هل هذه أعراض انتكاسة أم مجرد قلق شديد؟

0 13

السؤال

السلام عليكم.

عمري 39 سنة، متزوجة، وعندي 4 أطفال، أصبت باكتئاب ما بعد الولادة في ولاداتي الأربعة 3 مرات وتعافيت -والحمد لله- دون اللجوء إلى الطبيب أو أدوية، ولكن في المرة الرابعة قبل عام من اليوم اشتد الأمر علي، وزرت الطبيب، وشخصني باكتئاب متوسط، ووصف لي (سيبرالكس 5 ملغم ثم 10 ملغم) لمدة 9 شهور، تحسنت بشكل ملحوظ -والحمد لله- بعد 3 شهور من البدء في الدواء، وأوقفت الدواء دون الرجوع للطبيب بعد 5 شهور، ولكن قبل أسبوع من اليوم أي بعد مرور عام على الاكتئاب، ومع تعرضي لبعض الضغوط مع الأولاد وفي العمل، بدأت أشعر بعودة نفس الأعراض قلق وتوتر، وفقدان في الشهية، النوم لساعتين فقط يوميا، نوبات قلق وهلع، انقباض بالقلب والعضلات، مع العلم قبل أسبوع من الآن كانت حياتي جدا طبيعية، ولم أكن أعان من أي من الأعراض.

هل هذه انتكاسة الاكتئاب بعد عام أم مجرد أعراض قلق وسيزول؟ وهل علي معاودة زيارة الطبيب؟ وهل علي العودة لتناول (السيبراليكس) مرة أخرى؟

وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ورود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية.
رسالتك واضحة جدا، فقد أحسنت صياغتها وتنسيقها.

حدث لك ما يمكن أن نسميه (اكتئاب ما بعد الولادة) ثلاث مرات، وكانت المعافاة تلقائية الحمد لله في هذه الثلاث مرات، لكن المرة الرابعة اشتدت الأعراض للدرجة التي دفعتك للذهاب إلى الطبيب، وتناولت السيبرالكس، وكانت النتائج رائعة.

هذا هو التاريخ الطبيعي لاكتئاب ما بعد الولادة، بمعنى أن النوبات قد تزداد مع كل ولادة، هذا هو السياق المعروف لدينا، وأرجو ألا يزعجك هذا الكلام أبدا، فحالتك من الواضح أنها مستجيبة للعلاج.

النوبات التي عاودتك الآن بعد أن تعرضت لشيء من الضغوط؛ حقيقة هي ليست انتكاسة، لكنها هفوة مرضية – كما نسميها – أي أنها نوع من مقدمات الانتكاسات، والسبب في هذه الحالة أن العوامل المرسبة التقت مع العوامل المهيئة مما نتج عنه الحالة الإكلينيكية – أي الحالة المرضية – التي تعانين منها، وهي ظاهرة من وجهة نظري بسيطة إن شاء الله.

الأسباب المرسبة هي القابلية والاستعداد التكويني للإنسان، بمعنى أن الموروثات والجينات وبناء الشخصية، طبعا الناس تختلف في ذلك، وبعض الناس لديهم شيء من القابلية لحدوث هذه الأعراض، وحين تأتي الظروف المهيئة – الظروف الحياتية، الظروف البيئية، كالضغط النفسي الذي تعرضت له – هذا ينتج عنه أو تكون المخرجات هي الحالة.

هذا هو التفسير العلمي، وإن شاء الله تعالى هذا مقنع بالنسبة لك. وهذا لا يعني أنك دائما سوف تكونين تحت هذه الهشاشة النفسية نسبة لتكوينك الجيني أو الوراثي أو البناء النفسي لشخصيتك، الإنسان يتطور، قطعا مع مرور الأيام، ويزداد مهارة ومعرفة، وهذا يضعف كثيرا العوامل المرسبة.

بعد هذا الشرع العلمي الموجز أود حقيقة منك أن ترجعي إلى السيبرالكس، نعم، لأن في هذه الحالات المكون البيولوجي موجود وضروري، بمعنى أن الموصلات العصبية في الدماغ قد يكون حدث لها نوع من التغيير، خاصة في مركب يسمى (سيروتونين)، وهذه المادة لا تقاس في أثناء الحياة، فأرجو أن ترجعي لعلاج السيبرالكس، وطبعا إن أردت زيارة الطبيب فهذا أمر جيد جدا، لكن الأمر أيضا بسيط من وجهة نظري.

جرعة السيبرالكس التي تحتاجين لها هي: أن تبدئي بخمسة مليجرام – كما فعلت في المرة السابقة – تناولي هذه الجرعة البسيطة لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك اجعليها عشرة مليجراما لمدة شهر، ثم عشرين مليجراما لمدة شهر آخر، ثم أنقصي الجرعة إلى عشرة مليجراما لمدة شهرين، ثم اجعليها خمسة مليجراما لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين.

هذا هو الترتيب الصحيح لهذا العلاج، ولا تنزعجي لزيادة الجرعة، عشرون مليجراما لمدة شهر، هذه هي الجرعة التحفيزية التنشيطية التي توصلك إن شاء الله تعالى لما نسميه بالإشباع البيولوجي والذي يؤدي إلى تحسن.

هذا هو العلاج، والدواء سليم جدا. بجانب الدواء طبعا أريدك أن تكوني متفائلة، أن تحسني تنظيم وقتك، أن تتجنبي السهر، أن تمارسي أي نوع من الرياضة، أن تكثري من التواصل الاجتماعي الإيجابي، تحرصي على الصلوات والدعاء ... هذا كله إن شاء الله تعالى يفيدك كثيرا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات