تعاني أختي من العزلة والاكتئاب، فكيف نساعدها لتخطيه؟

0 12

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولا: جزاكم الله كل خير.

أختي تبلغ من العمر 16 عاما، حين كان عمرها 4 سنوات اندلعت الحرب في بلدنا، وكانت خائفة من الأصوات طوال الوقت، بعد سنتين سافرنا إلى خارج البلاد بحثا عن الأمان والاستقرار، ولم تكن أسرتي مستقرة أصلا، أبي رجل متسلط في لسانه وفي يده، يصرخ طوال الوقت، ويحبسنا أنا وأخواتي في غرفتنا لأيام وأسابيع، ويضربنا ويضرب أمي أمامنا.

وللأسف أختي شهدت كل هذا، وهي أصلا شخصيتها رقيقة وحساسة، وأذكرها منذ أبعد زمن أذكرها فيه أنها كانت تبكي وخائفة طوال الوقت، وكانت تمرض من خوفها وقلقها، وأبي مستمر بالأذية، والله حتى في طعامنا يؤذينا، واختي الصغيرة ظلت قلقة وخائفة لمدة 10 سنوات تقريبا، منذ سنة تطلقت أمي وبقيت أخواتي معها، المشكلة أن أختي هذه مستمرة في البكاء والانطواء والعزلة المفرطة حتى الآن، بل أنها مكتئبة طوال حياتها، والله إن قلبي ينفطر عليها، وحتى لو حاولنا أن نسعدها تبكي آخر اليوم قائلة أنها لا تعرف لماذا تشعر بالبكاء.

أحس أنها مكتئبة طوال الوقت، وطوال حياتها، وأحس أنها لا تعرف كيف تكون سعيدة، حتى لو كانت سعيدة فهي تمثل ذلك، وبداخلها ليست سعيدة، ولا تعرف كيف تتواصل حتى مع عائلتها، وتخجل كثيرا، وتبكي أكثر، ولديها وسواس من أن ينفجر الغاز، أو يدخل لص المنزل، فتسهر لساعات طويلة تتفقد الباب والغاز باستمرار، هل هذا اكتئاب دائم؟ وما هو الحل؟

حالتنا المادية صعبة ولا أستطيع أخذها لطبيب نفسي، وأنا حزينة عليها جدا، أفيدوني أثابكم الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ sara حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في موقع استشارات إسلام ويب، وأسأل الله العافية والشفاء لأختك.

أنا قمت بالإجابة على استشارة مشابهة لهذه الاستشارة منذ أشهر قليلة، عموما: طبعا التنشئة والتربية والظروف البيئية للإنسان تلعب دورا في تطور صحته النفسية، لكن بصفة عامة أيضا كثير من الناس الذين عاشوا ظروفا اجتماعية وأسرية ونفسية غير مواتية، عاشوا حاضرا قويا وجميلا وسعيدا.

هذه الفتاة من الواضح أنها تعيش في حالة من عدم القدرة على التكيف، هي عاشت في ظروفا تربوية سلبية -كما ذكرت مع احترامنا الشديد لأسرتكم الكريمة-، والآن ونسبة لهشاشتها النفسية والتي قد تكون هشاشة تكوينية، -أي موروثة- تظهر عليها أعراض العزلة والاكتئاب وعدم الطمأنينة والخوف، ولديها أيضا الوسواس، ولديها شكوك ظنانية، لا أراها ذهانية، لكن يجب أن نكون أيضا يقظين، وهذه الفتاة تحتاج بالفعل لتقييم نفسي مباشر.

أنت ذكرت أن الحالة المادية صعبة، ولا تستطيعون الذهاب للطبيب النفسي، في هذه الحالة تعامل هذه الفتاة بكل ود، وأنتم تقومون بذلك، تشجعونها، تطمئنونها، يكون هناك حوار إيجابي معها، تعطى مهام داخل البيت، يجب ألا نهمشها، هذا شيء مهم جدا، وبالنسبة للأفكار الوسواسية: نعلمها كيف تحقرها وكيف تتجاهلها، وكيف تصرف انتباهها عنها.

طبعا الأدوية لها دور، لكن حقيقة من الصعوبة أن نصف دواء في مثل حالتها، حيث إن سنها صغيرة، وفي ذات الوقت لا نعرف مستوى صحتها الجسدية، مستوى الهيموجلوبين، مستوى وظائف الكلى والكبد، والغدة الدرقية، ومستوى فيتامين (D)، ومستوى فيتامين (B12)، هذه فحوصات أساسية.

عموما إذا اطمأننتم عليها تماما من الناحية الجسدية، فليس هنالك ما يمنع في عمرها أن تتناول دواء بسيط مثل الـ (تربتيزول Tryptizole)، والذي يعرف باسم (أميتريبتيلين Amitriptyline) بجرعة عشرة مليجرام ليلا، هو مزيل للقلق والتوتر، ويحسن المزاج نسبيا، ونسأل الله تعالى أن ينفعها بذلك، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب واهتمامك بأمر أختك هذه.

مواد ذات صلة

الاستشارات