أصبت بنوبات هلع وخوف بعد حادث مروري، فما العلاج؟

0 14

السؤال

السلام عليكم

بداية معاناتي قبل عامين؛ كنت في طريقي إلى المنزل بالسيارة مع صديق والدي، وتعرضنا لحادث، بصراحة لا أتذكر حالتي جيدا، ولكن أتذكر أنه أتتني نوبة هلع وخوف من الموت.

مرت الأيام، وعندما كنت جالسا أتصفح الهاتف في البيت وحدي أتتني نفس حالة الهلع، وكانت قوية جدا لدرجة أنني قفزت من السرير، وخرجت من المنزل، وكنت خائفا جدا من موتي، وبعدها بأسابيع، وبينما أنا أستمع إلى خطبة الجمعة كان الإمام يتكلم عن الموت فأتتني حالة خوف شديد، وصرت أخاف من صلاة الجماعة، ولا أصليها إلا في المنزل، ولكن أتتني حالة غريبة، بصراحة لا أذكرها، ولكن شعرت بأن العالم قد تغير وجاءني وسواس الموت، وبعد مرور هذه الحالة نسيت كل شيء، وعشت أياما عادية وطبيعية.

وقبل عامين استيقظت صباحا وكنت أشعر بإحساس غريب، ولكن لم أهتم به بسبب الامتحان، ولكن في الليل لم أستطع تمالك نفسي وبكيت وشعرت بهذا الإحساس الغريب مرة أخرى، وظل هذا الشعور بالاكتئاب لمدة أسبوعين، وأتتني وساوس عديدة، وعدم الشعور بالواقع، والقلق الشديد.

بعدها سافرت إلى بلدي، ونسيت كل شيء، وعشت ثلاث أشهر براحة، ولكن عندما رجعت إلى محل إقامتي ازداد القلق، وأتتني أفكار غير عقلانية وتخيلات سخيفة، واضطراب في المشاعر، وفراغ داخلي، وأخاف أني كنت مصابا بالفصام.

علما أني في ثالث ثانوي، وأريد أن أرجع إلى طبيعتي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في موقع استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

بادئ ذي بدئ أؤكد لك وبكل ثقة ويقين بأنك لست بمريض أبدا، الذي يحدث لك هو نوع من التغيرات النفسية البسيطة المرتبطة بالمرحلة العمرية التي تمر بها، فأنت في مرحلة التكوين النفسي والبيولوجي والجسدي، وحوالي أربعين إلى خمسين بالمائة (40 : 50%) ممن هم في نفس عمرك تحدث لهم مثل هذه التغيرات: الشعور بشيء من القلق، الشعور بشيء من الخوف، الوساوس، نوبات الهرع، وتكون متقطعة كما حدث في حالتك.

طبعا الحادث الذي تعرضت له وأنت مع صديق والدك في السيارة كان هو نقطة الانطلاق السلبية، كان هو المسبب لما حدث لك من مخاوف شديدة حول الموت؛ لأن الحوادث ارتبطت بالموت، وعلى مستوى العقل الباطني تخرج هذه المشاعر حين يتعرض الإنسان لمثل هذه الحوادث، والذي يظهر لي أن البناء النفسي لشخصيتك أيضا يحمل بعض سمات وصفات القابلية للتأثر النفسي السريع.

فإذا هذه أعراض مرحلية، ومصحوبة طبعا بالقلق، لكن القلق هو الذي يساعد في نجاحنا، القلق هو الذي يجعلنا نثابر، ندرس، نعمل حتى نتفوق، فالأمر ليس كله سيئا، كل الذي أرجوه منك هو أن تتجاهل هذه الأعراض، وأن تقتنع بما ذكرته لك بأنها مرحلة مؤقتة، وأن تنظم زمنك، أن تدير وقتك بصورة ممتازة، أن تدير وقتك فيما ينفعك، أن تتجنب السهر، أن تحرص على النوم الليلي المبكر، فهو ذو فائدة عظيمة؛ لأنه يؤدي إلى ترميم كامل في النواقل العصبية والخلايا الدماغية والجسدية، ويستيقظ الإنسان مبكرا نشطا وله طاقات عظيمة، تبدأ بصلاة الفجر، ثم بعدها تذاكر قليلا، وبعد ذلك تذهب للدراسة، وهذا الإنجاز الصباحي نعتبره ركيزة أساسية للنجاح، والبكور فيه خير كثير، قال -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم بارك لأمتي في بكورها)، وقال: (بورك لأمتي في بكورها)، واتضح الآن أن هذه الفترة الزمنية في حياتنا هي الأفضل؛ لأن المواد الكيميائية الدماغية تفرز في هذا الوقت، وقد أقسم الله تعالى بهذا الوقت فقال: {والفجر} وهذا القسم من الله تعالى لعظم هذا الوقت وأهميته.

فرتب حياتك على هذا الأساس، ومارس الرياضة، أي نوع من الرياضة، رياضة المشي، رياضة الجري، كرة القدم، وغيرها من الرياضات؛ كلها إن شاء الله ذات فائدة عظيمة جدا بالنسبة لك.

أيضا من المهم أن تتدرب على تمارين الاسترخاء، هذه التمارين ممتازة، تمارين التنفس المتدرجة، تمارين شد العضلات وقبضها ثم إطلاقها، توجد برامج على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، كما أن إسلام ويب أعدت استشارة رقمها: (2136015)، يمكنك أن ترجع إليها وتطبق ما ورد بها من تمارين، وسوف تجد فيها إن شاء الله فائدة كبيرة جدا.

فيا أيها الفاضل الكريم: هذا هو الوضع، والأفكار غير العقلانية هي أفكار وسواسية، يجب أن تغلق الباب أمامها، من خلال تحقيرها، وعدم مناقشتها، والابتعاد عن تحليلها، واستبدالها بفكر آخر، ولا علاقة لك بمرض الفصام، وأنت بعيد عنه تماما أيها الفاضل الكريم، هذا تطور مرحلي وجداني، يتسم ببعض الأعراض التي نسميها (عصابية)، وهي القلق وشيء من الوسوسة والخوف، وأنت إن شاء الله تعالى بخير، وأسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد والنجاح.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات