في ليلة وضحاها أصبحت أخاف من كل شيء، فما السبب؟

0 11

السؤال

السلام عليكم.

كنت أعيش في حالتي الطبيعية، ولكن تعرضت لتغير مفاجئ في ظرف أقل من يوم؛ حيث فقدت الشهية والوزن، وذلك أنني أصبت بالخلعة في الليل، وانتابتني الكوابيس، استيقظت وفكرة أني سأموت اليوم لا محالة محفورة بذهني.

لم أعد أحب القيام بكل ما كنت أقوم به، ولم أعد أعرف نفسي أبدا، فقد بدأت أشعر بالخوف من المرض، ثم اقتنعت أني مريضة، مع أن التحاليل كلها سليمة، كما أن ماء الرقية خفف عني الكوابيس والخلعة، واستطعت النوم ليلا، فعرفت أني قد أصبت بعين، ولا أعرف من من؟

استطعت الأكل مجددا، ولكن هذه الأيام أصبت بالوسواس من أخطر الأمراض، وكأن المرض ينتظرني في المستقبل القريب.

أشعر برغبة بالبكاء، والأفكار السيئة لا تفارق عقلي، عرفت أن العين التي أصبت بها عادت مجددا، وقيل لي أنها عين تابعة.

أريد العودة لحالتي الطبيعة، ولكن لا أستطيع، أريد التخلص من الوسواس، ولكن لا أقدر، مع أني أداوم على قراءة سورة البقرة وعدة سور أخرى من القرآن يوميا، أخاف إساءة الظن بالله، وأن أبتلى بما صرت أخاف منه، مع أني لم أكن هكذا أبدا، وكنت واثقة بأن الله قدر لي الخير والعافية في الدنيا، وكنت أحلم بالمستقبل، كل شيء تغير بلحظة واحدة.

اشتقت لنفسي القديمة التي لم تكن تخاف من المستقبل والقدر، وكانت واثقة بالله عز وجل، تختفي الأفكار السيئة من رأسي بعد قراءة المعوذات والدعاء، أرجو أن أجد تفسيرا أو حلا لأعود لحالتي الطبيعة، فلم أعد أستطيع العيش في خوف من المستقبل.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليديا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

التغير المفاجئ الذي تحدثت عنه من فقدان للشهية، طبعا لا يمكن أن يكون هناك فقدان للوزن في يوم واحد، ووجود الخلعة في الليل هو نوع من الفزع أو الهلع الحاد، مع وجود فكرة أن المنية قد قربت، هذا كله ناتج من حالة نفسية تسمى بنوبات الفزع أو الهرع، وهو نوع من القلق النفسي الحاد والشديد، والمرتبط بوجود مخاوف ووسوسة.

هذه الحالات منتشرة وكثيرة، وطبعا الناس تفسرها تفسيرات مختلفة، منهم من يتحدث عن العين، ومنهم من يتحدث عن السحر، ومنهم من يتحدث عن الحسد، ونحن نؤمن بالعين والسحر والحسد، ولا شك في ذلك، ولكن نرى أن هذه الحالة حالة طبية وليس أكثر من ذلك، وتفسيرها هو أن بعض الناس لديهم أصلا استعداد من حيث قدراتهم التكوينية، لديهم استعداد للقلق وللخوف وللوسوسة، وحين تأتي أي أسباب أو ظروف حياتية حتى وإن كانت بسيطة، تحدث هذه الحالات.

اتضح الآن أن النواقل العصبية داخل الدماغ يحدث فيها شيء من عدم الانتظام لبعض المواد التي منها الـ (سيروتونين Serotonin) والـ (دوبامين Dopamine) والـ (نورأدرينالين Noradrenaline)، هذه هي الإفرازات الدماغية العصبية، وهي التي تتحكم لدرجة كبيرة في مستوى الوجدان عند الإنسان.

أيتها الفاضلة الكريمة: بالنسبة للتعامل مع موضوع العين؛ يجب أن تكوني صارمة جدا مع نفسك، عليك فقط بالرقية الشرعية، وأن تسألي الله تعالى أن يحفظك، ويجب أن يكون لديك إدراك قاطع وتام، وهو أن الإنسان مكرم، وأن الإنسان أفضل مخلوقات الله، والحمد لله أنت مسلمة ومصلية ومتقية، وتقرئين القرآن، يعني أنت في حفظ الله تعالى، لن يصيبك مكروه أبدا، ولا تدخلي في تعقيدات الشكوك حول العين وحول السحر؛ لأن هذا كثيرا ما يضر بالناس، ويؤدي إلى توهمات مرضية شديدة، واعلمي أن الله خير حافظ، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنه لو اجتمع الإنس والجن على أن يضروك بشيء لن يضروك بشيء قد كتبه الله عليك أو لك، فكلا الحالتين – لك أو عليك – هو أجر وثواب لك، فيجب أن يكون هذا هو مبدؤك وليس أكثر من ذلك.

وبعد ذلك خذي بالأسباب الطبية وبالأسباب الشرعية، ومن الأسباب الطبية الذهاب إلى طبيب، فإن كان بالإمكان أن تذهبي إلى طبيب ليصف لك بعض العلاجات؛ لأن هذه الحالات تستجيب للعلاج الدوائي بصورة جيدة، وإن لم تستطيعي فالدواء المفضل الذي ننصح به في هذه الحالات يسمى علميا (سيرترالين Sertraline)، هو أحد مضادات قلق المخاوف الوسواسي.

جرعة البداية هي نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – يوميا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك ترفع إلى خمسين مليجراما يوميا لمدة شهر، ثم ترفع إلى مائة مليجرام – أي حبتين – يوميا لمدة شهر آخر، ثم تخفض الجرعة إلى حبة واحدة – أي خمسين مليجراما – يوميا لمدة شهر، ثم تخفض إلى نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – يتم تناولها يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء يتميز بأنه غير تعودي، ولا يؤثر أبدا على الهرمونات النسائية، وهو ممتاز جدا، ربما يفتح الشهية قليلا نحو الطعام، هذا أحد آثاره الجانبية في بعض الحالات.

أيتها الفاضلة الكريمة: العلاجات الأخرى هي: أن تحقري هذه الأفكار، ألا تحاوريها أبدا، وأن تنتهي تماما من الانشغال بها.ط، فمحاورة الأفكار الوسواسية والخوف والقلق تؤدي حقيقة إلى المزيد من تلك الأمور، فكوني مقتدرة في التحكم في هذه الأفكار، وقطعا الدواء سوف يساعدك كثيرا.

عليك أيضا بحسن إدارة الوقت، القلق والمخاوف الوسواس تأتي عند الناس من خلال الفراغ وعدم إدارة الوقت بصورة صحيحة، فكوني حريصة على إدارة وقتك، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات