أجاهد نفسي على طاعة والدي والحذر من عقوقهم.

0 12

السؤال

السلام عليكم.

هناك ما يؤرقني ويجعلني غير مرتاحة ويشعرني بضيق في مسألة عقوق الأبناء أباءهم، يراودني، هل إذا كان الأهل عاقين لأبنائهم، كمعاملة سيئة وألفاظ سيئة، وقلة عدل في توزيع الأموال، وحتى في المعاملة، وقلة حنان ولطف، فأنا لم أشعر بحنان والدي قط، ولم يشعراني بالأمان ما حييت، وخصوصا أبي فلا أشعر بمحبته ولو للحظة، وأمي تغضب علينا على أتفه الأسباب وأقلها، وهذا ليس رأيي فقط بل رأي إخوتي أيضا، هل إذا لم أستطع طاعتهم رغم مجاهدتي لنفسي بطاعتهم وهم لا يعينونني على طاعتهم، هل أكون عاقة بهذه الحالة، وتنطبق علي الآيات التي حذرت من عقوق الوالدين؟ وهل يأخذ الله هذا بعين الاعتبار؟ فأنا أجاهد نفسي لنيل الجنة بعد إذن الله، وأحاول أن أكون ملتزمة باللباس والصلاة، وأحفظ القرآن وحتى الصدقة، وإن قلت فإني أخشى ضياع كل هذا بسبب والدي، أرجو الإجابة، وأعتذر على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Ss حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك – ابنتنا العزيزة – في استشارات إسلام ويب.
أولا: نشكر لك تواصلك معنا وحرصك على معرفة الحدود الشرعية في تعاملك مع والديك، وهذا الحرص من توفيق الله تعالى لك، كما أن من مظاهر توفيق الله تعالى لك مجاهدتك لنفسك بطاعة والديك، وهذه المجاهدة وإن كانت شاقة على النفس إلا أن عواقبها خير، والصبر على الطاعات – أيتها البنت العزيزة – يأتي بالنتائج السعيدة ويفضي إلى الأحوال الحسنة، وقد قال الشاعر:
والصبر مثل اسمه مر مذاقته ... لكن عواقبه أحلى من العسل.

فإذا تذكرت العواقب والنهايات لطاعة الوالدين والإحسان إليهما وتجنب عقوقهما، إذا تذكرت ما يرتبه الله تعالى على هذا السلوك من الخيرات في الدنيا والآخرة؛ فإنه سيهون عليك الصبر، وتسهل عليك المجاهدة بتجنب الوقوع في عقوق الوالدين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رضا الله في رضا الوالد، وسخط الله في سخط الوالد)، وقال: (الوالد أوسط أبواب الجنة) يعني أفضل أبواب الجنة، وقال عن الأم: (الزمها فإن الجنة عند قدميها).

وقد أمر الله تعالى بالإحسان للوالدين في آيات كثيرة من القرآن الكريم، ونهى سبحانه وتعالى عن أبسط إساءة إلى الوالد، فقال: {ولا تقل لهما أف} والعلماء يقولون: لو كانت هناك كلمة أقل من أف لنهى عنها.

كل هذا يبين عظم حق الوالدين على الولد، وهذا أمر منطقي مبرر، فإن الوالد هو سبب وجود الولد في هذه الدنيا، فكل سعادة ونعمة تصل إلى الإنسان بعد خروجه إلى هذه الدنيا – سواء من سعادات الدنيا ونعمها، أو من سعادات الآخرة – كل هذه النعم كان الوالد سببا فيها، لأنه كان سببا في وجوده، وتذكر هذا الإحسان من الوالد يسهل على النفس القيام بالبر واجتناب العقوق.

والشيطان يحاول جاهدا أن يصرف الإنسان عن طاعة الله وأن يوقعه في معصية الله، ولذلك يضخم له بعض الإساءات التي تقع من الوالد لإيجاد النفرة والكراهية، ولكن ينبغي للإنسان أن يتذكر دائما الإيجابيات ليدفع بها هذا الشعور الذميم.

ومن المهم جدا في هذا المقام أن تتعلمي وأن تعرفي حدود العقوق وبماذا يحصل هذا العقوق، حتى تحذري من الوقوع فيه، والعقوق له صور كثيرة ومظاهر عديدة، من هذه الصور: معصية الوالدين فيما يأمران به إذا كان فيه نفع لهما وعدم ضرر على الولد، ومن ذلك أيضا مخالفة أمرهما إذا أمراه بشيء له فيه مصلحة ومنفعة.

والعلماء يحاولون أن يضعوا ضوابط محددة يتبين بها حد العقوق، وربما يشق وضع قاعدة واضحة تبين الحدود بدقة، ولكن إذا جاهدت نفسك في سبيل عدم الوقوع في المخالفة للوالدين وعدم الإساءة إليهما في غير ضرر عليك؛ فإنك ستجدين الأمر سهلا يسيرا بإذن الله تعالى.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك للخير، وأن يعينك عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات