ما أتحصل عليه من مال خلال التدريب يفوق حاجتي، فما قول الشرع في ذلك؟

0 9

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة في الـ 25 من عمري، لم أعمل قط، ولكني الآن في تدريب وأتحصل منه على مال، الشاهد هو أن هذا المال قد يفوق حاجتي، بمعنى لو افترضنا أنني أحصل على 8x، فأنا قد أحتاج فقط شهريا للمواصلات وهكذا إلى 2x، فماذا يقول الدين فيما تبقى؟ هل الأفضل أن أخرجه صدقة لله؟ أم هل أدخر؟ وما النسبة؟ لو هناك تفضيل ديني لهذا الأمر فأنا أخشى على نفسي فتنة المال، خصوصا أنني من الأشخاص الذي لا يدخرون ولا يقومون بحسابة كم صرفوا من المال وهكذا، فأريد نصائح لهذا الأمر لأدبر المال بحسب منظومة شرعية وأتحصن من الفتنة منه.

فأنا أعلم أن الرسول له حديث قال فيه فيما معناه أنه لو كان له مثل جبل أحد ذهبا ما أحب أن يمر عليه 3 أيام وعنده منه شيء، فلست أدري ما هو التصرف الأفضل أو ما هو التصرف الأحب إلى الله أكثر.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أمة الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولا: نسأل الله تعالى أن يزيدك توفيقا وهداية وصلاحا، فإن سؤالك عما هو الأحب إلى الله تعالى والأفضل عنده في التصرف بالمال، وحرصك هذا دليل على حسن في إسلامك، فنسأل الله تعالى أن يزيدك من فضله، وأن يبارك لك فيما أعطاك من الرزق، وأن ييسر لك الرزق الحلال، ويوفقك لما يحبه ويرضاه.

ثانيا: من المعلوم -أيتها البنت العزيزة- حاجة الإنسان إلى المال في هذه الحياة، فهو قوام هذه الحياة، ولهذا أذن الله تعالى للإنسان المسلم أن يكتسب المال الحلال لحاجته إليه، ولكن الله سبحانه وتعالى جعل في المال حقوقا، أول هذه الحقوق الزكاة إذا توفرت شروط وجوب الزكاة، يعني: بأن كان المال يبلغ النصاب، وحال عليه الحول، وتوفرت باقي الشروط، فهذا حق ثابت واضح يجب على الإنسان المسلم أن يحاسب نفسه عليه وأن يخرج الزكاة إلى المصارف التي أمر الله تعالى بصرفها إليه.

الحق الثاني في المال هو: النفقات الواجبة على الإنسان، أولا النفقة على نفسه، وثانيا: النفقة على الأقارب الذين يلزمه أن ينفق عليهم، كالوالدين إن كانوا يحتاجون لنفقة، والأولاد من الأبناء والبنات. وقد تعرض أمورا توجب على الإنسان المسلم أن ينفق شيئا من ماله للمسلمين، في حالات محددة، ولكن الحقان الأولان ظاهران معروفان: الزكاة والنفقة الواجبة.

أما النفقات المستحبة والصدقات فالباب فيها واسع، ويستحب للإنسان أن ينفق وأن يكثر من النفقة المستحبة، لكن ما هو الأفضل؟ هل الأفضل أن يتصدق بجميع ماله أم الأفضل أن يحبسها ويدخر شيئا من ماله؟ الجواب أن هذا يختلف باختلاف الناس، فالأفضل للإنسان في مثل هذا الزمان الذي نعيشه أن يدخر شيئا من المال لحاجاته، حتى لا يضطر إلى سؤال الناس، وحتى لا يفوت ولا يضيع واجبات النفقة على الوالدين والأقربين الذين يلزمه أن ينفق عليهم.

فلهذا نصيحتنا لك أن تراقبي أولا الواجبات الشرعية التي ذكرناها، فتؤدي هذه الواجبات، ثم النفقات المستحبة ينبغي أن تنفقي إذا وجدت قدرة وسعة، لكن بما لا يؤثر على حاجتك، ولا يدعوك إلى أن تمد يدك للآخرين باقتراض أو طلب أو غير ذلك.

لكن قد يوجد في بعض الحالات إنسان يستطيع أن يصبر ويلزم نفسه الصبر، وقد أدى ما عليه من الواجبات التي ذكرناها، فلو تصورنا أن أحدا يتصف بهذه الصفات فهنا يكون التصدق بجميع ماله خير، وأجر يقدمه لنفسه، فإن ثواب الآخرة خير وأبقى، ولكن الإشكال هو هل فعلا يستطيع الإنسان أن يصبر عندما تقع به حاجة إلى المال ولا يجده؟! .. لهذا لا ننصحك نحن بأن تفعلي هذا، وهو التصدق بكل مالك، وهذا الذي أرشد إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرا من الصحابة، فلم يدعهم يتصدقون بجميع المال، فيكفيك أن تراقبي أداء الواجبات، وأما المستحبات فلك أن تتصدقي بما لا يضر حاجتك أنت.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات