لم أقتنع بتشخيص حالتي بالقلق والوسواس وانتفاء الفصام!

0 13

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كانت لي استشارة قبل هذه وكان رد الدكتور محمد عبدالعليم ردا جميلا ومفيدا جدا، ويشفي الغليل جملة وتفصيلا، فلك مني أجمل تحية يا دكتوري الفاضل.

أخذت بالنصيحة التي أسديتها لي، وقمت بالحجز في عيادة نفسية، وذلك بفضل الله ثم فضلك ثم فضل والدتي أطال الله في عمرها، ذهبت للطبيب النفسي وتحاور معي وقام بسؤالي عدة أسئلة وأجبته عليها، وقام بتشخيص حالتي بالقلق والوسواس، ونفى تماما إصابتي بالفصام، كان نفس التشخيص الذي شخصتني أنت به دكتوري الفاضل، وهذه نقطة إبداع تحسب لك فـلك جزيل الشكر والتقدير.

وصف لي الطبيب دواء الانتابرو بجرعة 5 مج ثم ترفع إلى 10 مج، وأنا حاليا هذا الأسبوع الثاني لي في تناول الدواء أي بدأت بجرعة 10مج هذا الأسبوع، المهم أعلمك صدقا عند خروجي من العيادة لم أكن مقتنعا بتشخيص حالتي، لا أعلم لماذا أشعر أني لم أقل كامل الأعراض للطبيب، وأشعر أن حالتي هي الفصام رغم أني قلت أغلب الأعراض وجوهرها، وشخصت بالقلق والوسواس، أقنعت نفسي أن الطبيب محق، وهو أدرى بعمله.

لكن منذ أسبوعين أعاني من فكرة تكاد قتلي عند نهوضي كل صباح للذهاب للجامعة، أبدأ أشك أن أمي تدخل رجالا للمنزل في غيابنا، أحاول مقاومة الفكرة لكن لا أستطيع لدرجة أني فقدت التمييز بين كون هذا الشك صحيحا أو خاطئا، فعليا منذ أسبوع وهذه الفكرة كل صباح تأتيني، لكن لم توثر على حياتي وعلى علاقتي بـأمي، فـأنا أحترمها جدا وأقدرها، لكن الفكرة تقتلني وأشعر بالحزن تجاه أمي لأني أظلمها بشيء عظيم لم تفعله!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك - يا أخي - على كلماتك الطيبة، ونسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعا، وأنا سعيد جدا أنك قد قمت بالخطوة المهنية السليمة، والتي أسأل الله تعالى أن تعود عليك بنفع عظيم.

مقابلتك للطبيب كانت هامة، وكانت مثمرة، وأكد لك التشخيص أنه نوع من القلق المصحوب بالوساوس، أو الوساوس المصحوبة بالقلق، وأنه لا توجد أي سمات أو أعراض للفصام، فالحمد لله على ذلك.

أخي الكريم: الخطة العلاجية أنا متأكد أنها واضحة بالنسبة لك. الـ (اسيتالوبرام Escitalopram) الـ (انتابرو Entapro) دواء مهم، دواء فاعل، دواء ممتاز، والجرعة العلاجية قطعا هي عشرون مليجراما، الطبيب أعطاك جرعة البداية، ثم الجرعة التنشيطية الوسطية، ثم بعد ذلك سوف تنتقل إلى الجرعة العلاجية، فلا تنزعج أبدا، لا نتوقع تحسنا حقيقيا في هذه المرحلة، التحسن سوف يأتي ويأتي، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.

فأرجو أن تطمئن تماما من هذه الناحية، نعطي الدواء الفرصة الكاملة، البناء الكيمائي الرصين بالجرعة الصحيحة وللمدة الصحيحة، وبعد ذلك طبعا الجرعة الوقائية، ثم جرعة التوقف التدريجي.

بالنسبة للفكرة التي أتتك الآن: هي فكرة وسواسية، وهذه الفكرة فكرة لعينة، فيها شيء من "الخناسية" التي مصدرها الشيطان - والله أعلم - لذا أريدك أن تكثر من الاستعاذة بالله من الشيطان، وأن تكثر من الاستغفار، وأن تقول: (آمنت بالله، آمنت بالله، آمنت بالله)، وأكثر من هذا، كما نصح الرسول -صلى الله عليه وسلم- من اشتكى إليه من هذا النوع من الوساوس، ونصح بأن يقول الواحد منهم (لا إله إلا الله)، ونصح بأن يستعذ الإنسان منها ومن الشيطان، وأن ينتهي عن هذه الوساوس وينصرف عنها، ولا يحاورها، وأن يحقرها، ويتجاهلها، ثم يقول الإنسان (آمنت بالله، آمنت بالله)، فأرجو أن تكثر من ذلك.

الأمر الثاني: طبق على هذا الوسواس القبيح تمارين ثلاثة:

التمرين الأول (إيقاف الأفكار): أن تخاطب الفكرة مباشرة قائلا: (قف، قف، قف) لمدة دقيقتين.

ثم تنتقل للتمرين الثاني وهو (صرف الانتباه) بأن تأتي بفكرة أخرى مخالفة تماما لهذه الفكرة الوسواسية، فكرة تكون أجمل وأعظم ومهمة بالنسبة لك، إذا تكون قد صرفت انتباهك من خلال إتيانك بفكرة أجمل وأفضل.

ثم التمرين الثالث وهو (التنفير): أن تنفر الفكرة الوسواسية من خلال الإتيان بأشياء قد تكون مؤلمة لك جسديا أو نفسيا، وهذا وجد من أفضل التمارين النافعة، ولتطبق ذلك: عليك أن تجلس أمام طاولة، ثم تضرب يدك على سطح الطاولة بكل قوة حتى تحس بالألم، وفي ذات الوقت استجلب الفكرة الوسواسية، تكرر ذلك مثلا عشرين ثلاثين مرة، بمعدل مرتين في اليوم. الربط ما بين إيقاع الألم على النفس واستجلاب الفكرة الوسواسية يضعف الفكرة.

وأنا متأكد أن الدواء -إن شاء الله تعالى- حين يصل إلى فعاليته سوف يفتت، أو سوف يسحق هذا الوسواس تماما.

بالنسبة للفكرة التي أتتك بعد أن خرجت من عيادة الطبيب، أنك لم تقتنع، أو أتتك هذه الفكرة بأنك لست مقتنعا بالتشخيص: هذا أمر شائع جدا لدى الإخوة والأخوات الذين يعانون من الوساوس، الوسواس دائما يشكك، دائما يأتي بعكس ما هو صواب، فهذه الظاهرة عادية جدا، أيضا تعامل من خلال التحقير.

أرى أنك بخير، وسوف تظل على خير -إن شاء الله تعالى-، أريدك أن تكون دائما في جانب التفاؤل، وأن تجعل حياتك مفعمة بالفكر والشعور والفعل الإيجابي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات