تغيرت حياتي في السنوات الأخيرة ولا أفهم سبب هذا التغير

0 9

السؤال

السلام عليكم.

أنا تغيرت في آخر سنتين، وأصبحت لا أحب أحدا، فبعد تجربة عمل مؤلمة أصبحت أريد الكثير من المدح والإيجابيات من والدتي، ولذلك تفاقمت المشاكل، وأصبحت أحس أنني أبغضها، وكلما تضايقني أحب أن أخذ موقفا منها.

أنا لا أفهم سبب هذا التغيير في نفسي، وسبب بغضي لها، وكأنني تغيرت وأصبحت أفهم وأدرك الحياة أكثر، لذلك أحس بأنني لا أحتاج لها، وتكون دائما المشاكل مرتبطة بسبب عدم إعطائي الإيجابيات للتغيرات التي أعمل عليها في حياتي، ولكنني أصبحت لا أشعر بها ولا أهتم بها وبكل ما تقدمه لي، على الرغم من أنها تحبني جدا وهي طيبة جدا، ولكن لا أعرف ما حصل لي، إذ عدم حصولي على الإيجابيات والمدح سبب لي شرخا في قلبي لها، وبغضي لها، وعدم الاكتراث لها، وعدم النظر للأشياء الأخرى التي تقدمها؛ لأنني بحاجة إلى أن تكرمني وتمدحني، وتحث على الإيجابيات التي أعملها في مختلف أمور حياتي، وكأنني أحس أنني أريدها في بعض الذكريات أو المواقف ولكن في أمور أخرى لا، لذلك لا أعرف ما السبب؟

أصبحت لا أكترث لها، كما أنها تقاطعني دائما عندما أتكلم، وهذا أيضا يسبب لي البغض؛ لأنني أكون أتكلم معها في حماس عن التغيرات التي أعمل بها، أنا أحس بأنني أريدها أن تمدحني ولا تقاطعني وتشعرني بأنني أتحسن، أحس أنني أريدها عندما أكون بحاجة لها، وفي أوقات أخرى عندما أكون قوية فأنا أنزعج من عدم مدحها لي ومقاطعتي أثناء الكلام، أنا فعلا مستغربة من عدم اكتراثي لها، وعدم بذل جهد لإعادة إحياء الحب في قلبي لها.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مايا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يرزقك بر الوالدة، وأن يملأ قلبك بحبها، فإن ذلك مما يجلب لك السعادة، ويجلب لك رضوان الله، الذي ربط طاعته ببر الوالدين ورضاه برضاهما، وجعل سخطه في سخطهما، بل قال العظيم: {أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير}.

ونحن سعداء جدا بهذا الوضوح في الطرح، ونتمنى أن تتبدل هذه الأمور، وحقيقة كنا نتمنى أن تذكري لنا كم عمرك، لأن العمر له علاقة بالتغيرات التي تحدث للفتاة، ولكن على كل حال: نحب أن ننبهك إلى أمر في غاية الأهمية، وهو أن الوالدة تظل والدة، مهما فعلنا، ولن نستطيع أن نجازيها، بل إن الشرع يأمرنا بالإحسان للوالدة مهما قصرت ومهما فعلت، حتى لو أمرتنا بأن لا نصلي، وألا نطيع الله، وألا نؤمن بالله؛ فإننا لا نطيعها في المعصية (فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، لكن مع ذلك يقول ربنا العظيم في مثل هذا: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما} ثم قال بعدها: {وصاحبهما في الدنيا معروفا}.

فحق الصحبة وحق البر والاعتراف بالفضل واجب في حق كل أم ولو كانت على غير الإسلام، فكيف بهذه الوالدة التي لم تقصر معك، وأنت تشيري إلى أن لها فضائل، وأنك من تغيرت عليها. ونحب أن ننبهك إلى أن الوالدة والكبار في السن - آبائنا والأمهات - يحبونا جدا، لكن قد يكون هناك إشكال في طرائق تعبيرهم عن الحب، فإننا قد نريد الحب المباشر الواضح الناطق المسموع الملموس المحسوس، وهؤلاء يعبرون عن حبهم لنا، قد تعبر عن حبها لنا بأن تغطينا إذا كان البرد شديدا، وتعد لنا الطعام خوفا على جوعنا، وتتألم إذا مرضنا، وتسعى وتدفع عنا جاهدة كل ما يؤذينا، فالوالدة والدة.

هذه المعاني ينبغي أن تشعري بها، ونحن ندرك أن الفتاة أيضا تحتاج إلى المدح وتحتاج إلى الثناء، ولكن إذا كانت المشاكل تحصل بينك وبينها بين الفينة والأخرى فإن هذا بلا شك مما يعقد الأمور حتى بالنسبة للوالدة، فلذلك أرجو أن تراجعي نفسك، ولا تحملي الوالدة فوق ما تطيق، واعلمي أن الوالدة قد تحتاج إلى من ينبهها إلى ضرورة وحاجة الفتاة، إلى من يمدحها، إلى من يستمع إليها، وأعتقد أنك في مرحلة المراهقة - أو بعدها - وهي مراحل تحتاج فيها الفتاة، ويحتاج فيها الشاب المراهق إلى من يستمع إليه، إلى من يحاوره. ولكن إذا كنت أنت بهذا الوعي والنضوج الذي كتبت به هذه الاستشارة؛ فأرجو أن تبادري إذا تأخرت، وأن تجتهدي إذا قصرت، وأن تقتربي لتكملي هذا النقص، ونسأل الله أن يعينكم على الخير.

وإذا كان هناك مجال من أجل أن تتواصل الوالدة مع الموقع وتكتب ما في نفسها فسوف تجد التوجيهات المناسبة للتعامل معك، لكن على كل حال: تظل الوالدة والدة، ونوصيك بها خيرا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على تصحيح المسار والعودة إلى ما كنت عليه، من القرب من الوالدة، والحب لها، ونؤكد لك أنك ينبغي أن تدركي أن الوالدة ستحتاج إليك فيما تبقت لها من أيام العمر، فأنت الآن في مراحل الشباب، والوالدة تمضي بها سنوات العمر، فلا تتركي والدتك، ولا تبتعدي منها، فهي بحاجة إليك، كما أنت بحاجة إليها، ومن منا يستطيع أن يستغني عن أمه أو يستغني عن أبيه؟!

نسأل الله تبارك وتعالى أن يعيننا على برهم في حياتهم وبعد مماتهم.

مواد ذات صلة

الاستشارات