بسبب وسواس مخارج الحروف أصبحت أؤخر صلواتي، فما الحل؟

0 8

السؤال

السلام عليكم.

أنا على وشك ترك الصلاة بالكلية بعد أن كرهتها، وبدأت أؤخر العشرات من الصلوات حتى يخرج وقتها، بعد التزام دام أكثر من 15 سنة؛ بسبب وسواس مخارج الحروف في الصلاة، وفي الفاتحة، والتحيات، حيث من الممكن أن تستمر الصلاة الواحدة لمدة ساعة، فهذا الوسواس أصبح حقيقة، حيث إني أجد صعوبة بالغة بلفظ الكلمات بشكل صحيح.

أعلم أنه يجب ألا أبالي به، ولكن سؤالي هو هل إذا تيقنت الغلط في مخارج الحروف أكمل قراءتي أم أعيد الكلمة؟

حيث إنه يمكن أن أصححها بتكرار واحد، ويمكن أن أكرر الكلمة عشرات المرات لكي ألفظها صحيحة، وهذا يقينا، فهل أكمل مع تيقن الغلط أم أعيد؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى عاجل العافية لك، وأن يزيل عنك هذه الوساوس، ويصرفها، وينجيك من شرها ووبالها.

ونحن نؤكد –أيها الحبيب– على ما ذكرته في سؤالك من أنك تعلم أنه يجب عليك ألا تبالي بها، وهذا هو دواؤها الحقيقي، وليس هناك دواء أنفع منها، فإذا صرفت ذهنك عن التفكير في هذه الوساوس، وصرفت نفسك عن الاشتغال بها، ولم تبال بها؛ فإنها ستزول عنك بإذن الله تعالى.

وإذا أخطأت في صلاتك، في قراءتك وأنت غير متعمد –كما هو واضح جدا من حالتك– فإنه لا يمكن أن تتعمد أنت الخطأ وتقرأ مريدا أن تكون قراءتك على وجه الغلط، فهذا لا يتصور أن يصدر منك في صلاتك، فإذا قرأت ووقعت في خطأ فنصيحتنا لك ألا تلتفت لهذا الغلط وتكمل قراءتك، وتعمل بمذهب فقهاء المالكية الذين يقولون بأن صلاة الشخص اللاحن –يعني المخطئ في القراءة– ما دام غير متعمد فصلاته صحيحة.

ومن رحمة الله تعالى أنه يرخص للمريض ما لا يرخص لغيره من الأصحاء، والوسوسة مرض، فمن ترخيص الله تعالى للموسوس أن يأخذ بأخف الأقوال، وأيسر الأقوال، حتى يمن الله تعالى عليه بالعافية والشفاء مما هو فيه، فلا تكرر إذا قراءة الكلمات، اقرأ مرة واحدة بشكل طبيعي، دون توتر، وكيفما قرأتها لا تعيدها مرة ثانية، ومهما جاءتك الوساوس بأنك لم تنطق الكلمات بشكل صحيح فلا تلتفت إليها، فإذا صبرت على هذا الطريق، واستمريت عليه، فإنها ستزول عنك بإذن الله تعالى، وتخلص نفسك من شرها.

نسأل الله تعالى لك عاجل العافية.
_________________________
انتهت إجابة الشيخ أحمد الفودعي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
وتليها إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي.
________________________

أسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أنا قرأت رسالتك بكل عناية وبكل اهتمام، بل قرأتها أكثر من مرة، وقد قام الشيخ/ أحمد سعيد الفودعي –حفظه الله– بالإجابة عليها من الناحية الشرعية، عليك أن تأخذ بما ورد في إجابته.

أما من الناحية النفسية فأنا أقول لك وبكل تعاطف: الوسواس مرض سخيف جدا، وعلة مخارج الحروف هذه مرتبطة بالوسوسة، وأنك تستغرق وقتا طويلا في الصلاة؛ هذا نسميه بـ (البطء الوسواسي)، فإذا الحالة معروفة من الناحية التشخيصية، وكثيرا ما يدخل الإخوة والأخوات الذين يعانون من الوساوس فيما نسميه بـ (الاكتئاب الثانوي) أي الاكتئاب الذي نتج من شدة الوساوس، والاكتئاب يجعل الإنسان يكره كل شيء –بكل أسف– في بعض الأحيان.

أنا أؤكد لك حقيقة مهمة جدا، أن الوساوس يمكن أن تعالج الآن، تعالج وبكفاءة عالية جدا، هنالك علاجات دوائية، الحمد لله تعالى اتضح للعلماء النفسيين بأنه يوجد خلل ما فيما يسمى بـ (النواقل والموصلات العصبية الدماغية) حيث هنالك مواد أهمها مادة تسمى بـ (سيروتونين) يحدث اضطراب في توازنها، وهذه المادة لا يمكن أن تقاس في أثناء الحياة، وقد قيض الله تعالى للعلماء اكتشاف أدوية فعالة وسليمة جدا، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى – أخي الكريم -: صلاة الجماعة مفيدة جدا في مثل هذه الحالات، وحين تصلي مع الجماعة لن تكون تحت عناء الوساوس، وأريدك أن تتصور كأنك تصلي وحدك وأنت مع الجماعة، هذا سوف يساعدك كثيرا، هذه هي النقطة الأولى.

النقطة الثانية: يجب أن تحقر هذه الأفكار وتتجاهلها، ولا تبال بها أبدا، بل أريدك أن تخاطب هذه الأفكار وهذا التأخير واضطراب مخارج الحروف هذا، تخاطبه مباشرة قائلا: (هذه كلها أشياء حقيرة، أنا لن أهتم بها، أنا صلاتي سليمة).

وأريدك –أخي الفاضل– أن تقوم ببعض التمارين التطبيقية العملية، مثلا: تصلي النوافل في البيت، وتقوم بتسجيل وتصوير صلاتك عن طريق كاميرا التليفون، ثم تقوم وتشاهد ما قمت بتصويره، سوف تجد أن صلاتك لدرجة كبيرة صحيحة، هذا أمر مؤكد.

وهذه الحقيقة وجدها الكثير من الإخوة الذين يعانون من الوساوس، تكون هنالك مبالغة تصويرية فكرية في ما يحدث لهم، وهذه مبالغة تؤدي طبعا إلى التأزيم النفسي الشديد، ويجب أن يكون لك القصد والعزم مع بداية النية للصلاة، بأن صلاتك لن تستغرق أكثر من كذا من الوقت.

هذه هي –يا أخي– النصائح العامة التي أريدك أن تتبعها، أما البشرى الكبرى فهي الأدوية، وأنا سأصف لك مجموعة من الأدوية أرجو أن تلتزم بتناولها، الدواء الأول يسمى (فلوكسيتين) هذا هو اسمه العلمي، وله عدة مسميات تجارية منها (بروزاك)، أريدك أن تتناوله بجرعة كبسولة واحدة في البداية، وقوة الكبسولة عشرون مليجراما، تستمر على هذه الجرعة لمدة عشرة أيام، ثم تجعلها كبسولتين يوميا –أي أربعين مليجراما– وبعد مضي شهر تجعلها ثلاث كبسولات في اليوم، يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة في الصباح، أو تتناول كبسولتين في الصباح وكبسولة واحدة ليلا، تستمر على جرعة الستين مليجراما –أي الثلاث كبسولات– لمدة أربعة أشهر، وهذه ليست مدة طويلة، ثم بعد ذلك تخفضها إلى كبسولتين في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

يضاف إلى الفلوكسيتين دواء آخر يسمى (رزبريادون) تتناوله بجرعة واحد مليجرام ليلا لمدة شهر، ثم اثني مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم واحد مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم واحد مليجرام يوما بعد يوم ليلا لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذه أدوية سليمة، وأدوية فاعلة، وممتازة جدا، أسأل الله تعالى أن ينفعك بها.

أخي: مصداقا لما ذكرته في رسالتك كانت هناك إحدى الأخوات تعاني من نفس مشكلتك في أداء صلاتها، وكانت أيام الدورة الشهرية هي أفضل أيامها، تكون مرتاحة ومبسوطة جدا؛ لأنها لا تصلي، انظر كيف أن الوسواس يمكن أن يؤدي إلى تغيرات مزاجية كبيرة، فإن شاء الله تعالى كما شفيت تلك المرأة وفرحت جدا بشفائها سوف تشفى أنت كذلك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات