أصبحت الحياة مملة بعد إخباري باستحالة تحقق حلمي

0 8

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 14سنة، بدأت أشعر قبل فترة بالملل والتعب من كل شيء، وبدأت أكره الحياة لدرجة أنني فكرت بالانتحار، لكني تراجعت؛ لأني أعلم أنه حرام.

لم أعد كما كنت في السابق، أصبحت أستلقي على السرير طول اليوم وأبكي دون سبب واضح، أشعر بالإرهاق من الحياة والدراسة، وأظن بأني لا أستطيع بذل مجهود؛ لأني أعلم بأن هذه الحياة ليست الحياة التي أردتها.

أشعر بالضياع والفراغ، ولا أعلم من أكون! أغضب باستمرار على نفسي، وأكرهها لدرجة أني أشعر بأنها مذنبة وفاشلة، وتستحق العذاب والعقاب.

لذلك بدأت بإيذاء نفسي، وأشعر أني أريد فقط أن أرتاح لوقت طويل، حتى يحين أجلي؛ لأني لم أعد أريد العيش، وأشعر بأنني دون فائدة؛ لأنني لا أملك موهبة ولا حلما، ولا هدفا في هذه الحياة.

هذا يجعلني أتساءل عن سبب استمراري في العيش، دائما ما أخبر نفسي أني لا أستحق السعادة والعيش، وكل يوم أصارع نفسي وألومها، وما يجعلني خائفة هو المستقبل؛ لأني لست مستعدة لبذل أي مجهود.

لذلك سأفشل وسأخيب آمال والدي هذه المرة، أشعر بأني ضائعة في هذه الحياة؛ لأني كنت أملك حلما وهو دراسة الجامعة في أمريكا والعيش هناك وحدي، لكن أمي أخبرتني أن ذلك مستحيل، وعلي أن أعيش هنا وأتزوج وأنجب أطفالا، رغم أنها تعلم أنني لا أريد حياة كحياتها.

لقد أصبح الأمر يخيفني ويجعلني لا أرغب بإكمال حياتي؛ لأنني لا أريد للمستقبل الذي تريده أمي أن يتحقق، وأنا الآن أقوم من السرير فقط للصلاة.

أرجو أن تفيدوني بحل لاكتئابي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ MONA حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يوفقك لما يحبه ويرضاه.

أولا نقول لك: في مثل هذا العمر تبدأ تتشكل طموحات وأهداف الفرد المستقبلية، وتكون وفقا لما لديه من معلومات ومعارف ومشاهدات، يتم اكتسابها من الوسائل الإعلامية أو الاجتماعية المختلفة، ولكن ليس بالضرورة أن تكون هذه الطموحات أو هذه الأهداف ثابتة حتى بلوغ الفرد عمرا معينا، بل قد تتجدد وتتغير بتجدد وتغير الظروف المحيطة بالشخص، فهناك العديد من الناس بدأ يفكر في الوصول إلى هدف معين ولكن سرعان ما تغير ذلك الهدف، أو تلك الرغبة، أو تلك الخطة بمرور الزمن.

أنت – أيتها الفاضلة – اختزلت كل مستقبلك في أمنية واحدة، هي السفر إلى أمريكا للدراسة والعيش فيها، وبمجرد معارضة الوالدة لهذه الأمنية شعرت بأن حياتك لا فائدة منها، وأصابك الملل والإحباط، وانتابتك الأفكار الانتحارية، فنرجو منك أن تسألي نفسك هذه الأسئلة:

- هل كل من يدرس أو يعيش في أمريكا يكون سعيدا؟
- هل كل من يعيش أو يدرس خارج أمريكا يكون شقيا؟
- أليس هناك العديد من الدول يمكن أن تلبي رغباتك وطموحاتك؟

المقصود من هذه الأسئلة هو ألا تربطي مستقبلك بهدف واحد إذا لم يتحقق يصبح لا فائدة من العيش في الدنيا، فهذا ينبغي أن تراجعي فيه نفسك كثيرا.

هناك العديد أو الكثير من المبدعين والمفكرين والعلماء عاشوا في بداية حياتهم في دول غير أمريكا، وكان لهم الفضل في العديد من الاكتشافات والاختراعات العلمية، أدت إلى سمو مكانتهم وسمعتهم، وبحثت عنهم أمريكا وأغرتهم ليكونوا ضمن طاقمها البحثي والصناعي والعلمي.

لماذا لا تفكرين بهذا المنظور، بأن يبحث الناس عنك ويوفروا لك الفرص وما تريدين من العيش الكريم والسمعة الطيبة في هذه الدنيا؟!

لا تكبلي قدراتك وإمكانياتك ومهاراتك، فأنت ما زلت في عمر تزدهر وتتوقد فيه الأفكار، ويرجى منك الكثير، فلا تغلقي الطريق في بدايته، فما زالت أمامك فرص وزمن للتقييم والدراسة واتخاذ القرار المناسب بخصوص تحقيق هذه الأمنية، فالوالدة – جزاها الله خيرا – لها نظرة، هي أدرى بمصلحتك، ويجب أن يحترم ما تقوله، ويجب أن يوضع في عين الاعتبار، حتى وإن كانت أمنية ولا علم لها بما يدور في العالم أو بالتكنولوجيا أو بالعلوم أو بالثقافة، فربما يأت اليوم الذي تقتنع فيه بفكرتك، أو يأتي اليوم الذي تقتنعين فيه بفكرتها، أو يمكن أن يأتي حل وسط يرضيك ويرضيها، وما فيه مصلحتك الدنيوية والدينية، وليس ذلك على الله بعزيز.

الآن نطلب منك أن تعيشي حياتك بصورة طبيعية، وركزي على دراستك، ولا تشغلي بالك بهذا الأمر؛ لأن وقته لم يحن، ولا ندري ما يحدث في المستقبل، فعلمه عند الله سبحانه وتعالى، فربما تتبدل وتتغير الأمور، وتصير بغير ما هو متوقع، وليس ذلك إلا بعلم الله سبحانه وتعالى، وما على الإنسان إلا أن يسعى في الخير.

وفقك الله وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات