أسترسل مع أفكاري الوسواسية ولا أستطيع التوقف.. أرشدوني!

0 11

السؤال

السلام عليكم

منذ سنين كان يأتيني وسواس في الوضوء والعبادات، ونجحت في التغلب عليه بتجاهله وعدم تكرار الأفعال، ولكن ومنذ شهرين وبعد أن قمت بخطبة فتاة وعقدت عليها عقدا شرعيا شفويا، بدأت تأتيني وساوس لا نهائية، تارة في الطلاق، وتارة في العقيدة، وتارة أخرى في الرسول.

بدأت أبحث عن أجوبة في النت، وقرأت العديد وربما المئات من الفتاوى في هذه المواضيع، ولكن هذه الوساوس لا تنفك عني.

وصل بي الحال اني لا أتذكر يوما واحدا سعدت به منذ شهرين، ومشكلتي أنني أسترسل مع أفكاري رغم أنني قرات مرارا أنه يجب علي عدم الاسترسال ولكني لا أقدر، تلقائيا أجد نفسي أفحص الفكره وأتخيلها، وأحيانا أنسى كل طرق تعاملي مع الوساوس كالتجاهل وغيره.

وصلت لتخيلات فظيعة حول الله -سبحانه وتعالى- توجهت لطبيب نفسي وشخص حالتي باضطراب القلق والوسواس القهري ووصف لي أدوية مضادة للاكتئاب ودواء باسم ريزبردون. كل هذه الافكار هي بصدري ولم أتلفظ بها، وقرأت فتاواكم جميعها تقريبا، والأحاديث التي تنتج عن عدم مؤاخذة الشخص ما دام لم يتكلم أو يعمل، ولكن ما يخيفني هو أن تكون هذه الأفكار قد استقرت في قلبي؛ لأن الاعتقاد عمل القلب.

مثلا صليت الفجر ورجعت لأنام فإذا بي أتخيل أن رجلا ما هو الله، فتعبت ولم أقاوم، ولكن لم أتلفظ، وبعد ثوان بدأت بمحاربة الفكرة لكي أرتاح، فهل إذا فكرت في الفكرة يعني أنها استقرت، هل أنا كافر؟

ماذا عن عقدي على خطيبتي التي لم أدخل بها هل طلقت بهذا الفعل؟ أخاف أن أكفر، وأخاف أن أفضح بين الناس، فأنا معروف بأدبي وخلقي، والناس تحبني، ولكنني كرهت كل شيء بحياتي الآن.

ذات مرة فكرت لماذا الطلاق مرتان؟ فشعرت بأنني كرهت ذلك، هل بذلك أكون ممن كره حكما شرعيا فأكون كافرا؟ علما أنني والله أحب ديني، وأريد أن أعيش بحسبه، ووفق أوامر الشرع.

واذا كنت قد وقعت في الكفر فكيف أضمن عدم حصوله مجددا غدا وبعد غد..إلخ؟ فبالتالي خطيبتي يمكن أن تطلق عددا لا نهائيا نتيجة لهذه الأفكار.

أستحلفكم بالله أن ترشحدوا قلبي، أريد أن أشعر بالراحة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فادي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

أخي: هكذا تكون الوساوس، الوساوس ذكية جدا، تتحايل على الناس، تغلق أنت أمامها بابا تفتح لك بابا آخر، تنتقل إلى غيرها إذا استرسلت فيها، ولكن الإنسان يستطيع أن يتغلب عليها، فالمؤمن كيس فطن.

وساوسك معظمها وساوس أفكار، والوسواس أخي الكريم -كما يعرف-: هي فكرة سخيفة، تفرض نفسها على الإنسان، تؤلمه، يحاول التخلص منها، لكنه يجد صعوبة في ذلك، وعلماؤنا الأفاضل أفتوا بأن صاحب الوساوس هو من أصحاب الأعذار.

فيا -أخي الكريم-: كل الأسئلة التي طرحتها والتي تأتيك والتي طرأت عليك إجابتها واضحة جدا، وهي أنها أفكار وسواسية لا يعتد بها، وليس لها أي قيمة شرعية، وأنصحك حقيقة ألا تخوض في هذه الفتاوى وتتنقل من فتوى إلى فتوى، هذا -يا أخي- قد يؤصل الوسواس في بعض الأحيان، وقد يزيد من إلحاحه واستحواذه، فأرجو أن تنتهي عن ذلك، ولا تتنقل بين الفتاوى، هذه نصيحتي لك.

ومن الواضح أنك -ما شاء الله تبارك الله- رجل ملتزم بدينك، فاحرص على أداء عباداتك، وعش الحياة بفكر إيجابي، بعيدا عن الوسواس.

هنالك ثلاث تمرينات سلوكية يمكنك أن تطبقها على هذه الوساوس:

أولا: قم بكتابة هذه الوساوس، ابدأ بأقلها شدة وحدة، وانته بأشدها.

ثانيا: طبق التمرين الأول السلوكي على كل فكرة.

ثالثا: التمرين الأول يسمى (إيقاف الأفكار) وهو: أن تخاطب الفكرة مباشرة قائلا: (أقف، أقف، أقف، أنت فكرة حقيرة)، تكرر هذه المقولة، وكأن الفكرة تقف أمامك، كرر هذه المقولة حتى تحس بالإجهاد أو لمدة دقيقتين.

رابعا: انتقل إلى التمرين الثاني وهو تمرين (صرف الانتباه)، وهذا تمرين بسيط جدا. بدل الفكرة الوسواسية أريدك أن تنتقل من هذه الفكرة إلى فكرة أفضل منها، فكرة أكثر نفعا، مثلا: تأمل في التنفس لديك، كيف أن الأكسجين يدخل الجسد وينتقل عن طريق الدم، وما هو فوائده، وما هي أعضاء التنفس وهكذا، ثم قم بعد ذلك بعد التنفس لديك لمدة دقيقتين مثلا، وتأمل في خلق الله العظيم: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب}، الذين يعملون عقولهم ويتفكرون ويذكرون الله تعالى. هذه الفكرة سوف تعلوا على الفكرة الوسواسية، وبالتالي سوف تضعف الفكرة الوسواسية وتتلاشى -بإذن الله تعالى-.

خامسا: ثم انتقل إلى التمرين الثالث، وهو تمرين (التنفير)، وهو تمرين جيد جدا، ومن خلاله تربط الفكرة الوسواسية بعمل أو فعل أو شعور منفر لها، مثلا: أن تقوم بالضرب على يدك بقوة وشدة شديدة حتى تحس بالألم، وفي ذات الوقت تستجلب الفكرة الوسواسية. الربط ما بين الفكرة الوسواسية وإيقاع الألم على الذات يضعف الوسواس، لأن الأشياء المتنافرة لا تلتقي في حيز فكري واحد.

تكرر هذا التمرين الثالث عشرين مرة متتالية، وتطبق هذه التمارين الثلاثة على كل فكرة بمعدل مرة إلى مرتين يوميا، وبعد أسبوعين من المفترض أن تختفي هذه الوساوس تماما.

وقطعا العلاجات الأخرى تتمثل في ممارسة الرياضة، وتطبيق بعض تمارين الاسترخاء، وإسلام ويب لديها استشارة رقمها (2136015)، حاول أن تتطلع عليها، وسوف تجد فيها بعض الإرشادات المفيدة، كما أنه توجد برامج كثيرة جدا على اليوتيوب توضح كيفية تطبيق هذه التمارين.

بعد ذلك - أخي الكريم - أريد أن أنقلك إلى أحد العلاجات الدوائية الفاعلة جدا، وقطعا الدواء الأفضل هو (بروزاك Prozac) والذي يسمى علميا (فلوكسيتين Fluoxetine)، تبدأ في تناوله بجرعة عشرين مليجراما يوميا لمدة أسبوعين، ثم تجعل الجرعة أربعين مليجراما -أي كبسولتين- يوميا لمدة شهر، ثم تجعلها ثلاث كبسولات يوميا -أي ستين مليجراما- لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى كبسولتين يوميا لمدة شهرين، ثم تنتقل للجرعة الوقائية، وهي كبسولة واحدة يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

ويمكن أن تدعم الفلوكستين بعقار (ريسبيريدون Risperidone) بجرعة واحد مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر.

كلا الدواءين من الأدوية السليمة والفاعلة والمفيدة جدا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات