أخاف من لمس أي شيء لاحتمال أنه قد لمسه شخص غير طاهر!

0 18

السؤال

السلام عليكم.

أنا أعاني من الوسواس، ولدي أعراض كثيرة، أهمها: أنني أخاف من لمس أي شيء، فمن الممكن أن يكون غير طاهر، أو لمسه إنسان غير طاهر وسيء، وأنا ألمسه من بعده، فلذلك أنا لا أتعامل مع الكثير من الأشياء، ولا أذهب للشوارع؛ لتفكيري أنه قد يكون مر بها إنسان غير طاهر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nera حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.

الذي لديك هي مخاوف وسواسية شائعة جدا، وعلاجها سهل جدا حقيقة، تعالج عن طريق العلاج الدوائي، لأنها وساوس فكرية في المقام الأول، ووجد أن أصحاب الوساوس من هذا النوع غالبا لديهم اضطراب في بعض الموصلات الدماغية في كيمياء الدماغ، مادة تعرف باسم (سيروتونين Serotonin) على وجه الخصوص، وقد تكون ليست سليمة الإفراز، ولذا تناول الدواء يعتبر أمرا ضروريا.

والحمد لله تعالى الآن توجد أدوية سليمة وفاعلة، ومن أفضل الأدوية التي تعالج هذا النوع من الوسواس عقار يعرف باسم (سيرترالين Sertraline)، وله فعالية ممتازة جدا، خاصة لدى الإناث، كما أنه لا يسبب الإدمان، وليس له ضرر على الهرمونات النسائية، ولا يضر أبدا بالدورة الشهرية.

الجرعة هي: أن تبدئي بنصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجراما - يوميا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعليها خمسين مليجراما يوميا - أي حبة واحدة كاملة - لمدة شهر، ثم اجعليها حبتين في اليوم، تتناولينها كجرعة واحدة، وقوة هذه الجرعة هي مائة مليجرام، تستمرين عليها يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى حبة واحدة -خمسين مليجراما- يوميا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلي الجرعة خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هذا الدواء دواء مهم جدا، و-إن شاء الله تعالى- هو سليم، ولا تترددي، ولا تجعلي الوساوس تصرف انتباهك وتشكك في الدواء.

طبعا العلاجات الأخرى هي العلاجات السلوكية وهي كالآتي:
- حقري هذه الفكرة تماما، ولا تسترسلي فيها، وخاطبي نفسك وقولي: (هذه فكرة سخيفة، هذه فكرة حقيرة، أنا لن اهتم بها) هذا تمرين مهم جدا.

- اصرفي عنك هذه الفكرة الوسواسية، من خلال تمرين يسمى بـ (صرف الانتباه)، ومن خلال صرف الانتباه يؤتى بفكرة أخرى تكون مخالفة لفكرة النجاسة، حين تأتيك هذه الفكرة فكري في شيء آخر، شيء جميل طرأ عليك في حياتك، أو أي مشروع مستقبلي تودين القيام به، بدل أن تفكري في الوسوسة فكري في هذا الشيء الجميل.

- قومي بتنفير الفكرة الوسواسية من خلال تمرين يسمى (التنفير) وهذا التمرين من خلاله تضعف كثيرا الفكرة الوسواسية، والتنفير يكون بإدخال شيء منفر على النفس، وذلك حين يربط الوسواس - قولا أو فعلا - بأي نوع من المنفرات، بأي نوع من الأشياء التي لا يفضلها الإنسان، وفي هذه الحالة سوف ينتهي الوسواس.

مثلا: وأنت جالسة في الغرفة، في مكان هادئ بدون ضوضاء ولا انزعاج، وكنت أمام طاولة مثلا، قومي بالضرب على يدك بشدة وقوة على سطح الطاولة، حتى تحسي بالألم. الربط ما بين الوسواس وإيقاع الألم سوف يضعف الوسواس كثيرا، كرري هذا التمرين عشرين مرة متتالية.

وهنالك أمور عملية لا بد أن تقومي بها، من ذلك أن تقومي بلمس الأشياء، فكوني مثل بقية خلق الله ولا تهابي شيئا، واعلمي أن كل شيء بقدر، واستعيني بالله وتوكلي عليه، ولن يضرك شيء، واعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.

أنا متأكد -بإذن الله تعالى- أن الدواء سوف يساعدك كثيرا، وسوف يسهل عليك طريقة التفكير لتنخرطي في هذه التطبيقات السلوكية، وحاولي دائما أن تتخلصي من الفراغ؛ لأن الفراغ حقيقة يولد الوساوس.

أنا على ثقة تامة أن حالتك يمكن أن تعالج تماما، فأرجو أن تطبقي ما ذكرته لك من إرشادات، وطبعا إذا ذهبت إلى طبيب نفسي أيضا سوف يعطيك مزيدا من التوجيهات، ويكتب لك العلاج المطلوب، السيرترالين أو غيره من الأدوية المعروفة لعلاج الوساوس القهرية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات