أشكو من عدة أعراض نفسية وتخيلات، فكيف أتخلص من هذه الأعراض؟

0 6

السؤال

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حقيقة أشكر الموقع على كل ما قدمه من مقالات، وأفكار، واستشارات، وأسأل الله تعالى أن يجعله في ميزان حسنات القائمين بأمره.

استشارتي باختصار أنني كنت في الفترة الأخيرة أعاني من اضطرابات نفسية، وشعور بالفراغ، وحالة غير مفهومة، وهذا عندما أكون وحدي، وغالبا ما أتخطاها وأعود إلى طبيعتي بعد فترة يوم أو اثنين، وفي نفس الزمن عندما تأتي هذه الحالة أكون مع المجتمع والناس طبيعيا جدا.

ونقطة أخرى في بعض الأحيان بعد فترات تنتابني تخيلات أنني مثلا شخصا مؤثرا في المجتمع الذي أعيش فيه، وأن الناس يثنون علي، وشعور بعظمة وهيبة في نفسي، ومثلا عند التخطيط لفعالية معينة أكون مشاركا فيها يذهب كل تفكيري فيها طوال الوقت، حتى أخرج بصورة ممتازة فيها، وأنال لفت نظر الآخرين، ولكن لا أظهر هذا الشعور للآخرين.

مع العلم أنني أدرس الطب، وأنا في بداية الطريق، مع ضغوط القراءة والضغوطات الأخرى، في بداية الحياة الجامعية أشتكي من عدم تنظيم الوقت، وقلة الهمة، والفراغ في داخلي، أرجو أن تفيدوني في هذا الموضوع.

وأخيرا أتأثر كثيرا بمن حولي، تجدني مهتما بالناس كثيرا، ولا أستطيع قول لا لأحد؛ حتى وإن كان الأمر يؤثر على أولوياتي.

أفيدوني جزاكم الله خيرا، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عصام الدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية.

كثير من الناس في مراحل التكوين النفسي والجسدي والوجداني يشعرون بتغيرات نفسية مختلفة، وقد لا يستطيعون تحديدها على وجه الدقة، وأعتقد هذا هو الذي تمر به.

هذه التغيرات تحصل طبعا في فترة اليفاعة، فترة البلوغ والمراهقة وما بعد ذلك، قد تستمر مع بعض الناس، فلا تنزعج لهذه الحالات التي وصفتها بأنها غير مفهومة، هو نوع من القلق النفسي الذي يتحرك داخليا.

بالنسبة لموضوع التخيلات التي تأتيك: طبعا هذا نوع من أحلام اليقظة، والإنسان في مثل عمرك كثيرا ما يمني نفسه ببعض الأشياء. لا أعتقد أن هذه الحالة حالة مرضية أبدا، لكن طبعا ألا تسرف في هذه الأفكار.

درجة القلق لديك مرتفعة نسبيا، لكن يظهر أنه قلق احتقن وأصبح سلبيا، لأنه لم يوجه التوجيه الصحيح، حيث إنك تشتكي من عدم القدرة على تنظيم الوقت وقلة الهمة والشعور بالفراغ الداخلي.

أنا أنصحك – أيها الفاضل الكريم – أولا: أن تثق في مقدراتك، فالله تعالى حباك بمقدرات كثيرة، وأنت الحمد لله وبفضل الله استطعت الدخول لكلية الطب، وهذا دليل على أن مستواك العلمي أصلا هو مستوى رفيع وممتاز.

ثانيا: لا تعش في الماضي، لا تعش مع هذه التغيرات السلبية التي بدأت معك منذ فترة، عش قوة الآن، لأن الحاضر دائما هو الأقوى، وهو الذي يمكن أن يبني الإنسان عليه. والإنسان هو عبارة عن أفكار ومشاعر وأفعال، يجب أن نسعى دائما أن نجعل أفكارنا إيجابية، وأن نجعل مشاعرنا إيجابية، وأن نجعل أفعالنا إيجابية. وإيجابية الأفعال هي الأهم، لأن الفعل الإيجابي يؤدي إلى فكر إيجابي ويؤدي إلى شعور إيجابي ... وهكذا.

ثالثا: أنت مطالب بأشياء بسيطة جدا:
يجب أن تتجنب السهر، لأن هذه هي النقطة المركزية والمعيارية فيما يتعلق بحسن إدارة الوقت. تجنب السهر، نم مبكرا لتستيقظ مبكرا وأنت مليء بالطاقات والنشاط النفسي والجسدي الإيجابي، وتؤدي صلاة الفجر، بعد ذلك تقوم بالاستحمام، وتشرب الشاي، وتدرس، تدرس لمدة ساعة إلى ساعتين قبل أن تذهب إلى الكلية. الدراسة في البكور فيه خير كثير، وأصلا وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (بورك لأمتي في بكورها)، وكان من دعائه: (اللهم بارك لأمتي في بكورها)، والدراسة في الصباح الساعة الواحدة تعادل ساعتين إلى ثلاثة من بقية اليوم، هذا أمر مجرب ومعروف.

فأريدك أن تبدأ هذه البداية القوية، نوم مبكر، صلاة الفجر، يعقبه الاستعداد، ثم الدراسة لمدة ساعة، ثم بعد ذلك تذهب إلى الكلية، حين تذهب إلى الكلية وأنت بهذا الرصيد من الإنجازات لا شك أنك سوف تجد أن استيعابك أصبح أفضل، وتنتبه تماما في المحاضرات، وتركيزك سيكون على أفضل وجه.

وبعد ذلك ترجع من الكلية، تأخذ قسطا من الراحة، ثم تدرس، ترفه عن نفسك قليلا بأي شيء جميل، تتواصل مع أصدقائك، ولابد أيضا أن تمارس رياضة، الرياضة ترفع من الهمة، وتجدد الطاقات النفسية والجسدية.

احرص على صلواتك في وقتها، وأنا أريدك أن تجعل الصلاة مرتكز لإدارة الوقت: ما هو الذي يجب أن تقوم به قبل الصلاة؟ وما هو الذي يجب أن تفعله بعد الصلاة؟ ... وهكذا. هذه خارطة فكرية معرفية ممتازة جدا لإدارة الوقت، ومن يدير وقته يدير حياته، ومن يدير حياته لابد أن ينجح.

بقي أن أصف لك دواء بسيطا، وذلك لتكتمل هذه المنظومة أو الرزمة العلاجية المتكاملة، عقار (فلوكستين) والذي هو محفز للدافعية ومحسن للمزاج سيكون مفيدا لك، تحتاج تتناوله لمدة قصيرة، تبدأ بجرعة كبسولة واحدة في اليوم فقط، عشرين مليجراما يوميا، الجرعة الكلية هي أربع كبسولات في اليوم، لكنك لا تحتاج لأكثر من كبسولة واحدة. إذا تناول كبسولة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات