علاج اكتئاب ما بعد النفاس

0 920

السؤال

السلام عليكم.

أنا شابة أعاني من القلق ونوبات الذعر الشديد، حتى أصبحت أخاف أن أكون وحدي، وأصبح حالي يرثى له، أينما أذهب أكون غير مطمئنة، وكأن شيئا سيحدث لي، ولكن هذا الشيء لا أدري ما هو؟ خاصة عندما أكون وحدي.
وقد حصل ذلك بعد ولادتي الثانية التي جاءت بعد الولادة الأولى بعام وشهرين، وقد مررت بأوقات عصيبة بعد الولادة الأولى، حيث أنني لم أجد من يساعدني على تربية ولدي الأول، وكانت الولادتان قيصريتين، وقد حصل أنني وبينما كنت جالسة أنا وزوجي نتحدث أحسست بضغط في رأسي وأذني وأنفي، ومنذ ذلك الوقت وأنا أعاني من دوار في الرأس، وخمول في البدن، ورعشة في كامل جسمي، والحمد لله فقد تحسنت حالتي، ولكن في بعض الأحيان أحس بالأعراض التي ذكرتها سابقا، مع سرعة دقات القلب، وأحيانا أحس بوجع طفيف في القلب وفي كامل جسمي، الأمر الذي يجعلني أتصور أني مريضة بمرض خطير مثل السرطان -عافانا الله وإياكم- خاصة وأن أمي قد مرضت بهذا المرض الخبيث وكان سبب وفاتها.

وقد قمت بعمل أشعة على الرأس والجهاز الهضمي، وتخطيط على القلب، وكانت النتيجة سليمة والحمد لله.
لكن الخوف من المرض والموت يلازمني دائما، وقد أعطاني الطبيب دواء اسمه (أنافخانيل) حبتين أو ثلاث في اليوم (لا أتذكر) وبرازين نصف حبة مرتين في اليوم دون تحديد المدة في أول الأمر ثم استبدل الدواء الثاني بآخر اسمه (Lisenxia) ثلاث مرات في اليوم دون تحديد المدة أيضا، ولكن خلال العلاج كانت تأتيني الأعراض التي ذكرتها سابقا، خاصة الضغط الشديد على الرأس، وأحيانا طنين يدوم لثوان قليلة في أذني، فتوقفت عن الدواء تدريجيا، خاصة وأن الطبيب أعلمني بأن عندي انهيار عصبي طفيف يمكن أن يحصل لمن تنجب مرتين متتالين، ويسمى (Depression postnatal) فهل هذا صحيح؟ وهل الأعراض التي أشعر بها عادية أم لا؟ وهل يمكن أن تؤثر على البدن؟ مع العلم بأني أستعمل الآن دواء مهدئا مصنوعا من خلاصة الحشائش والنباتات -أي Homéopatie مثل Sédatif pc وغيرها، فأنا لا أرتاح كثيرا للأدوية الأخرى، فهل يمكن أن أصبح مدمنة على هذه الأدوية؟ وفي بعض الأحيان أشعر بتحسن تام، ولكن هذه الأيام عاودني الشعور بالخوف والدوخة الخفيفة، وهذا يسبب لي مشاكل مع زوجي، فأصبحت أطلب الطلاق لأنني لا أريد أن أظلمه معي، وأريد أن أبتعد عن أطفالي؛ لأنني أخاف أن أصبح مجنونة، وتكون لهم أما مجنونة لا فائدة منها، بل ستتعبهم، أنا لا أريد أن أتناول دواء الأعصاب مهما كانت خفيفة؛ لأنني أخاف الإدمان.

أعتذر على الإطالة، لكنني في حاجة لنصحكم، أرجوكم فإنني لم أعد أستطع مزاولة حياتي الطبيعية، ولولا ثقتي في الله لكنت لا أدري كيف ستكون حالتي الآن! وجزاكم الله خيرا.



الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أحمد عبد الرحمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فحالتك حسب ما ورد في رسالتك تشير إلى أنك تعانين من بعض القلق والمخاوف، والتي صحبها ما عرف باكتئاب ما بعد النفاس، أو ماذكرته باللغة الانجليزية (Depression postnatal)، وحقيقة فهذه الحالات تعالج الآن بصورة جيدة وفعالة، خاصة عن طريق الأدوية الحديثة، وأنا أتفهم تماما درجة التخوف من الأدوية، ولكن الذي أود أن أؤكده لك أن الأدوية الحديثة عليها ضوابط جودة فعالة تضمن نقاءها وسلامتها؛ لأن شركات الأدوية الكبيرة التي تخل بشروط الجودة تقع في مساءلات قانونية كبيرة، أما الأدوية العشبية المستحضرة فلا يضمن نقاءها، أنا لا أود أن أنفرك منها، ولكن هذه حقيقة علمية.

أنت وصلت للدرجة التي يمكن أن تفقدي فيها أسرتك، زوجك وأبنائك، وهذا في حد ذاته لابد أن يكون لك دافعا لتلقي العلاج، ربما تكون تجاربك سلبية مع الدواء الأول الذي وصف لك، وهو الأنافرانيل، أتفق معك أن هذا الدواء يسبب الكثير من الآثار الجانبية، ولكن بفضل الله تعالى توجد الآن أدوية حديثة وفعالة وممتازة.

أرجو أن تقتنعي بأن العلاج ضروري، وأن الحكمة هي ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق الناس بها، وأنه ما جعل الله من داء إلا جعل له دواء فتداوو عباد الله، وهذه الأمور لابد أن نؤكد بأن من الضروري على الإنسان أن يعلمها ويأخذ بها؛ لأن رفض العلاج السليم ربما يؤدي إلى تساؤلات شرعية إذا قصد الإنسان أن يضر نفسه بحرمانها مما هو مباح ومرغوب، وربما يكون واجبا خاصة إذا وصفه طبيب مسلم وثقة -دون تزكية لنفسي-.

عليه -أختي الفاضلة- أرجو أن تبدأي بأحد الأدوية الفعالة، والدواء الذي أنصح به يعرف باسم باروكستين، وكل الأبحاث تدل على أنه قاهر للاكتئاب والمخاوف والوساوس، ابدأي بجرعة 10 ملج ليلا، أي نصف حبة لمدة أسبوعين، ثم ارفعي هذه الجرعة بنفس هذا المعدل أي نصف حبة كل أسبوعين حتى تصلي إلى حبتين أي 40 ملج في اليوم، استمري على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، وصدقيني -وبإذن الله- بعد شهرين من بداية العلاج سوف تجدين أن حياتك قد تغيرت تماما، وأنك أصبحت أكثر طمأنينة وسعادة، وانقشع الاكتئاب وهزم.

استمري على العلاج لمدة ستة أشهر متواصلة، وذلك حتى نضمن التدعيم الكيمائي التام، بعد هذه المدة خفضي العلاج بالتدرج، وذلك بمعدل نصف حبة كل شهر، ثم بعد ذلك يتم التوقف عن الدواء.

والذي أود أن أؤكده لك أن هذا الدواء لا يتعارض مع الدواء العشبي الذي تتناولينه الآن، ناقشي هذا الأمر مع زوجك أو مع من تثقين فيه من الأطباء، وأنا على ثقة كاملة أنه سوف يؤيد هذا الرأي، وأرجو ألا تحرمي نفسك من نعمة العلاج.

وبارك الله فيك.


مواد ذات صلة

الاستشارات