أفكار، مثلا متى أشيب، وأنسى كل شيء مر علي، وتنتهي الحياة من دون ما أعاني ودائما شيء بداخلي يقول لي: يا أحمد أنت انتهيت)، هذا هو الفكر السلبي، وأنا ذكرت لك اسم العالم (أرون بك)، أرون بك هو رائد علم السلوك والعلاج النفسي المعرفي فيما يتعلق بالاكتئاب النفسي.

أبشرك – أخي الكريم أحمد – أنك بتأمل بسيط جدا تستطيع حقيقة أن تغير هذه الأفكار، القاعدة الأساسية أن الله تعالى قد خلق الكون في ثنائية، كل شيء يقابله شيء مناقض له، فإذا كان هنالك اكتئاب فهنالك فرح وانشراح وإيجابية، وإذا كان هنالك فكر سلبي فهنالك فكر وشعور إيجابيين، وإذا كان هنالك عسر فهنالك يسريين، {فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا}، وإذا كان هنالك ليل فهنالك نهار وضحى، وإذا كان هنالك ظلام فهنالك نور وضياء، وإذا كان هنالك مرض فهنالك شفاء وعافية، وإذا كان هنالك شر فالخير أيضا موجود، ... وهكذا.

إذا أنت مطالب أن تستبدل كل فكرة سلبية لديك بما يقابلها من الفكر الإيجابي، وتكرر هذه الفكرة الإيجابية كثيرا، لتجعلها هي المهيمنة على طبقة الفكرة الأولى لديك، أو الفكرة العليا لديك يجب أن تكون هي الفكرة الإيجابية.

وعليك – أيها الفاضل الكريم – أن تجرد حياتك، سوف تجد أن هنالك الكثير من الأشياء الرائعة التي لم تعطيها اهتماما. أنت يا أخي الكريم في سن الشباب، وأنت طالب، وأنت في هذه الأمة الإسلامية العظيمة، هذه كلها أشياء يجب أن تتفكرها وأن تتأملها. إذا إزاحة الفكر السلبي واستبداله بفكر إيجابي.

ويا حبذا – أخي الكريم – لو جلست مع أحد المختصين النفسيين الذين لديهم معرفة واطلاع بالعلاج النفسي المعرفي.

أتمنى أن أكون قد أوضحت لك، لأنك كما تفضلت فهم الأمور بصورة صحيحة بالفعل يساعد الإنسان كثيرا على السير في طريق التعافي.

الأمر الآخر وهو مهم جدا، هو: أن تحسن إدارة وقتك، من يحسن إدارة وقته يحسن إدارة حياته، وأهم شيء في حسن إدارة الوقت هو أن تنام نوما ليليا مبكرا، وأن تتجنب السهر، حين تنام مبكرا تستيقظ مبكرا، تصلي الفجر وأنت في عزيمة وإقدام ونشاط، وتبدأ أنشطتك اليومية بعد ذلك.

أيضا – يا أخي – عليك بممارسة الرياضة، عليك بالحرص على الواجبات الاجتماعية، عليك بالصلاة مع الجماعة، هذه كلها علاجات مهمة ومهمة جدا.

طبعا تناول أحد مضادات الاكتئاب أيضا سيكون مفيدا لك، ومن أفضل الأدوية عقار (سيبرالكس) والذي يعرف علميا باسم (اسيتالوبرام). إذا أردت تناوله فيمكنك التواصل معنا مرة أخرى حتى نصف لك الجرعة ومدته.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات