تأجيلي لإنجاب الأطفال سبب لي حالة نفسية وشعورًا بالذنب.

0 13

السؤال

السلام عليكم.

متزوجة منذ 5 سنوات، ولدي طفلة عمرها 4 سنوات، منذ أن تمت السنتين والجميع يلحون علي بالطفل الثاني، وكنت أرفض رفضا تاما، كنت أشعر أن المسؤولية كبيرة علي، ولم أفكر بأي شيء سوى أنني أريد أن أعيش حياتي قليلا.

مرت السنوات، وفجأة شعرت أنني تأخرت بالطفل الثاني، وأن ابنتي تشعر بالملل، ولا أحد يلعب معها، ومنذ ذلك اليوم وحياتي أصبحت سوداء؛ بسبب الشعور بالذنب الرهيب تجاهها، وتأنيب الضمير، وجلد الذات بأنني كنت السبب في تأجيل الطفل الثاني، تركت الوسيلة ولم أحمل، وأعيش أياما صعبة بسبب وحدة ابنتي.

للأسف لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فبدأت أبحث عن فروق السن بين الأطفال، وأن الفروق تجعل الأطفال غير متقاربين، أصبح تأنيب الضمير يزداد، بكاء وألم نفسي طوال اليوم، أصبحت لا آكل ولا أشرب، أنام بأدوية تسبب النعاس كي أهرب من الإحساس، للأسف تطور الأمر بأني فكرت في الانتحار أنا وابنتي لأتخلص من هذا الواقع، ولكني أتراجع قبل آخر لحظة من الخوف.

مؤخرا بدأت أتمنى في رأسي أن يصيب ابنتي مكروها؛ حتى أتمكن من ولادة أطفال جدد في سن متقارب، ثم انظر لابنتي وأجهش بالبكاء عليها، بدأت أتخيل أن لدي طفلا آخر قريبا من سن ابنتي، ويلعب معها، وينام معها، وأعود لأبكي مرة أخرى، أنا في هذا الوضع منذ شهر، خسرت وزني بسبب التفكير والندم، وأصبحت أقول حتى لو أصبحت حاملا لا توجد فائدة، فالطفل القادم لن يسلي ابنتي، أقرأ القرآن وأستغفر كثيرا، أرتاح فقط وقتها وأعود للتفكير البشع مرة أخرى.

أعرف أن ما حدث حدث، وأن كله بإرادة الله، وأعرف أن حالي أفضل من غيري، ولكن ماذا أفعل بتفكيري، وهل أحتاج لطبيب نفسي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك أختنا الفاضلة في استشارات الشبكة الإسلامية، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يفرج همك ويسعد قلبك.

الواضح أنك حملت نفسك فوق طاقتها، وذلك بتحمل المسؤولية الكاملة لما حدث بخصوص موضوع الإنجاب، أو بالتحديد إنجاب طفل آخر يرافق ويؤانس ابنتك، والأمر لا شك أنه بيد المولى سبحانه وتعالى، وهو الذي أراد ذلك إن كنت أنت السبب أو لسبب آخر، فبعض الناس يريدون تحديد النسل ويرزقهم الله سبحانه وتعالى ما شاء من البنين والبنات، ومنهم من يريد تنظيم النسل كما في حالتك ولا يحصلون على ما يريدون، ومنهم من يبحث عن إنجاب طفل واحد ويدفع مقابل ذلك الكثير من المال، ولم يرزقه الله ما يريد، ومنهم من يتأخر في الإنجاب لسنوات عديدة، ونعلم أنك تؤمنين بكل ذلك.

أما التركيز على أن ابنتك ليس لها أخ أو أخت في هذا العمر؛ ليس معناه أنها لا تتربى أو لا تنشأ النشأة الحسنة، أو أنها ستكون مختلفة عن بقية الأطفال لعدم وجود ما يلاعبها ويسليها، فالأمر ليس بهذه الضخامة وبهذا الحجم الذي تفكرين فيه، فقد ينشأ الطفل بين أبويه ويكون أكثر سعادة من الآخرين الذين ينشؤون وسط إخوة بينهم، وقد يكتسب صفات وسلوكيات حميدة إذا راعى الوالدان ذلك، وهناك العديد من الفرص والوسائل التي يمكن أن تلبي حاجات الطفل النفسية والاجتماعية، ونذكر على سبيل المثال رياض الأطفال والمدارس وغيرها من دور التعليم، ففيها يجد الطفل أقرانه أو من هم في سنه ومن هم مثل جنسه ويقضي معهم أمتع اللحظات، وكذلك اختلاطه بأطفال الأقارب والجيران، والأطفال الذي يمكن أن يلتقي بهم أيضا في الأماكن العامة، إذا تم انتقاء ما هو مفيد منها، وغيرها من مؤسسات التطبيع الاجتماعي، وما أكثرها في هذا الزمان، إذ أن الأسرة ليست هي فقط التي تربي، وإنما أصبحت هنالك وكالات ومؤسسات كثر يستفيد منها الطفل في التربية والتنشئة.

وإذا رزقك الله سبحانه وتعالى بطفل آخر ستكون ابنتك هي التي تساعدك في تربيته والاهتمام به، وستلاعبه وتؤانسه، ولا يعني ذلك أن فارق السن يكون مشكلة، كما نحن كأبوين أو كما في حالة الأبوين كبار في السن، ومع وجود فارق العمر فإنهم يلعبون مع أطفالهم، وهذه ضرورة من ضروريات التربية، أن يلاعب الوالدان ويشاركان طفلهما في أي نشاطات، وهذا لا يمنع أيضا أنك تشاركين ابنتك وهي في هذا العمر العديد من النشاطات داخل وخارج المنزل، سواء باللعب أو بحكايات أو قصص، فيزداد حبها لك وتتعلق بك، وتستطيعين أن تزرعي فيها كل ما هو جميل من القيم والأخلاق الفاضلة بكل سهولة ويسر.

أما ما يعتريك من أفكار سلبية وكراهية للحياة والتفكير في أن تصاب ابنتك بمكروه لأجل أن تنجبي أطفالا متقاربين في الأعمار؛ فهذه الفكرة ينبغي عدم الالتفات لها أو الانشغال بها، لأن الكون له خالق يدبره، ونحن ليس إلا أسبابا في وجود الأطفال، وليس بيدنا شيئا في تخطيط ما يريده الله سبحانه وتعالى، ولا داعي لتأنيب الضمير، واتركي الأمر لرب العالمين، وأكثري من الاستغفار لأنه مفتاح الفرج، وبه يرزقنا ويرزقك الله سبحانه وتعالى الذرية الصالحة إن شاء الله، فما عليك إلا العمل بالأسباب، واستشارة الأطباء المختصين في مجال الإنجاب، فأنت ما زلت في عمر لا يأس فيه من الإنجاب بإذن الله، ولا ينبغي اليأس أبدا من رحمة الله، ويكفينا قدوة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، الذي تربى يتيما وحيدا، وكان خير البشر بعناية الله سبحانه ورعايته، والكثير من العلماء والمفكرين والرؤساء وغيرهم لم يكن فارق السن وبين إخوانهم عائقا في تربيتهم وفي نشأتهم وفي تحملهم للمسؤوليات الجسام، والأمثلة كثيرة.

وختاما نقول لك: إذا استمرت هذه الأعراض فبالضرورة أن تقابلي طبيبا نفسيا، قد يساعدك هذا في علاج دوائي يحسن من حالتك المزاجية الحالية، ويشعرك بالراحة والطمأنينة بإذن الله سبحانه وتعالى، وليس ذلك على الله بعزيز.

وللفائدة راجعي العلاج السلوكي للتفكير في الانتحار: (2240168 - 15807 - 2364663 - 2294112).

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات