تعرضت لنوبة هلع وبعدها جاءتني وساوس، فما العلاج؟

0 6

السؤال

السلام عليكم

تعرضت لنوبة هلع السنة الماضية، وفي نفس الوقت -أثناء انتهاء النوبة- أتتني أفكار وسواسية عن الوجود، ومن غد جاءني ألم في الرأس، والذي أصبح يلازمني يوميا.

ما زاد تعقيد الأمر، وزاد قلقي هو أني قرأت الكثير عن مرض اسمه اختلال الأنية، وكثرت عندي الوساوس التي يذكرها المرضى؛ بحيث يشعرون أنهم موتى وأنهم مجانين.

لا أريد أي علاج دوائي، أريد فقط أن أعلم ما بي، كي أخرج من هذا الأمر الذي يلازمني طوال اليوم، وهل ما حدث لي فعلا اختلال أنية، أم آلام الرأس والوساوس الوجودية ليست لها علاقة باختلال الأنية؟ خاصة أني لا أستغرب نفسي، ولا أقول إن هذا حلما.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في استشارات إسلام ويب، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: نوبات الهرع أو الفزع أو الذعر هي تجربة نفسية خاصة جدا، يستشعر بها صاحبها من حيث إنها تعتبر نوعا من القلق النفسي الحاد، الذي قد يشعر الإنسان بمشاعر وسواسية، وبعض الناس – كما تفضلت – تأتيهم وساوس عن الوجود، وعن الغيب، وعن المستقبل، وهناك من يأتيه الشعور بقرب وفاته، فهي تجربة حقيقة مزعجة، يجب أن نعترف بذلك، لكنها ليست خطيرة أبدا.

غالبا حين تمر النوبة الأولى، بعد ذلك إذا تكررت هذه النوبات يكون الإنسان أكثر قبولا لها وتكون أقل حدة.

أخي الكريم: ما قرأته عن اضطراب الأنية واختلال الأنية، حقيقة هذا أحد التشخيصات الواهية جدا في الطب النفسي، والكثير من علماء النفس يعتبرون هذا التشخيص أصلا غير موجود، إنما هو مجرد نوع من القلق يصيب بعض الناس، يحس فيه الإنسان كأنه ليس هو ذاته، أو ينظر إلى نفسه من مسافة بعيدة – كما يقولون – وأن العالم حوله متغير، وهي نوع من الوسوسة وليس أكثر من ذلك، أخي الكريم.

لا علاقة أبدا بما حدث لك من اضطراب الأنية، فأرجو – أخي الكريم – أن تتجاهل وتحقر هذه الأفكار الوسواسية التي أصبحت تؤثر عليك سلبا.

بالنسبة لآلام الرأس التي حدثت لك: هذه – أخي الكريم – يمكن تفسيرها علميا بسهولة جدا، نوبة الهلع هي عبارة عن قلق – كما ذكرنا لك – وهذا القلق حقيقة يعني أنه حصل توتر داخل النفس، وهذا التوتر النفسي يتحول كثيرا إلى توتر عضلي، وأكثر عضلات الجسد تأثرا هي عضلة فروة الرأس، وهي عضلة كبيرة جدا، وكذلك عضلات الصدر عند بعض الناس، وعضلات القولون، وعضلات أسفل الظهر، هذه العضلات قابلة جدا لأن يحدث لها توتر مع التوتر النفسي، والتوتر النفسي يعني انقباض، والانقباض يعني حدوث ألم، فلذا أنت أحسست بالألم في الرأس أخي الكريم.

هذا تفسير علمي جدا، وأنا متأكد أنك ستتقبله؛ لذا نحن ننصح الذين يعانون من نوبات الهلع أو الفزع أن يمارسوا الرياضة، وأن يطبقوا تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، هنالك تمارين لقبض العضلات وشدها واسترخائها، وهناك تمارين التنفس التدرجي، شهيق يعقبه زفير، وما بين الشهيق والزفير يكون هنالك حبس أو حصر للهواء داخل الصدر، توجد برامج كثيرة جدا على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين.

إذا علاجك – أخي الكريم – هو أن تتفهم حالتك، وأن تحقر هذه الوساوس، وألا تحللها، وأن تطبق تمارين الاسترخاء كما ذكرت لك، وأن تمارس الرياضة أيضا، وألا تقرأ كثيرا عما يكتب حول الوساوس والقلق والتوترات، فليس كل ما يكتب (حقيقة) دقيق من الناحية العلمية، وأضف إلى ذلك أن الناس حين يتكلمون عن تجاربهم الخاصة هي تجارب خاصة بهم، وما حدث للآخرين ليس من الضروري أن يحدث لي أو لك، أخي الكريم.

هذا هو المفهوم، وهذا هو المنطلق للتعامل مع هذه الحالات، ولا ينبغي لك أبدا أن تجهد نفسك من الناحية الفكرية لتحلل الوسواس وتحلل هذه التجارب التي قد تحدث لبعض الناس.

الأمر في غاية البساطة، هي مجرد ظاهرة، وأنا أؤكد لك أنك لست بمريض من الناحية النفسية، وأنت بالفعل لست في حاجة لعلاج دوائي.

أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، أشكرك على ثقتك في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات