الاكتئاب المرتبط بعدم القدرة على التكيف

0 374

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

مشكلتي تكمن في أني منذ قدومي إلى ألمانيا لمواصلة دراستي بعد تحصلي على شهادة البكالوريوس بامتياز، وأنا أجد الدراسة عبئا ثقيلا، وحالتي دائما من سيء إلى أسوأ، رغم حبي لطلب العلم إلا أن تلك الرغبة وذلك الحماس لم يبق منه تقريبا شيء.

أعاني من فتور فضيع، ربما بسبب التحول الذي حصل لي، لقد درست اللغة في مكان ثم انتقلت لمكان آخر لأدرس في الجامعة، وهذه سنتي الثالثة في الجامعة ولا أزال أعاني من نفس المشكلة التي تتفاقم مع مرور الوقت، إثر قدومي إلى هذا المكان عانيت الوحدة؛ لأني فارقت صديقتي التي قضيت معها سنتي الأولى؛ ولا أعرف أحدا هنا وبعد قليل من الأشهر أنعم علي الله بنعمة الهداية ولبست الحجاب، وأصبحت أتردد على مسجد في هذه المدينة وأشارك في بعض النشاطات وأجتهد في حفظ القرآن.

ومع التزامي الجديد وتركيزي أكثر على الجانب الديني انشغلت عن مشكلتي مع الدراسة ولم أحلها، بعدها تعرفت على شاب من خلال المسجد ولكن الخطوبة لم تتم وانتهى كل شيء، وهو ما سبب لي أيضا المزيد من القلق النفسي، وعانيت أيضا خلال الفترة السابقة من اضطرابات في الأكل ولا زالت إلى الآن غير مستقرة تماما، كنت أمضي بعض الأيام لا أفعل شيئا مفيدا.

أفرط في النوم أو الأكل ولا أذهب إلى الدراسة وللتخفيف قليلا من تأنيب الضمير؛ لأني أضعت الوقت، أحفظ صفحة من القرآن أو أقرأ القرآن أو أقوم جزءا من الليل، وفي الواقع أني لا أجد سعادتي وحماسي إلا عند ممارسة أي نشاط ديني الذي بدوره تراجع قليلا؛ لأني أصبحت مهمومة من تقصيري مع دراستي وعدم صلاح حالي، فأنا في الوقت الحالي أفرط في النوم ولا أذهب إلى المحاضرات أجلس في البيت للدراسة ولكني أجد صعوبة كبيرة وكأن هناك حاجزا بيني وبين الدراسة، الامتحانات على الأبواب وأنا لا أزال أدور في نفس الدوامة، قلق، حيرة، غياب الحماس، غياب الطموح للدراسة.

المشكلة أني لم أعد أجد متعة في الدراسة وهي تتراكم وتتراكم وتزداد صعوبة والقلق يكبر والحاجز يكبر والخوف يكبر ولا أعرف من أين البداية؟ مع العلم أني نجحت في أغلب امتحاناتي لكن بأعداد ضعيفة وبدون أن أستوعب ما أدرسه؛ لأني غير مواظبة نهائيا على المحاضرات، ولا أذاكر إلا أسبوعا قبل الامتحان، وبالطبع لا يمكن تحصيل وفهم ما حوضر في خمسة أشهر خلال أسبوع فقط، أذاكر لاجتياز الامتحان، وبسبب تضايقي وشعوري بالوحدة طلبت من أبي أن يسمح لأختي بالقدوم لمواصلة دراستها هنا وقد قدمت بتسهيل من الله منذ بضعة أشهر وهي أيضا التزمت والحمد لله وبرغم وجود الأنس الآن إلا أن مسؤوليتي زادت.

أنا أطلب إرشادكم أفيدوني أفادكم الله، أعتذر على الإطالة والتفصيل إلا أن غايتي تقريبكم من الواقع لتتمكنوا من إفادتي.
وجزاكم الله عنا كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

أولا: نحمد الله تعالى الذي هداك وجعلك أكثر التزاما، وهذا فضل كبير من الله تعالى، وهي بداية طيبة سوف تهون بعدها كل الصعاب الأخرى بإذن الله .

ما ورد في رسالتك يدل -بلا شك- على أنك تفاعلت مع الابتعاد عن الأهل بصور سلبية بعض الشيء، أو أن هذه السلبية قد فرضت نفسها عليك وتحولت إلى حالة اكتئابية مرتبطة بما يعرف بعدم القدرة على التكيف، والاكتئاب النفسي لا شك أنه يفقد الإنسان الرغبة والطموح، ويقلل من الدافعية، ويؤدي أيضا إلى فتور عام، وشعور سلبي دائم، والشعور السلبي هو من أسوأ الأعراض الاكتئابية، ولكن حقيقة بداية العلاج تكون من هذه النقطة، وهي أن تسعين سعيا جادا وبكل قوة في أن تغيري كل فكرة سلبية أصابتك بأخرى إيجابية، وأنا متأكد أن لديك الكثير من الإيجابيات في حياتك، عليك فقط تذكرها، كما أنه من المفترض دائما ان تتذكري أنك أتيت من أجل الحصول على المؤهل الممتاز، وأنت والحمد لله صاحبة المقدرات والتفوق في سنين الدراسة السابقة، والأهل لا شك أنهم في انتظارك، وقد أتت أختك الآن لتكون خير رفقية لك، هذه والحمد لله كلها أشياء طيبة لابد أن تشعري بها حتى تحسن من الدافعية لديك.

الجانب الآخر للعلاج هو العلاج الدوائي، فالاكتئاب والحمد لله يسهل الآن التحكم فيه بدرجة كبيرة عن طريق الأدوية، وتوجد أدوية فعالة وسليمة جدا وغير إدمانية، والدواء الممتاز والذي سيفيدك إن شاء الله يعرف باسم بروزاك، وهو دواء فعال لعلاج الاكتئاب خاصة الحالات التي يكون فيها الإنسان مصابا بفتور شديد.
أرجو أن تبدئي بجرعة 20 مليجرام في اليوم -أي كبسولة واحدة- ويفضل أن تؤخذ بعد الأكل، وتستمري على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ترفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، مع الاستمرار عليها لمدة أربعة أشهر، ثم تخفضيها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهر آخر، وتكون مدة العلاج الدوائي قد اكتملت وهي ستة أشهر.

إذن، خلاصة ما ذكرته: التفكير الإيجابي مع الدواء، وسوف يختفي الاكتئاب تماما بإذن الله.

وختاما: نصيحتي لك أن تشغلي نفسك بأي نشاط اجتماعي متوفر خاصة عن طريق المسجد، كما أن رياضة المشي مفيدة لصحتك النفسية وإزالة الاكتئاب، فابدئي في ممارسة رياضة المشي من هذا اليوم، وستزداد رغبتك فيها، وكما ذكرت فهي مفيدة للصحة النفسية.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وعليك من الآن الانطلاق إلى الأمام، والحرص في التحصيل، وسوف يختفي الاكتئاب تماما بإذن الله تعالى.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات