لماذا تحدث الوساوس للإنسان عندما يجلس منعزلًا؟

0 13

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندما أجلس وحدي وأفكر في بعض الأمور تأتيني أفكار سلبية، ذهبت إلى شيوخ وعلماء، وقالوا لي: هذه وساوس.

سؤالي هو: عندما أفكر في شيء ما وحدي أو أتكلم مع نفسي في شيء ما، كيف يعرف بها الشيطان حتى يوسوس لي؟ هل يطلع على الأفكار أو الكلام الذي أناقش به نفسي؟

أتمنى الرد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات إسلام ويب، نشكر لك - أيها الحبيب - تواصلك معنا، ونبادلك التحية بالتحية، والحب بالحب، ونشكر لك ثقتك فينا، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يصرف عنك كل سوء ومكروه، وأن يذهب عنك هذه الوساوس ويخلصك منها.

الأفكار السلبية - أيها الحبيب - لا شك أن مصدرها هو الشيطان؛ فإنه حريص على إدخال الحزن إلى قلب هذا الإنسان المؤمن، حريص على صرف كل خير ومنفعة، وقد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة بما يبين حقيقته وسلوكه مع هذا الإنسان، كما أخبر فقال: (إن الشيطان قعد لابن آدم ‌بأطرقه ‌كلها)، وأخبرنا الله بذلك فقال: {إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا}، ولهذا فطريق التخلص من هذه الوسوسة إنما تكون باللجوء إلى الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يحميك ويعصمك من الشيطان وكيده ومكره.

استعذ بالله كلما داهمتك هذه الأفكار، وانصرف عنها، لا تبال بها، واشتغل بما ينفعك بأمر دين أو أمر دنيا، وأكثر من ذكر الله، فإذا سلكت هذا الطريق فإنك ستتخلص -بعون الله تعالى- من هذه الوساوس.

أما سؤالك كيف يعلم الشيطان بما يجري في نفسك من الوسوسة؟
فهذا سؤال يجيبك عنه الرسول صلى الله عليه وسلم بما يخبر به من الأحاديث عن العلاقة بين الإنسان والشيطان، فإن الأحاديث دلت على أن الشيطان ملازم لابن آدم من حين خروجه من بطن أمه إلى حين موته، فهو (يجري ‌من ‌ابن آدم مجرى الدم) أي قريب جدا منه، وقريب من قلبه، فهو (يبيت على ‌خيشومه) إذا نام، ويقترب من قلبه إذا استيقظ، فإذا غفل هذا الإنسان وسوس له، وإذا اشتغل بذكر الله تعالى خنس وفر، فقد قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : (الشيطان ‌جاثم ‌على قلب ابن آدم، فإذا سها وغفل وسوس، فإذا ذكر الله خنس) أي هرب واختفى.

أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى عما يفعله هذا الشيطان، فقال في حديث ابن مسعود: (إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة ‌فأما ‌لمة ‌الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق، وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق)، وفي هذا الحديث يخبرنا صلى الله عليه وسلم عن الشيطان، وأنه يقترب جدا من قلب ابن آدم، وأنه كأنه نازل بجواره وبقربه، ويصيب هذا القلب بما يلقيه إليه وما يلقي فيه من الأفكار والوساوس، وكلها شر، وكلها تكذيب بالحق، وفي المقابل (للملك لمة) فالملك الذي يحفظ هذا الإنسان ويحميه من هذا الشيطان أيضا له اقتراب من قلب هذا الإنسان، فيأمر هذا الإنسان ويلهمه الخير كالصلاة والصوم، ويلهمه التصديق بالحق، كتصديق كلام الله وتصديق كلام رسل الله.

هذه هي طبيعة هذا الإنسان بهذا الشيطان، فالشيطان قريب جدا من قلبه، يلقي في هذا القلب أفكارا ووساوس، وتشتغل النفس بهذه الوساوس، فإذا علمت هذا علمت أن الدواء لهذه الوسوسة إنما يكون بالاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، والإعراض عن هذه الوسوسة تماما، والإكثار من ذكر الله، وهذه الوصايا الثلاث كلها وصايا نبوية لمن أصيب بشيء من الوسوسة.

نسأل الله تعالى أن يصرف عنك شرها.

مواد ذات صلة

الاستشارات