وسواس الطهارة ومعاناتي معه منذ أكثر من ثلاثين سنة

0 19

السؤال

ا‎لسلام عليكم ورحمة الله
‎جزاكم زالله خيرا، وشكرا لجهودكم.

‎لا أعرف كيف أتخلص من وسواس الطهارة الذي رافقني منذ أكثر من ثلاثين سنة، ‎حاولت بكل الطرق، بالعلاج بالأدوية، لم أستفد، ‎صرت أنسى كثيرا، أحيانا أقوم بتطهير شيء ما، وبعد ثوان أنسى وأقول هل طهرته أم لا؟ ‎وأحيانا تعود بي الذاكرة إلى قصص قديمة جدا، ربما لسنوات، وأفكر هل هذا الشيء طهرته في تلك الفترة أم لا؟ وأدخل في متاهات لا أعرف الخروج منها، ‎وأحيانا أحكم بتنجس شيء، وبعد فترة تراودني أفكار هل كان حكمي صحيحا أم أنه مجرد تشدد ووسوسة.

‎لا أعرف ماذا أفعل، أقضي أوقاتا طويلة بالدعاء والتضرع، عسى ان يشفيني الله تعالى، أحاول التركيز والانتباه، ومع ذلك أقع في الوساوس، أحاول تطبيق فتاواكم، وأن اليقين لا يزول بالشك، ولكن لا أعرف كيف يتغلب علي الوسواس.

أحزن كثيرا لإسرافي في الغسيل والماء وأهدر الطاقات والموارد، وبلادي تعيش أزمة وضائقة على كل المستويات، ‎أنا آسفة، دائما أسئلتي حول هذا المحور، ‎ولكن والله ضاقت بي الأرض بما رحبت، ولا ملجأ إلا إليه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Rami حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك مجددا في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى لك عاجل العافية والشفاء من هذه الوساوس، ونحن ندرك – أيتها الأخت العزيزة – مدى المعاناة والمشقة التي تعيشينها بسبب هذه الوسوسة، فإنها شر مستطير، ولهذا رحم الله سبحانه وتعالى الموسوس، وشرع له أحكاما تخفف عنه هذا العبء وتزيل عنه هذه المشقة.

ومطلوب منك أن تكوني جادة في مجاهدة نفسك في الأخذ بهذه الأسباب التي شرعها الله تعالى لدفع هذه الوساوس، وأهم هذه الأسباب وأعظمها أثرا وأكثرها نفعا هو أن تعرضي تماما عن هذه الوساوس، تجاهدي نفسك وتصبري لعدم التفاعل معها.

ووساوس الطهارة أمرها سهل يسير، هو أن تعلمي بأن الطهارة التي تفعلينها صحيحة، ما دمت مصابة بالوسوسة، فإن الله خفف عنك، فكلما جاءك الوسواس بأنك لم تطهري الموضع الفلاني في الوضوء لا تلتفتي إليه، وإذا جاءك الوسواس بأن الشيء الفلاني تنجس لا تلتفتي إليه، وهكذا.

ويبدو أن الكلام النظري سهل، ولكن الصعوبة والمشقة في التطبيق، هذه الصعوبة والمشقة في التطبيق يخففها عليك ويشجعك على العمل بما قلناه أن تعلمي علما يقينيا أن الله سبحانه وتعالى يحب منكم هذا السلوك، يريد منك أن تعرضي عن الوساوس وألا تفعلي شيئا بمقتضاها، وأن عكس ذلك يكرهه الله ويحبه الشيطان، فإذا تيقنت من هذه المعلومة وعلمت بأن الله تعالى يحب أن تتجاهلي هذه الوساوس، وأنه يسامحك ويعفو عنك ولا يؤاخذك على فرض أن الوضوء ناقص، فإنه تعالى يرضى بهذا الوضوء كيفما كان، ما دمت ممتثلة لأمره وهو اجتناب اتباع الشيطان في الوسوسة.

إذا أيقنت بهذه الحقائق فإنه سيسهل عليك أن تعملي بهذه التوجيهات الشرعية، وبعد ذلك ستتخلصين بإذن الله تعالى من هذه الوساوس، فلست أحرص على الدين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي شرع للإنسان إذا وسوس ألا يلتفت إلى الوسوسة، ولا يعمل بها، والشيطان هو الذي يأتيك بهذه الوساوس ويريد منك أن تتابعيه بحجة الحرص على الدين والاهتمام به والاحتياط له، وغير ذلك من الحجج الشيطانية.

هذا هو لب الموضوع، فإذا أيقنت بهذه الحقيقة وعلمت بأنك لست أحرص على الدين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الطريق الموصل إلى الله وإلى محبته ورضوانه هو الطريق الذي طلب الله تعالى منا أن نسلكه، وليس الطريق الذي نريده نحن.

هذه هي الحقائق التي ينبغي أن تشجعك وتعينك على سلوك طريق التخلص من الوسوسة، فإن الله تعالى غني عن عبادتنا، ليس بحاجة إلى عبادتك، ولن يدخلك الجنة بمجرد العبادة فقط، بل برحمته سبحانه وتعالى، وإنما طلب منك أن تفعلي ما أراده منك، وهو أراد منك ألا توسوسي، وألا تتابعي هذه الوساوس.

فهذا خلاصة الأمر إذا كنت جادة في التخلص من هذه الوساوس، وستتخلصين منها بإذن الله تعالى عن قريب.

أسأل الله تعالى لك عاجل العافية والشفاء، وأن يأخذ بيدك إلى الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات