هموم الدنيا تشغلني عن الخشوع في صلاتي، فما الحل؟

0 14

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني في بعض الأحيان من هموم الدنيا مثل: الدراسة، وغيرها، وهذا الأمر يدور في ذهني عندما أبدأ في الصلاة، ويبدأ هذا الأمر في ذهني بشكل مرعب بحيث يؤثر في خشوعي في الصلاة، وأنا لا أريد ذلك، مع أني متوكل على الله في كل شيء، وأكثر ما يمكن أن يحصل في هذا الأمر هو تنفيذ إرادة رب العالمين عز وجل، أريد أن يطمئن قلبي، بحيث إن هذه الأمور لا تدور في ذهني أثناء صلاتي؛ لكي أنال الأجر الكامل في الصلاة -إن شاء الله تعالى-.

جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى أن يكفينا وإياك كل كروب الدنيا ومؤنها، وأن يزيل عنا وعنك كل كرب قبل الجنة حتى نبلغها.

نحن نتفهم -أيها الحبيب- ما يرد عليك من خواطر الهم في شأن دنياك، فهم الدنيا لا يكاد يسلم منه أحد، ولكن المسلم العاقل المؤمن بما أخبر به ربه، وأخبر به نبيه صلى الله عليه وسلم، يعلم يقينا أن هذا الهم وحده ليس حلا لمشكلة هموم الرزق أو غير ذلك، فإن الآجال مكتوبة، والأرزاق مقسومة، وإنما يطلب من الإنسان أن يأخذ بالأسباب المباحة لتحصيل مصالح دنيوية، ودفع هذه الهموم والغموم عن نفسه، وما وراء ذلك فإنه في تصريف الباري سبحانه وتعالى وتقديره.

فإذا تذكر الإنسان هذه الحقيقة زالت عنه بإذن الله تعالى هذه الهموم، واشتغل بالنافع المفيد، وهذه هي وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (احرص على ما ينفعك)، وهذا النافع يختلف في كل حال ووقت، فإذا جاء وقت الصلاة وأراد الإنسان أن يدخل في صلاته، فليعلم جيدا أن تذكره للدنيا وهمومها في هذه الحال لا يفيده في شيء، بل يضره، فينقص عليه صلاته، وقد يذهب أجرها بالكلية، ولكن النافع المفيد في هذا الوقت أن يقبل بقلبه على هذه الصلاة، ويطرد عن نفسه كل فكرة تخالف ذلك، وهذا السلوك نفسه يجعله الله سبحانه وتعالى سببا للأرزاق، فإنه من جملة التقوى التي قال عنها الله سبحانه وتعالى: {ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، والصلاة مفتاح الأرزاق، والحفظ والصيانة من الله سبحانه وتعالى.

فنصيحتنا لك -أيها الحبيب- هي أن تجاهد نفسك دائما وتتعود هذه المجاهدة بأن تدفع عن نفسك كل الأفكار التي ترد عليك وأنت في صلاتك، فقد يكون الأمر طبيعيا من حيث إنه لا بد وأن ترد عليك هموم وأفكار وأنت في الصلاة، ولكن المطلوب منك عدم الاسترسال مع هذه الأفكار والأحاديث التي ترد عليك وأنت في صلاتك؛ بأن تعرض عنها تماما وتصرف ذهنك إلى التفكر فيما تفعله في الصلاة، فتتفكر في معاني الكلام الذي تقوله في الصلاة، سواء كان من كلام الله (القرآن) أو من أذكار الصلاة، وتتفكر في معاني الأفعال التي تفعلها في الصلاة، لماذا أركع؟ لتعظيم الله سبحانه وتعالى، ولماذا أسجد؟ لتعظيم زائد أكثر من التعظيم الأول، وهكذا ...

فإذا ثبت على هذا السلوك وصبرت عليه، فإنك ستترقى بإذن الله تعالى شيئا فشيئا؛ حتى تصل إلى مرحلة طمأنينة القلب والنفس في الصلاة، بحيث لا ترد عليك الأفكار بعد ذلك وأحاديث النفس، وهذه مرتبة من مراتب المصلين وهو الشخص الذي يجمع بين الصلاة وجهاد النفس خلال الصلاة.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير ويعينك عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات