خوفي من الأشباح والجن أوقف حياتي!

0 16

السؤال

السلام عليكم.
أرجو منكم أن تساعدوني فقد بلغ مني الضيق مبلغا.

كان عندي وساوس في الطهارة وتعافيت منها ولله الحمد، الآن أصبح عندي خوف شديد من الأشباح والجن أثر كثيرا على حياتي وعلى حفظ القرآن وطلب العلم، حتى على دراستي الدنيوية، لا أستطيع أن أعبر لكم عن حالتي وكيف علاقتي بالله تأثرت كثيرا وخائفة أن أنحرف، وكل هذا بسبب الخوف من الأشباح والجن، انعدم تركيزي في كل شيء، وأنا أدرس الطب، لكنني لا أستطيع التركيز في مذاكرتي، ورسبت وعلى وشك الفصل من الجامعة، وكل هذا بسبب المخاوف!

أنا لا أتخيل شيئا ولا أرى شيئا ولا أحلم مثلا بأي شيء، لكنه خوف من شيء ربما ليس موجودا أصلا، لكنني لا أعرف كيف أخرج هذا الشيء من عقلي، كيف أطرد هذا الخوف من عقلي؟ كيف أعود لحياتي وأرجع لحفظ القرآن وطلب العلم مرة أخرى؟ عندما يقنعني أحد أن هذه الأشياء ليست موجودة، وأن هذه مجرد أوهام في عقلي أو أن القرآن والأفكار سيحفظونني لا أقتنع ولا أصدق شيئا! وأقول ما أدراكم ربما أنا على صواب وأنتم على خطأ! صدقا عندما أقتنع بشيء لا أستطيع أن أنزعه من عقلي أو أصدق الناس، بل دائما أكذبهم وأصدق عقلي وما أفكر فيه! لقد تعبت كثيرا من خوفي، ومن ضعفي، ومن نفسي الأمارة بالسوء، ومن عمري الذي يضيع في الخوف من الأشباح والجن التي ربما غير موجودة!

حاولت استشارة طبيب نفسي لكن لم أجد غير طبيبة نصرانية في بلدي فرفضت الذهاب، ويوجد كثير من الأطباء الرجال لكنني رفضت أيضا؛ لأنني أستحي من التحدث مع الرجال.

لقد خسرت آخرتي ودنياي ولا أعلم كيف السبيل والمخرج من هذا الخوف، ولا تقولوا لي حافظي على القرآن وأذكار الصباح والمساء وكل هذا؛ لأنني أفعل ذلك ولا أعتقد أن هذا يهدئ من روعي أو سيزيل مخاوفي، لا أعلم هل أنا كفرت بهذه الكلمات أم ماذا! لكنني تعبت كثيرا بالله، وتعبت من الصراع هذا ومن الخوف هذا!

أرجو أن تساعدوني فأنتم آخر أمل بالنسبة لي، فأنا حاليا في هم وغم وكدر، وهذا الخوف جعل حياتي شبه متوقفة.
والسلام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أبرار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.

هذا الموضوع في غاية البساطة، أنا أقدر مشاعرك جدا، وأعرف أن المخاوف المكتسبة - خاصة حول الغيبيات - مزعجة لأصحابها جدا. هذا نوع من الخوف الذي يجب أن يحقر، والإشكالية التي لديك هو أن مخاوفك تدعم وتعزز من خلال الوسوسة، فأنت مثلا حين يقول لك من حولك (هذه مجرد أوهام) وتطرأ عليك الفكرة الوسواسية وتقولي: (ما أدراكم ربما أنا على صواب وأنتم على خطأ)، هذا وسواس ولا شك في ذلك. والوساوس لا نهاية لها أبدا، ولا يمكن أن نخضعها لأي نوع من المنطق.

أريدك أن تقتنعي قناعة كاملة أن الإنسان مكرم، وأن الإنسان في حفظ الله تعالى، ونحن كلنا نعتمد على الأذكار - أذكار الصباح والمساء - ومجرد التدبر والتأمل في هذه الأذكار يزيل الخوف عن الإنسان ولا شك في ذلك، من تلك الأذكار: (بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم) ثلاث مرات، ومنها: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ثلاث مرات، ومنها (اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي، وآمن روعاتي، واحفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي)، هل هذه لا تكفي؟ أعتقد أنها تكفي لمن يتدبرها.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: إذا تحقير هذه الأفكار هو العلاج الأساسي.

الجن موجود والأشباح موجودة وكل هذا موجود ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك إلا من أنكر وجود الشمس في ضحاها، لكن الإنسان أكرم، والإنسان أقوى، والإنسان في حفظ الله، لأن الله خير حافظا، وهو أرحم الرحمين، له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله.

أنا أراك محتاجة لعلاج دوائي ولا شك في ذلك، لأن مخاوفك ذات طابع وسواسي، محتاجة لأحد الأدوية المضادة لقلق الوساوس والمخاوف. من أفضل الأدوية العقار الذي يعرف باسم (سيبرالكس Cipralex) هذا هو اسمه التجاري، واسمه العلمي (اسيتالوبرام Escitalopram)، الجرعة في حالتك هي أن تبدئي بنصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام - أي تتناولي خمسة مليجرام - وهذه هي جرعة البداية، استمري عليها لمدة عشرة أيام، ثم اجعلي الجرعة عشرة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم عشرين مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام يوميا لمدة شهرين آخرين، ثم خمسة مليجرام يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

السيبرالكس دواء رائع، وهو سليم، وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية أبدا، وهو قطعا قاهر للمخاوف والوساوس.

أيتها الفاضلة الكريمة: كوني إيجابية في تفكيرك، وإيجابية في حياتك، واجتهدي في دراستك، ولا تتوقفي عن حفظ القرآن أبدا، واحرصي على ما ينفعك، واستعيني بالله ولا تعجزي، واستمتعي بحياتك بصورة إيجابية، أنت صغيرة في السن، والله تعالى حباك بكثير مما هو طيب وجميل. كوني بارة بوالديك، لأن بر الوالدين يعزز الثقة في النفس. ابني صداقات طيبة وجميلة مع الصالحات من البنات، وأحسني إدارة وقتك، فهذا أمر مهم جدا. ومارسي أي رياضة تناسب الفتاة المسلمة، فهي إن شاء الله فيها فائدة لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات