هل ما أعاني منه مجرد اكتئاب؟

0 9

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة الآن، وقد كنت من المتفوقين طيلة مسيرتي الدراسية، المشكلة أني منذ بداية المراهقة وأنا أعاني من القلق خاصة في أوقات الامتحانات، ذهبت لطبيب نفسي، وقد شخصت بالاكتئاب والقلق، لكني امتنعت عن اقتناء الأدوية لأني خفت من تدهور حالتي.

وحدث ما كان متوقعا من قبل الطبيب تدهورت حالتي، ولم أعد أستطع الدراسة كما يجب، فقدت كل أصدقائي، وبت أفضل العزلة وطبعا فشلت في امتحان الباكالوريا، ولم أستطع أبدا نسيان ما حدث، خاصة وأني بت أخاف الامتحانات، وأرهب تكوين الصداقات، أخاف التجمعات، فقدت الثقة في نفسي، وخسرت الكثير من الوزن، بت أعاني من هلاوس أثناء النوم من وقت لآخر، ولم أعد أطمح لفعل شيء في حياتي كما في السابق؛ حتى أبسط الأشياء مثل ممارسة الرياضة أو الخروج لاقتناء ضروريات حياتية، باتت ترهقني وتستهلك جل ما أملك من الطاقة.

أنا أشعر بالتشتت وفقد التركيز في أغلب النشاطات، عدت مجددا لطبيب نفسي فوصف لي فلوكستين 20 mg صباحا وأولانزابين 5 mg ليلا لمدة شهر ثم 2.5mg، شعرت بتحسن أول شهر، ثم أصبح هنالك صوت بداخلي يقول: أنا أكرهك، وأشعر فعلا أني أكره نفسي، هذا إلى جانب النسيان والتوتر الدائم، وأحيانا العدائية اللامبررة، عدت إلى الطبيب فألغى الفلوكستين وأبقى على الأولانزابين بجرعة 5mg ليلا مع حبة omega 3 صباحا، ودائما ما أشعر أن المشكلة متشعبة أكثر من ذلك، يعني ليس مجرد اكتئاب، أرجو الإفادة، وآسفة على الإطالة.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أنا أعتقد أن حالتك تندرج تحت المخاوف ذات الطابع الوسواسي، وربما يكون لديك شيء من عسر المزاج أيضا، وهو درجة من الاكتئاب البسيط وليس أكثر من ذلك.

أنا أعتقد أن أفضل العلاجات الدوائية بالنسبة لك سيكون تناول عقار (سيرترالين) هو أفضل من الـ (فلوكستين) الذي أوقفه الطبيب. عقار (أولانزبين) جيد وممتاز، لكن لوحده لن يعالج المخاوف والتوترات التي تعانين منها، فسيكون من الجيد أن تظلي على الأولانزبين بجرعة خمسة مليجرامات ليلا، وتبدئي في تناول عقار (سيرترالين) والذي يسمى تجاريا (لوسترال) و(زولفت)، وربما يوجد تحت مسميات تجارية أخرى في بلادكم، ويمكن استشارة الطبيب الذي يقوم بعلاج حيال هذا الدواء.

جرعة السيرترالين هي أن تبدئي بنصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجراما من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجراما، تتناولينها يوميا في الصباح لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعلي الجرعة حبة كاملة - أي خمسين مليجراما - يوميا، وبعد شهر اجعلي الجرعة مائة مليجرام يوميا، وهذه هي الجرعة العلاجية الوسطية، علما بأن الجرعة الكاملة هي مائتين مليجرام في اليوم - أي أربع حبات - لكنك لن تحتاجي لهذه الجرعة -إن شاء الله تعالى-.

استمري على مائة مليجرام لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى خمسين مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول السيرترالين، واستمري على الأولانزبين حسب ما يرشدك الطبيب.

الـ (أوميجا 3) لا بأس به، لكن لا أعتقد أنه ذو جدوى أساسية في حالتك هذه -مع احترامي للأخ الطبيب الذي وصفه لك-.

إذا هذا هو العلاج الدوائي. بعد ذلك نتحدث -إن شاء الله- عن بعض العلاجات السلوكية، وأهمها حسن إدارة الوقت، الذي يدير وقته يدير حياته، ومن أفضل طرق إدارة الوقت هي تجنب النوم النهاري، وتجنب السهر، والحرص على النوم الليلي المبكر، والاستيقاظ مبكرا، وأن يبدأ الإنسان يومه بعد صلاة الفجر. هذا وقت متميز ومبارك للجميع، وبعد صلاة الفجر يكون الاستيعاب والتركيز في أعلى درجاته، لأن البكور فيه خير كثير كما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (بورك لأمتي في بكورها) بل دعا ودعائه مستجاب: (اللهم بارك لأمتي في بكورها)، واتضح الآن أن كل المواد الكيميائية الدماغية الإيجابية تفرز في فترة الصباح المبكر، فاستفيدي من هذا الوقت، وقطعا حين تذاكرين مثلا لمدة ساعة قبل الذهاب إلى الجامعة سوف تحسين بانفراج كبير في معنوياتك، وسوف تحسين أن طاقاتك متجددة، وأنه لديك القبول التام لأن تنجزي خلال اليوم.

أنصحك أيضا بممارسة أي نوع من الرياضة تناسب الفتاة المسلمة، كما أن تمارين الاسترخاء - خاصة تمارين التنفس المتدرجة - من أفضل العلاجات التي تتحكم في القلق والتوتر والكآبة والوسوسة، إما عن طريق الأخصائية النفسية أو عن طريق الرجوع لأحد المواقع على اليوتيوب، تعلمي تمارين الاسترخاء هذه التي نوصي بها.

أنا متأكد أنك لو طبقت ما ذكرته لك وتناولت العلاج بالصورة الصحيحة، فسوف ترتقي -إن شاء الله- بصحتك النفسية، وسوف يأتيك -إن شاء الله- الانبساط، والانشراح، والاستقرار النفسي، ويزول الاكتئاب والقلق والتوتر والمخاوف والوسوسة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات