تغير حالي بعد الجلوس مع صديق لي لطلب العلم

0 15

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيرا على هذا العمل، وبارك فيكم ونفع بكم.

أنا أحاول أن أطلب العلم، كنت مجتهدا في طلبه وفي العبادة، وكنت دائما من المحافظين على الصف الأول، وكنت أحفظ الكثير من المتون وبقي لي القليل وإتمام موطأ الإمام مالك رحمه، ولم يكن لي أصدقاء، وبعدها تعرفت على صديق أحسبه من الصالحين، وبدأت أتدارس أنا وهو العلم، وبدأ يخبر أصدقائه الآخرين عني، وأنا لا أحب أن يعرف أحدا ما أقوم به، وفي هذه الفترة لم أعد أستطع أن أقرأ أي شيء، ولا أخرج للصلاة، وفي البيت لا أتكلم مع أحد، وأبقى دائما وحدي وأشعر بضيق شديد، فأرجو أن ترشدوني.

جزاكم الله خيرا وبارك فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك - ولدنا الحبيب - في استشارات إسلام ويب.

أولا: نهنئك - أيها الحبيب - بما من الله تعالى به عليك من طلب العلم النافع والحرص عليه، وهذا عنوان إن شاء الله على إرادة الله تعالى لك الخير، وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيرا يفقه في الدين)، فينبغي أن تكون فرحا بفضل الله ورحمته، كما أمر الله تعالى في كتابه الكريم حين قال: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون}، فما وفقت إليه من الاشتغال بالعلم الشرعي وتحصيله يدعو إلى السرور والفرح، وليس إلى ضده من الضيق.

ولا نستطيع أن نشخص ما حصل لك على وجه الدقة، ولكن ما تتعرض له من ضيق يمكن أن يعود إلى طبيعة الحياة التي اعتدتها من الاعتياد على نظام واحد معين، ليس فيه ترويحا عن النفس وإجماما لها ببعض المستلذات الطيبة، فإن القلوب لها إقبال ولها إدبار، والنفوس تسأم الجد الدائم وتحتاج إلى نوع من الترفيه، وهذه طبيعة الإنسان، لذلك يقول الشاعر وهو يتكلم عن سياسة النفس وحسن تدبيرها:
فعدها في شدائدها رخاء ... وذكرها الشدائد بالرخاء
يعد صلاحها هذا وهــــذا ... وبالتركيب منفعة الدواء

والرسول صلى الله عليه وسلم قد قال في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه: (ولكن ساعة وساعة)، ووصايا العلماء من علماء الصحابة ومن بعدهم بضرورة الترويح عن النفس، وتركها وقت الإعراض عن الجد والتحصيل لترتاح قليلا ثم تعود لممارسة ما كانت فيه، وصاياهم في هذا الجانب كثيرة جدا، ويمكنك أن تطالع كتب أهل العلم التي تتكلم عن هذه الجوانب، كـ (صيد الخاطر) للإمام ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - وكتاب ابن عبد البر (الجامع).

ومما يفيد - أيها الحبيب - في مثل هذه الأحوال أن تنوع القراءات التي تقرأها، فتقرأ في الأشياء التي تدخل على النفس السرور والفرح من أخبار الأدب والأدباء والتاريخ، فتعطي نفسك حظها من الراحة، فهذا جانب مهم، يضمن لك الاستمرار، فربما كنت مقصرا في هذا الجانب حتى وصلت إلى حالة من السأم والضجر، فحاول وأعد الكرة مرة ثانية، وستجد إن شاء الله تعالى أن المزاج يتغير، وأن النفس تشتهي الجد بعد قليل من اللعب.

ولا نريد أن ندخلك في دوامة من الوساوس والأوهام حين نريد أن نقول لك: ربما أصابتك عين حاسد، ولكن مع كوننا لا نريد ذلك نوصيك وننصحك بأن تستعمل الرقية الشرعية، فإنها نافعة بإذن الله تعالى مما نزل بالإنسان ومما لم ينزل به، وأنت طالب علم تحسن أن تقرأ على نفسك القرآن الكريم، وتحسن أن تعرف كيف تداوي نفسك بالرقية من العين والحسد، فهناك كتيب للشيخ سعيد بن وهف القحطاني في كيفية الرقية الشرعية موجود على الشبكة العنكبوتية، يمكن أن تستعين به، فالرقية نافعة بإذن الله تعالى، سواء كان قد نزل بك شيء من هذا المكروه أو لم ينزل بك، فإنها نوع من التحصين.

نسأل الله تعالى لك الخير، وأن يصرف عنك كل مكروه.

مواد ذات صلة

الاستشارات