وجدت عملاً أتقاضى منه مالاً ولكن دون مجهود

0 18

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

قمت بنقل عملي إلى مكان آخر على أساس تولي منصب معين، وتعرضت لمظلمة أدت إلى منعي من هذا المنصب، وقد تم إدراجي ضمن عمل به أكثر من 50 شخصا، ونظرا لكثرة العدد فإنهم يقومون بتقسيم أيام العمل وأيام الحضور.

في البداية رفضت الأمر، لكن وجدت نفسي أفضل أن أتنقل من مكتب لمكتب، بسبب ضيق المكان، ويضيع من وقتي ست ساعات يوميا ما بين كلام لا يفيد العمل، ولا يفيد مصالحي الشخصية.

حاولت عمل إجازة للخروج من شبهة المرتب الحرام، لكن تم رفضها، وأنا الآن في حيرة، خصوصا أنه غير متاح لي النقل من المكان في الوقت الحالي، فضلا عن إحباطي في تولي العمل الذي أستمتع به، غير الملل في مكان العمل، لدرجة أني في أيام أطلع أمشي حول محل العمل بالشارع لأني لا أجد شيئا أعمله، ولا أحد أقعد معه.

دعواتكم لي مبدئيا بأخذ حقي من الظالم، فيعلم الله أني سعيت للنقل لأعمل بشكل أكبر، وأقدم للعمل مجهودي، بناء على رغبتهم في خبرتي، ولكن الظلم ظلمات لمن كان السبب، وحيرتي في مرتبي الذي أصبحت أتضايق عندما أقبضه، لخوفي من الحرام أو الشبهة.

كذلك ما حكم مكوثي في بيتي أثناء وقت العمل، خاصة أن منزلي قريب جدا، وأستطيع في لحظة حاجة العمل أتواجد خلال 5 دقائق؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد، وأن ييسر لك الأمور كلها ويقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

بداية نقول - أيتها الأخت الكريمة -: ينبغي للإنسان المسلم أن يكون مع حرصه على ما ينفعه مفوضا أموره إلى الله تعالى، راضيا بما اختاره الله تعالى له، فإن الله سبحانه وتعالى قد يقدر للإنسان خلاف رغبته، ويكون في ذلك المقدر كل الخير، وقد قال الله سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.

انتقالك إلى عمل مخالف لرغبتك ليس بالضرورة أن يكون شيئا غير نافع، فاحرصي على أن تعيشي بهذا الشعور، وهو أن ما يختاره الله ويقدره لك هو الخير ما دمت تأخذين بالأسباب المباحة المشروعة.

أما عن حل هذا المرتب الذي تتقاضينه في مقابل هذا العمل؛ فهو حلال إذا كنت ملتزمة بالعقد الذي تم بينك وبين هذه الجهة، فإذا أديت ما تعاقدت عليه وألزموك به فقد حل لك هذا الراتب، بغض النظر عن العمل أثناء ساعات الدوام من عدمها، يعني: هل عملت أو لم تعملي، ما دمت تقومين بالشيء الذي كلفت به، فإذا طلب منك أن تحضري في ساعات معينة فحضرت ولم تكلفي بشيء أثناء هذه الساعات؛ فهذا لا يعني أن مرتبك هذا حرام، فقد قمت بما تعاقدت عليه.

هذه الجزئية نرجو -إن شاء الله- أن يكون أمرها واضحا لديك، وأنه لا حرمة في هذا الأجر ما دمت قد فعلت ما حصل التعاقد عليه.

أما غيابك عن هذا العمل بحجة أن بيتك قريب، وأنه إذا طلب منك فإنك ستحضرين؛ فهذا لا يجوز؛ لأن الأجرة في مقابل تفريغ هذه الساعات لهذا العمل والحضور في أماكن حددها رب هذا العمل، فلا بد من الوفاء بذلك.

نحن لا ندرك طبيعة هذا العمل الذي تفعلينه، وهل تتوفر فيه الشروط الشرعية أو لا تتوفر، من حيث إنه لا يتضمن شيئا محرما، ولكننا نجيبك على فرض أنه عمل خال من المحظورات الشرعية، فالعمل فيه وأخذ الراتب خير لك من ترك ذلك كله، وإذا كان بإمكانك أن تنتقلي إلى وضع أحسن أو عمل أفضل من هذا فخذي بالأسباب المشروعة، واعلمي أن ما قدره الله تعالى سيكون، وسيحصل، وأنه لا يستطيع الناس جميعا لو أرادوا أن يمنعوك منه فإنهم لا يقدرون على ذلك.

قد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم العقيدة الراسخة في باب الإيمان بالقضاء والقدر، كما علمنا إياها كتاب ربنا سبحانه وتعالى، وهذه العقيدة جنة الله تعالى في هذه الأرض، فإذا آمن الإنسان بها فإنه يعيش مطمئن البال راضي النفس متوكلا على الله سبحانه وتعالى، وقد قال الله في كتابه الكريم: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم}.

الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف).

نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به.

مواد ذات صلة

الاستشارات