الوسواس القهري يدمر حياتي، كيف أتخلص منه؟

0 12

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله
شكرا على سعة صدركم.

سني الآن 27، كنت أعاني من الوسواس في سن 14، والحمد لله كان الوسواس يختفي لمدة طويلة ثم يعود مجددا لكن هذه المرة سيطر علي!

مؤخرا علمت أن اثنين من أبناء عمي مصابين بالسرطان، أول مصاب بسرطان المعدة وسنه 38، والثاني سرطان القولون وسنه 23، وهم من نفس العم، فلكم أن تتخيلوا وقع هذا الخبر على نفسيتي، فمباشرة بعد علمي بالأمر فقدت شهيتي وأصبحت لا أنام جيدا بسبب الوسواس، كل دقيقة أقول يمكن هذا المرض وراثي في العائلة ودوري آت لا محالة، فبعد أربعة أيام تقريبا ارتفعت عندي درجة الحرارة وأصبت بإسهال مما زاد الطين بلة والمشكل الأكبر هو أنه يأتيني ضيق التنفس مرات مع وجود لون بين الأبيض والأصفر يكسوا لساني ولا أعرف إن كان السبب نفسي أم لا، ولا أملك الجرأة للذهاب عند الطبيب أو مصحة للكشف، فأنا لدي فوبيا رهيبة من المستشفيات والفحوصات، حتى أني لا أطيق إبرة تحاليل الدم.

الآن أنا أعاني من الخوف والرعب، البارحة مثلا سمعت صوت البومة فقلت ربما هذه إشارة ونذر شؤم علي!

أنا الآن حائر، هل أذهب إلى مصحة أو عند طبيب عام أو عند طبيب نفساني أو أخصائي نفساني؟ لا أعرف من أين أبدأ!

للإشارة أشعر بألم خفيف متفرق في جسمي مرة في بطني مرة ظهري ومرة رجلي.

أعتذر بشدة على عدم ترتيب الأفكار، وتقبلوا فائق احترامي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ جواد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.

الذي يحدث لك هو نوبة حادة من قلق المخاوف، وطبعا أعراضك مرتبطة ارتباطا مباشرا بإصابة اثنين من أقربائك بمرض السرطان، نسأل الله تعالى لهما العافية والشفاء. لا شك أن هذا حدث حياتي كبير في حياتك، وما نسميه بالمثير يعتبر من النوع القوي، أي: الذي أثار لديك الأعراض - وهو إصابة هذين الشابين بهذا المرض - هذا هو مصدر إثارة الخوف والوسوسة لديك.

أنا أعتقد أن التفاعل يجب أن يكون تفاعلا في حدود ما هو طبيعي، نعم الإنسان يتأثر ويصاب بشيء من المخاوف البسيطة والقلق، وفي ذات الوقت عليك الدعاء لهما، عليك بمساندتهما، هذا هو المفروض أن يحدث، لأن المبالغة في التفاعل السلبي لا فائدة منها أبدا، أنا أعرف أنها ليست تحت إرادتك المطلقة، لكن يمكن أن تساهم في تخفيف هذا الخوف وهذا التوتر من خلال أن تكون أكثر استبصارا وارتباطا بالواقع الحياتي، أي أن هذه الأمراض موجودة، وأن تسأل الله لهما الشفاء، وأن تساندهما. هذا هو المطلوب، ويجب أن يكون مفهومك قائما على هذه الأسس.

أنا أرى أن تذهب إلى طبيب نفسي، سوف يقدم لك المزيد من المساندة والإرشاد، كما أنك بالفعل محتاج لتناول أحد الأدوية النفسية السليمة والمضادة للمخاوف، وعقار (اسيتالوبرام) والذي يعرف تجاريا باسم (سيبرالكس) سيكون مفيدا جدا لك، وأنت محتاج له لفترة قصيرة جدا.

تبدأ بخمسة مليجرام -أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام- يوميا لمدة عشرة أيام، ثم تجعل الجرعة عشرة مليجرام يوميا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة عشرة أيام، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة عشرة أيام، ثم تتوقف عن تناوله.

دواء سليم وممتاز جدا، وإذا اختاره لك الطبيب فهذا خير إن شاء الله، وإن اختار دواء آخر أيضا إن شاء الله تعالى يكون لك فيه خيرا.

يجب أن تعيش مع هذا الواقع، الواقع هو أن الحياة فيها الخير وفيها الشر، وهنالك الصحة والعافية وهنالك المرض، ولا تنسى الدعاء، الدعاء مهم جدا، أذكار ما بعد الصلاة، أذكار الصباح والمساء، هذه كلها إن شاء الله حافظة وتبعث طمأنينة في نفس الإنسان وحياته.

عليك أيضا ألا توسوس حيال الأمراض السرطانية، هي موجودة، وموضوع الوراثة في هذه الأمراض أمر فيه الكثير من الخلاف، لكن يمكنك مثلا أن تجعل لنفسك فحوصات دورية، مرة كل ستة أشهر، أو مرة كل ثلاثة أشهر، أو مرة كل أربعة أشهر، وهذا غالبا يتم عن طريق طبيب الأسرة. الآن حقيقة الطب الوقائي حيال الأمراض السرطانية تقدم جدا، مثلا بالنسبة لسرطانات القولون: يعرف تماما أن أي إنسان بعد الأربعين يجب أن يذهب ويفحص البراز، وفي بعض الأحيان قد تكون هنالك حاجة لإجراء منظار كل ثلاث سنوات للقولون.

الحمد لله الأمر فيه الآن كثير من الانفراج من حيث الوقاية من كثير من السرطانات، سرطان الثدي عند النساء - وهو كان القاتل الأول للنساء - الآن الحمد لله تعالى تم احتواؤه لدرجة كبيرة، وذلك من خلال إجراء الفحوصات الوقائية، التصوير عن طريق الرانين المغناطيسي، أخذ المسحات من قبل المرأة وفحصه، هذا كله حقيقة أدى إلى تغيير كبير في مآلات هذه الأمراض.

وعليك أن تعيش حياتك بصورة طبيعية جدا، ولا تخف، واستحضر قوله تعالى: {قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون}، واستحضر قوله تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله}، وكما ذكرنا عليك بالأذكار الحافظة بإذن الله، خاصة أذكار الصباح والمساء، والتي فيها: (واحفظنا اللهم من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ونعوذ بك أن نغتال من تحتنا)، (اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت). (اللهم إني أسألك العافية) وغيرها من الأدعية والأذكار، ومن كلام النبي صلى الله عليه وسلم: (من تصبح كل يوم سبع تمرات عجوة، لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر)، (من أكل سبع تمرات مما بين لابتيها حين يصبح، لم يضره سم حتى يمسي).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لنا ولك العافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.

مواد ذات صلة

الاستشارات