كيف أتجاوز مشاعري مع الوساوس والأفكار السلبية والخوف؟

0 12

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أريد استشارتكم في أمر حدث معي ولازال يتكرر، أنا طالب عمري 22 سنة، قبل شهرين بدأت معي وساوس قهرية، وأفكار سلبية، ومخاوف من المرض والموت، مع العلم -الحمد لله- أصلي صلاتي، وفي الطريق المستقم.

الكوابيس تراودني في الليل، مع الشعور بالخوف، وأستيقظ في الصباح خائفا، وأرى النبض فوق بطني، مع ألم في اليد اليسرى، وهذه الأيام تلقيت خبر وفاة أبي -رحمه الله-، و-الحمد لله- رزقني الله الصبر، لأني لم أكن أظن هذا اليوم سيأتي، ولا أستطيع تخيله، فعلاقتي معه وطيدة.

لم يتركني الخوف إلى أن أرى أبي -رحمه الله-، وذهبت للروضة من شدة خوفي، وحزنت لأنني لم أعمل الواجب معه وقت الدفن، وهذه الأيام ازدادت مخاوفي والكوابيس بالليل، مع وجود وساوس عن الدين، رغم أنني أحاول تجنبها.

المرجو طرح حلول مناسبة، وأرجو من الله تعالى أن يعافي الجميع، وشكرا لكم جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Berjaoui حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله تعالى لك العافية، ونسأل الله الرحمة لوالدك ولجميع موتى المسلمين.

حالتك -إن شاء الله- بسيطة، كما تفضلت فإنه لديك وساوس قهرية ومخاوف، وهي -إن شاء الله تعالى- من النوع البسيط.

الخوف من الموت والمرض يراود بعض الناس حين تحدث لهم وفيات في أسرهم، وبعض الناس يخافون من الموت خوفا مرضيا، ونحن نقول للناس: الخوف من الموت يجب أن يكون موجودا حتى يدفعنا إلى العمل لما بعده، ويجب أن يكون خوفا شرعيا، بأن تكون قناعة الإنسان مطلقة بأن أجل الله إذا جاء لا يؤخر، وأن أمر الموت بيد الله تعالى، وأن لكل أجل كتاب، والإنسان يسعى لئلا يكون متلبسا بالآثام والذنوب حين يأتيه الموت، بل على العكس تماما يجب أن تكون صفحة الإنسان ناصعة، حريصا على عباداته، مؤديا ما فرض عليه من فرائض، ومنتهيا عما نهي عنه من حرام، وإذا استعد العبد للقاء الله وفرح بلقاء الله فرح الله بلقائه.

فيا أيها الفاضل الكريم: أنت -الحمد لله بخير-، وحريص على صلواتك وفي الطريق المستقيم، وعلى هدى من الله مستقيم، وهذا -إن شاء الله تعالى- يعينك.

من الأشياء الضرورية لصرف الخوف غير الشرعي من الموت هو أن يسعى الإنسان أن يكون فاعلا في حياته، وأن يكون مفيدا لنفسه ولغيره، وأن يحسن إدارة وقته، هذه أشياء مهمة جدا يجب أن تجعلها جزءا من حياتك.

تحقير الوساوس وعدم الخوض فيها، وتجاهلها، وعدم حوارها مهم جدا. بداية الفكرة الوسواسية يجب أن تقابل بكل حزم، حتى يمكن أن تواجه الوسواس قولا، بأن تقول: (أقف، أقف، أقف، أنت فكرة حقيرة، أنت فكرة سخيفة، أنا لن أهتم بك)، وتكرر هذا مع نفسك كثيرا، وتنقل نفسك لفكرة مضادة للوسواس، فكرة جميلة.

فيا أخي الكريم: هذه كلها أساليب منهجية ممتازة جدا لطرد الوساوس وتحقيرها.

وحقيقة: أنا أراك في حاجة لعلاج دوائي، هذا النوع من الوساوس الفكرية يستجيب للعلاج الدوائي بصورة ممتازة جدا، والسبب في أهمية الأدوية – أو بعض الأدوية – لعلاج الوساوس هو أنه قد اتضح أن الوساوس – أيا كان نوعها أو مصدرها – في نهاية الأمر تؤدي أو يكون السبب تغير كيميائي في الدماغ، تغير لمادة تسمى بالسيروتونين، وهي أحد الموصلات العصبية الهامة، وهذه المادة لا يمكن قياسها في أثناء الحياة، و-الحمد لله- تعالى سخر الله العلماء وفتح عليهم بأن اخترعوا أدوية تؤدي إلى تنظيم هذه المادة الدماغية.

وتوجد أدوية سليمة جدا الآن، من أفضل الأدوية التي أراها مناسبة لحالتك لعلاج القلق والوسواس والمخاوف هو العقار الذي يعرف باسم (سيرترالين)، هذا هو اسمه العلمي، وله عدة مسميات تجارية، منها (لوسترال)، و(زولفت) وربما تجده في بلدكم تحت مسمى تجاري آخر.

جرعة السيرترالين هي: الحبة تحتوي على خمسين مليجرام، وأريدك أن تبدأ بتناول نصفها، أي خمسة وعشرين مليجرام كجرعة بداية، فاستمر على هذه الجرعة لمدة عشرة أيام، ثم اجعل الجرعة حبة واحدة يوميا، أي خمسين مليجرام لمدة شهر، ثم اجعلها حبتين يوميا كجرعة واحدة لمدة ثلاثة أشهر، وهذه هي الجرعة العلاجية، ثم خفض الجرعة إلى حبة واحدة يوميا لمدة شهرين، ثم نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات