والدي يتعسف في استعمال حقوقه ويظلم أمي، فماذا نفعل؟

0 11

السؤال

ما حكم الزوج المتعسف في استعمال حقوقه على زوجته وسرقة مالها؟ ويشتم زوجته أمام الأطفال، ويحرضهم على كره الوالدة، وتهديده بالزواج عليها، مع أنها لا تمانع؛ لأنه حقه، وقد غضب وتوقف عن الصرف عليها، ويصرف بشح شديد جدا على الأولاد، وإن كان هناك واجب زيارة عليها يمنعها، ويستعمل الكذب ضدها، ويمنع أهلها من زيارتها، أو إحضار هدايا لها، أو حتى التواصل معها، ومنع كل الأقارب من رؤيتها، وحتى الاتصال بها، وأمي لم تفعل أي شيء، منعها ومنعنا من أكل لحم الأضحية بعد شراء أضحية صغيرة، وهو قادر على شراء أفضل من ذلك؛ لأنه يمتلك كثير من المال، ومع ذلك يسرق مال أمي، وأنا طالبة ثانوية عامة، ومع أن مستواي جيد؛ إلا أني من شدة الألم النفسي أعاني من نوبات ارتفاع في الضغط!

هل هو يأثم أو لا؟ وهل ما يفعله حرام أم لا؟ لأنه يكره النصيحة، ويرى نفسه على صواب، وأمي صابرة دون أن تؤذيه أو تؤذينا، تمنعنا من شتمه أو الرد عليه بسوء؛ لأنه والدنا، وأنا صدقا أكرهه جدا! بشكل عام ما حكم ما يفعله؟ وماذا على أمي أن تفعل؟ لأنها تضررت كثيرا، وأنا ماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك –ابنتنا الكريمة– في استشارات إسلام ويب.

نشكر لك تعاطفك ورحمتك بأمك والإشفاق عليها، وفي المقابل ندعوك –ابنتنا الكريمة– أولا إلى تذكر حق الوالد عليك، وأن هناك اختلافا كبيرا بين موقف أمك من زوجها وبين موقفك أنت من والدك؛ فإن الأب له حق البر والإحسان مهما بلغت إساءته لأبنائه وبناته، كما قال الله في كتابه الكريم: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا}، فحق والدك عليك أن تصاحبيه بالمعروف، وأن تحاولي الإحسان إليه، ومن ذلك التأدب معه في العبارة وفي الكلام، وتجنب إغضابه، وهذا لا يعني عدم نصحه أو ترك أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، ولكن بشرط ألا تصلي إلى إغضابه عليك.

وأما ما ذكرته من أفعال والدك مع أمك؛ فإن هذه الأوصاف التي ذكرتها والأفعال التي يفعلها مع زوجته لا تجوز، فقد أمر الله سبحانه وتعالى الأزواج بمعاشرة الزوجات بالمعروف، فقال سبحانه وتعالى: {وعاشروهن بالمعروف}، أي بما يتعارفه الناس ويتعودونه من الحقوق في النفقة وما شابه ذلك، ولا يجوز له أن يأخذ مال زوجته بغير رضاها، وإن كانت ذات مال.

أما منعها من الخروج من البيت ومنع دخول أهلها إليها فهذا جائز من الناحية الشرعية، ولكنه أمر لا ينبغي أن يفعل إذا لم يكن فيه مضرة تخشى من تواصل المرأة بأهلها، وأما مجرد الاتصال دون خروج من البيت أو دون دخول أهلها إلى بيتها؛ التواصل بأدوات التواصل إذا لم يكن الباعث على منع هذا التواصل هو خشية الضرر بأن يحرضوها مثلا على زوجها ونحو ذلك؛ فإن هذا المنع لا يجوز؛ لأنه لا يتضرر به الزوج، أعني التواصل لو حصل لا يتضرر به الزوج ولا يعطل شيئا من حقوقه.

هذا كله من الناحية الشرعية، ولكن لمعالجة هذا الواقع -أيتها البنت الكريمة- ينبغي اتباع أحسن الطرق وأفضل الأساليب، ومن ذلك استعمال النصح بالكلمة الطيبة، والتذكير بالحقوق المتبادلة بين الزوجين، وأن كل أحد سيأخذ حقه كاملا موفى يوم القيامة، كما قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: (لتؤدن الحقوق إلى أهلها حتى يقتص للشاة الجلحاء من الشاة القرناء).

فينبغي تذكير الوالد بهذا المعنى العظيم، والترفق به لإيصال هذه الذكرى إلى قلبه، ولو بالاستعانة بمن له تأثير عليه من الأقارب أو من الأصدقاء، أو بإسماعه المواعظ بطريقة غير مباشرة، أو نحو ذلك من الأسباب التي يحصل بها هذا المقصود، وهو تذكيره، فإن الذكرى تنفع المؤمنين.

فإذا فعلتم هذه الأسباب فإنه يرجى بإذن الله تعالى أن يتحسن حال هذا الأب ويعود إلى الخير والحق، وإذا لم يجد ذلك فمن حق الأم أن تتخذ الإجراءات التي تدفع بها الضرر عن نفسها ومالها، وإن صبرت فهو خير لها، وواضح جدا من كلامك أن أمك حريصة على الصبر، وأنها تمنعكم أيضا من إيذاء والدكم وشتمه أو الرد عليه بسوء، وهذا بلا شك من حكمتها وحسن خلقها، وواجب عليكم أن تطيعوا أمكم في ذلك؛ لأن فيه أولا أداء حق الوالد وتجنب العقوق له، وفيه أيضا طاعة الأم فيما أمرت به.

فأكثروا من دعاء الله سبحانه وتعالى أن يصلح والدكم، وحاولوا الأخذ بالأسباب التي تؤثر عليه لإعادته إلى طريق الحق والخير، ولن يضيع الله سبحانه وتعالى جهودكم.

نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالكم كلها.

مواد ذات صلة

الاستشارات