فقدت الرغبة في الحياة بسبب السوداوية التي تحيط بي

0 12

السؤال

السلام عليكم.

أنا فتاة في الثامنة عشرة من العمر، عانيت طوال سنتين من اضطرابات نفسية، حاولت التقرب من الله بالصلاة والاستماع إلى القرآن، والبحث عن أجوبة عن عدة مسائل دينية كانت تراودني، لكن أغلب الوقت لم أكن أقتنع بالجواب.

كنت أصلي، ثم أنقطع، أحاول المقاومة والرجوع، لكني سرعان ما أنقطع، راودتني أفكار انتحارية عدة مرات، لكني لم أقدم على ذلك لخوفي من الله وعقابه.

لم أعمل على إيجاد حل لهذا التفكير الزائد، لكنه لم يعد يحتمل، فقد أصبح يعيقني عن التركيز في الدراسة، إذ أجد نفسي في كثير من الأحيان أثناء الدرس أفكر في عدم رغبتي في الحياة، إذ أصبحت أرى العالم مخيفا جدا بما فيه من فتن، وعدم رغبتي في الموت على المعاصي، والخوف من الله، كما أنني فقدت الرغبة حتى في السعي لإصلاح ما أنا عليه، ومستمرة في انتظار أن يحدث شيء!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صوفيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن شاء الله لن يحدث إلا الخير، فعملية التفكير الزائد خاصة في الأمور الدينية وفي مثل عمرك تكون دائما مصحوبة بوساوس، الإنسان في هذا العمر يمر بتغيرات كثيرة، تغيرات نفسية، تغيرات وجدانية، تغيرات بيولوجية، عاطفية، أمور تتعلق بالهوية، بالانتماء، خاصة الانتماء الديني، وهذا بالفعل يؤدي إلى الكثير من الوسوسة والتناقضات الداخلية، وعدم الاستقرار الداخلي النفسي، وهذا بالفعل يؤثر على تركيز الإنسان.

أنت محقة تماما فيما ذكرتيه، لكن طبعا أمر رغبتك في الحياة يجب ألا يتأثر، الحياة طيبة، والحياة هي هبة الله تعالى لنا، والذي بك يمكن أن يعالج بصورة فاعلة جدا، أنا أؤكد لك هذا، تحتاجين أنت حقيقة لعلاج دوائي، القلق المعمم من هذه الشاكلة، زائد الوسوسة في الأمور الدينية، يحتاج حقيقة لعلاج دوائي، وأفضل دواء يفيدك هو العقار الذي يعرف باسم (سيرترالين) هذا دواء رائع، وهو في الأصل مضاد للاكتئاب، لكنه وجد أيضا أنه مضاد قوي جدا للقلق وللمخاوف وللوسوسة، ويتميز بأنه سليم وغير إدماني، ولا يؤدي أبدا إلى أي تأثير سلبي على الهرمونات النسائية.

أرجو أن تتحدثي مع والدتك أو أي فرد في أسرتك حول حالتك، وقد نصحناك بتناول هذا الدواء، وإن كان بالإمكان أن تذهبي إلى طبيب نفسي أو حتى طبيب الأسرة، هذا سيكون أمرا جيدا.

أنا سأوضح لك طريقة استعمال السيرترالين، حبة السيرترالين تحتوي على خمسين مليجراما، تكون البداية بأن يتناول الإنسان نصف حبة – أي خمسة وعشرين مليجراما – يوميا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تجعليها حبة واحدة – أي خمسين مليجراما – يوميا لمدة شهر، ثم تجعليها مائة مليجرام يوميا – أي حبتين – وتستمرين على هذه الجرعة لمدة شهرين، وهذه هي الجرعة العلاجية، علما بأن الجرعة العلاجية الكلية هي أربع حبات في اليوم – أي مائتين مليجرام – لكنك لن تحتاجي لهذه الجرعة الكبيرة.

بعد انقضاء الشهرين خفضي الجرعة إلى خمسين مليجراما – أي حبة واحدة فقط – يوميا لمدة شهرين، ثم اجعليها خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء، هو دواء رائع ومفيد جدا، -وإن شاء الله- سوف تحسين بتحسن كبير بعد أربعة إلى خمسة أسابيع، بعد البداية من تناول الدواء.

ويجب أن تستصحبي تناول الدواء أيضا ببعض الإجراءات السلوكية:

أولا: تتجنبين السهر، هذا أمر مهم جدا، واحرصي على النوم الليلي المبكر، هذا -إن شاء الله تعالى- يعطيك فرصة أفضل للتركيز، وتستيقظين مبكرا، وتصلين صلاة الفجر في وقتها، وتقرئين شيئا من القرآن، بعد الاستحمام وشرب الشاي، تدرسين لمدة ساعة، هذا الوقت هو وقت الاستيعاب، والإنسان الذي يؤدي على هذه الشاكلة في الصباح يحس بمردود إيجابي كبير، يساعدك في إدارة الوقت في بقية اليوم.

ثانيا: أنت محتاجة كثيرا لتطبيق تمارين نسميها بتمارين الاسترخاء، تمارين التنفس المتدرجة، تمارين شد العضلات واسترخائها، مهمة جدا، توجد برامج على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، كما أنك إذا ذهبت إلى طبيب نفسي سوف يحولك للأخصائية النفسية لتدربك على هذه التمارين.

ثالثا: أريدك أن تتخلصي من الفراغ الزمني والفراغ الذهني، وتتواصلي مع صديقاتك، وتشاركي في فعاليات الأسرة، وتكوني بارة بوالديك، وإن شاء الله تعالى هذا كله سوف يساعدك في الاستقرار النفسي.

طبعا بالنسبة لموضوع الأفكار الدينية: الإنسان يجب أن يسترشد بأصحاب العلم في هذا الأمر، وإذا تواصلت مع إحدى الداعيات فهذا سوف يساعدك كثيرا، لكن أنصحك في فترة العلاج الأولى وهي الأربعة إلى خمسة أسابيع الأولى من تناول الدواء؛ حاولي أن تجمدي كل شيء فيما يتعلق بهذه الأسئلة الدينية المحيرة، وبعد أن تستقر أمورك ويقل القلق والتوتر والوسوسة سوف تصبحين أكثر استبصارا وارتباطا بالواقع، وهنا -إن شاء الله تعالى- ستستوعبين الحقائق والواجبات الدينية كما يجب أن تكون.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات