أمي تكثر من أذيتي، فهل أبتعد عنها مع المحافظة على برها؟

0 9

السؤال

السلام عليكم.

هل يجوز مقاطعة أمي بعدم الكلام معها، والابتعاد عنها بسبب ظلمها العظيم جدا لي؟ فأمي تظلمني لدرجة لا يستطيع تحملها إنسان، كما أنني قد أصبت بالأمراض بسببها؛ وفي طفولتي كانت تكويني بالنار وقد كان عمري حينها خمس سنوات، وتضربني وتربطني، وبسببها لم أعش طفولتي!

وقد كبرت الآن وأصبحت إنسانا متدينا، أصلي في المسجد، وأحفظ القرآن، وحاولت برها بشتى الطرق، أقبل يدها وقدمها، وأهديها، وإذا خرجت أحمل حقيبتها، وأفعل كل شيء، ولكنها مقابل هذا كله عندما قمت بإعفاء لحيتي، قالت لي: هذه لحية التيوس!

أصبحت تشتمني وتضربني وأنا صامت، وتحرض أخي الصغير ليضربني، وإذا دافعت عن نفسي تبصق علي، وتعايرني بالأمراض، وتهزأ بي، كما أنها في إحدى المرات من شدة سخريتها نقلت للمستشفى؛ فقد كاد قلبي أن يتوقف من القهر والحزن.

كما أنها تحرض إخوتي وأبي علي وتقول لهم الأكاذيب، وقد نقلت للمستشفى بسببها ثلاث مرات، فهل يجوز البعد عنها، وبرها فقط بالهدايا، والسلام عليها من بعيد؟

فقد دمرت صحتي النفسية والجسدية بشدة، وأشعر بأني سأموت أو أجن من شدة الألم والقهر، كما أنني لا أستطيع الزواج، أو ترك المنزل هذه الفترة بسبب مرضي وقلة نقودي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ثانر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ولدنا الحبيب- في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى لك الإعانة على بر أمك، والإحسان إليها، ونسأله سبحانه وتعالى أن يهديها ويردها للحق ردا جميلا.

ونشكر لك -أيها الحبيب- حرصك على بر أمك، والإحسان إليها رغم ما يصلك منها من أذى وإساءة، وكن على ثقة تامة من أن الله سبحانه وتعالى لن يضيع عملك هذا، وسيجعله سببا لسعادتك عاجلا أو آجلا، فأنت ممتثل لتوجيه الله تعالى لك، وأمره بالإحسان إلى الوالد مهما أساء، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا}، فأمر بالمصاحبة بالمعروف للوالد مهما بلغ أذاه.

ونحن وإن كنا نستغرب مقابلة أمك لك بكل هذه الإساءات التي وصفتها -رغم حرصك على برها والإحسان إليها- فهذا شيء مغاير للطبيعة الإنسانية، فإن الأم مجبولة على حب ولدها، ورحمته، والحرص على الإحسان إليه عند إساءته، فكيف إذا كان محسنا لها؟!

فندعوك إلى مراجعة الأمر، ومعرفة الأسباب التي تقف وراء تصرفات أمك هذه، وأن تحاول الكشف عن هذه الأسباب؛ إما بطريقة مباشرة بأن تسأل أمك مباشرة عن سبب ذلك إذا كانت ستتجاوب معك وتصارحك بالأسباب، أو عن طريق الاستعانة بآخرين، من الخالات والعمات، ومن يمكن إعانته لك للكشف عن أسباب نفور أمك منك، ومعاملتك بهذا النوع من التعامل، فإذا عرفت الأسباب أمكن بعد ذلك التغلب على حل هذه المشكلة.

وأما إذا ضاقت بك السبل، ولم تجد وسيلة بتجنيب نفسك هذه الأضرار التي ذكرتها، من الأمراض وغيرها بسبب تصرفات أمك معك؛ فإنه في هذه الحالة يجوز لك أن تبتعد عما قد يكون سببا لضررك، فتعاشر أمك بالمعروف بالقدر الذي لا يضرك، وتصاحبها بالإحسان فيما لا يعود عليك بالضرر، فالشريعة الإسلامية قائمة على مبدأ (لا ضرر ولا ضرار).

ولكن احذر من أن يفتح لك الشيطان بابا من أبواب العقوق وقطع الرحم تحت مبرر (الفرار من الضرر بسبب معاملة أمك لك)، فكن منصفا لنفسك ومنصفا للآخرين منك، وحاول أن تضع الدواء بقدر المرض، وتجنب المخالطة لأمك بالقدر الذي يدفع عنك الضرر، وليس عليك في ذلك إثم.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسر لك بر أمك والإحسان إليها، وأن يعينك على تحمل ما يأتيك من أذاها.

مواد ذات صلة

الاستشارات