أنا حزينة بسبب تأخري في الحمل، فكيف أتصرف؟

0 13

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

متزوجة منذ خمس سنوات، وشاء الله عزوجل أن يتأخر الحمل، ونحن حتى اللحظة لا نعلم السبب الرئيس، قلبي يؤلمني وأحزن على زوجي، لأنه قارب الأربعين وإلى الآن لم يصبح أبا، أخاف أن يحتاج يوما ما أن يتزوج لكي يلبي فطرته بتكوين ذرية، رغم أنه لا يزعجني ولا يحملني مسؤولية هذا التأخر، ودائم القول أن الله لم يأذن بعد، وأنه راض، لكن كلام الناس، نظراتهم، تعليقاتهم، سؤالهم الدائم والمتكرر، يجعل الصبر لدي في نقصان مستمر.

أخاف أن أظهر حبي لطفل ما كي لا تخاف والدته من الحسد، أستغفر الله، عقلي دائم المقارنة أن فلانة تزوجت بعدي بسنين وأنجبت -ما شاء الله-، والله لا أحسدهم، وأدعو الله لهم بدوام النعم، لكن أنا حزينة وأشعر بالنقصان وتأنيب الضمير، ما يزيد ألمي أننا لا نعلم ما السبب، ما هذا العقم غير المبرر، ادعوا الله لي، وأنجدوني بآيات تنزل السكينة على قلبي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هدى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والتواصل مع الموقع، ونسأل الرزاق أن يرزقكم، وأن يلهمكم السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

لا يخفى عليك أن هذا الكون ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، وأن علينا جميعا أن نفعل الأسباب ثم نتوكل على الكريم الوهاب، فاجتهدا في بذل الأسباب، واستغفرا الله تبارك وتعالى، الذي يقول: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا} ما هي الثمار المرجوة من وراء هذا الاستغفار؟ قال: {يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وينين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا}، وأكثرا من ترداد دعوة نبي الله زكريا عليه السلام: {رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين}، ومن دعائه: {رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء}، ودعوة عيسى عليه السلام: {وارزقنا وأنت خير الرزاقين}، ودعوة إبراهيم عليه السلام: {رب هب لي من الصالحين}.

هذه الأدعية نافعة بإذن الله، من واظب عليها سيجد ثمرتها بإذن الله، ثم عليكما بعد ذلك ببذل الأسباب المعروفة، من تحري الأيام التي يكون فيها التبويض، وهذه تستفيدين منها باستشارة الطبيبة المختصة، ولا مانع من زيارة المختصين والمختصات من الأطباء والطبيبات، ثم عليكما بعد ذلك أيضا بكثرة اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، فإن الأمر بيد الله تبارك وتعالى.

وأرجو أن تعلمي أن نعم الله مقسمة، وأنت ولله الحمد سعيدة، ويبدو أنك موظفة، وبصحة جيدة، وكذلك زوجك راض! هذه نعم من الله، ونعم الله مقسمة، والكريم سبحانه وتعالى إذا أخذ من إنسان شيئا أو حرمه شيئا فإنه يعوضه بأشياء، فاعرفي ما أنت فيه من النعم، ويعرف زوجك ما تفضل الله به عليه من الهبات، ثم اشكرا الله على ما عندكما، فإن الشكر يجلب المزيد، الشكر هو الجالب للنعم وهو الحافظ للنعم أيضا من الزوال.

ولا تهتمي بكلام الناس أو تغتمي له، فإن رضا الناس غاية لا تدرك، وكلامهم لا ينتهي، والعاقلة مثلك الفاضلة تجعل همها إرضاء الله، فإذا رضي الله تبارك وتعالى أرضى عنكما الناس، واعلمي أن والدة الزوج وأن الزوج وأننا جميعا ينبغي أن نرضى بما يقدره الله تبارك وتعالى، وهو الخير. قال عمر بن عبد العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار)، قال الفاروق عمر: (لو كشف الحجاب ما تمنى الناس إلا ما قدر لهم).

فلا تغتمي ولا تهتمي لأمر ليس بيدك ولا بيد زوجك، ولكن توجها إلى الوهاب الرزاق سبحانه وتعالى، وكما قلنا: ابذلا الأسباب المادية والأسباب المعنوية، وذلك بمراجعة المختصين وبذل كل الأسباب التي يمكن أن تعينكما على تحقيق هذا الذي ترغبان فيه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعوضكما خيرا، وإذا ذكرك الشيطان بما تفقدين فتذكري ما وهبك الله، واشكري الله تبارك وتعالى، واعلمي أن هم الشيطان أن يحزن أهل الإيمان، فعاملي عدونا بنقيض قصده، ولا تجهدي نفسك في التفكير، ولا تنظري إلى ما عند الناس، ولكن انظري إلى ما أنت فيه من النعم كما قلنا.

ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعلنا وإياكم ممن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يملأ قلبك سكينة وطمأنينة وراحة، وأن يلهمكما السداد والرشاد، وأن يملأ بيتكما بالأبناء الطيبين الصالحين، ويملأ أيديكما وبيتكما بالمال، وأن يلهمكما السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات