أعاني من قلق، وأفكار متكررة غريبة، ما العلاج؟

0 11

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب أبلغ من العمر ١٨ سنة، تراودني أفكار غريبة ومتكررة، بدأت هذه الأفكار تأتيني عندما كنت في عمر ١٦ سنة، وتحسسني هذه الأفكار بأن الماضي وهم، وكل شيء حدث معي أو يحدث معي بأنه مجرد حلم ووهم، وتجعلني أحس بأنني بعيد عن الله، مع أنني شاب صالح قريب من الله.

هذه الأفكار المخيفة بدأت معي في عمر ١٦ سنة، عندما كانت تراودني في البداية كنت أخاف وأقلق وأحس بضيق تنفس، لكن الآن وبعد مرور هذه السنين خفت بعض الأعراض، ووصلت لمرحلة لا يهمني شيء، فلا أحس بطعم الحياة مثل السابق، لا يوجد شيء يبهرني ويسعدني، والأشياء التي كنت أقوم بها وتفرحني أصبحت أشياء عادية، وبدأ شغفي بها يخف، وأصبحت الأشياء الصغيرة والكبيرة تحسسني بأنها عائق علي، ويصعب القيام بها.

أحس أنه ليس لدي نشاط، وأقوم بالأشياء بصعوبة، والأفكار ملحة ومتكررة، وتحسسني أنني أعيش في حلم أو وهم، وتثبط إمكانياتي وتزيد مخاوفي، فلم أعد أجد شيئا يفرحني كالسابق.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ السائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابننا الكريم- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، وإنما شفاء العي السؤال، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يعيد لك السكينة والطمأنينة، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وأرجو أن تعلم أن الإنسان ينبغي أن يتذكر الغاية التي خلق لأجلها، قال العظيم: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}، فاعلم أنك تسير في طريق فيه الخير طالما أنت قريب من الله تبارك وتعالى، ولن يضرك بعد ذلك تلك الأفكار السالبة التي يأتي بها الشيطان، لأن الشيطان تعهد أن يقعد للناس في صراط الله المستقيم، بمعنى أن هذا العدو لا يذهب إلى من يريد الخمارة، من يريد المعصية، ولكن يذهب ويجلس في طريق من يريد الطاعة، من يريد التقرب إلى الله -تبارك وتعالى-.

فتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وانصرف إلى المعاني العالية والقيم الرفيعة، واهتم بمعالي الأمور، وابتعد عن سفاسفها، كما هو التوجيه الشرعي للمؤمن الذي ينبغي أن يدرك أنه لم يخلق عبثا ولم يترك سدى، وأرجو أن تأخذ الأمور حجمها الحجم الكبير -يعني أمور الطاعات- وأمور الدنيا لا مانع من أن تأخذ حجمها المناسب، لأن الدنيا بما فيها ومن فيها متاع قليل، لا تزن عند الله جناح بعوضة، ومع ذلك المؤمن ينبغي أن يأخذ من الدنيا ما يعينه على الآخرة، ولكن التركيز على الغاية التي خلقنا لأجلها، والمهمة التي خلقنا الله -تبارك وتعالى- لنقوم بها، وهي عبادة الله -تبارك وتعالى-، وعمارة هذا الكون بما يرضي الله.

وحتى تتخلص من الأفكار السالبة ننصحك بما يلي:

أولا: الدعاء والتوجه إلى الله -تبارك وتعالى-.

الأمر الثاني: شغل النفس بالمفيد.

الأمر الثالث: وضع النفس مع رفقة صالحة، تذكرك بالله إذا نسيت، وتعينك على طاعة الله -تبارك وتعالى- إن ذكرت.

الأمر الرابع: مطاردة هذه الأفكار السالبة لأول ورودها، كما قال ابن القيم: "طارد الخاطرة قبل أن تتحول إلى فكرة، وطارد الفكرة قبل أن تتحول إلى هم، وطارد الهم قبل أن يتحول إلى إرادة، وطارد الإرادة قبل أن تتحول إلى عمل". أنا أقول: حتى لو وقع الإنسان في مخالفة ينبغي أن يعجل بالتوبة لله نصوح، فإن التوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

وينبغي أن تعطي المهام الشرعية -كالصلاة والصيام، الذي نسأل الله أن يبلغنا إياه- تجعل تركيز على هذه الطاعات وعلى هذه الأمور، فإن الرزق من المعطيات، نحن أمرنا أن نسعى والله تكفل بالرزق، {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه}، وبعد ذلك إذا صلى {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله} ثم قال: {واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون}.

ولذلك نحن نوصيك بكثرة الذكر وكثرة الاستغفار وكثرة الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فإن في ذلك ذهاب للهموم وذهاب للغموم، ونؤكد أن هذا الشعور الذي دفعك للكتابة إلينا هو البداية الصحيحة لمسيرة التصحيح، فتوكل على الله واستعن به، وضع لنفسك برنامج تمشي عليه، واجعل مواعيد الصلاة هي أركان هذا البرنامج الذي ينبغي أن تعطي فيه النفس حظها وحقها من الطعام وحقها من النوم والراحة، ثم عليك أن تهتم ببر الوالدين، والتواصل معهم، ثم عليك أن تجعل لك وردا قرآنيا، تحافظ على الأذكار، تعمل الأعمال المفيدة، تجتهد في دراستك إن كنت طالبا، تجتهد في عملك إن كنت موظفا، المهم يجتهد الإنسان في أن ينظم حياته، فإن الأفكار والشيطان وشياطين الإنس لا يجدوا فرصتهم كما يجدوها مع الفارغ الذي ليس عنده عمل، ليست عنده أشياء تشغله.

كذلك أيضا مسألة المواهب والهوايات، اجتهد فيما عندك من قدرات، وسخر هذه الملكات وهذه المواهب فيما يرضي رب الأرض والسماوات، وفيما يعود عليك وعلى الأمة والناس بالنفع، فخير الناس أنفعهم للناس.

سعداء بتواصلك، ونتمنى أن يكون التواصل بعد أن تتخذ الخطوات التي أشرنا إليها، ولا تقف أبدا أمام الماضي، والأفكار السالبة، إذا تذكرتها، إذا جاءك بها الشيطان تجاوزها، وانظر إلى الأمام، واستقبل حياتك بأمل جديد وبثقة في ربنا المجيد -سبحانه وتعالى-.

مواد ذات صلة

الاستشارات