تعبت من سوء معاملة الناس لي بسبب إعاقتي!

0 14

السؤال

السلام عليكم

عندي إعاقة في رجلي، تعبت من تعامل الناس والمجتمع، ومن نظرتهم السيئة، والمعاق في بعض الدول العربية للأسف لا يحصل على معاملة طيبة من معظم الناس، تعبت لدرجة أني أفكر أن أغير ديني وأسافر!!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك - أخي الكريم - في استشارات إسلام ويب.

أولا: نسأل الله تعالى أن يلهمك الصبر، ويأجرك فيما أصابك من مكروه.

ثانيا: اعلم - أيها الحبيب - تمام العلم، وكن على ثقة كاملة من أن المقدور الذي أصابك مصحوب برحمة من الله سبحانه وحكمة، فإن الله لطيف بعباده، لا يقدر لك إلا ما فيه خير لك إذا أحسنت التصرف أمام هذه الأقدار التي يقدرها الله تعالى عليك، فإن الله تعالى لا يقدر عليك من الأقدار ما يهلكك ويجلب لك خسارة الدنيا والآخرة، ولكنه يفعل ما يفعل سبحانه وتعالى ليختبر صبرك، ولتجني الثمار الوفيرة الكثيرة من الخيرات من وراء هذا المقدور المكروه إذا قابلته بالصبر والاحتساب، فقد قال الله في كتابه الكريم: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}.

أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة عن جزاء الصبر على الأقدار المؤلمة - مثل الأمراض وذهاب بعض الأعضاء ونحو ذلك - فالأعمى أخبر عليه الصلاة والسلام بأن الله تعالى يقول: (ليس لعبدي جزاء إذا أخذت حبيبتيه فصبر إلا الجنة).

لا ينبغي أبدا أن تقصر نظرك على مدة هذه الحياة التي نعيشها في الدنيا، فإن الحياة طويلة والدنيا كلها مرحلة من مراحل هذه الحياة، وهي أقصرها وأقلها زمنا، فهل يعقل أن يضحي الإنسان بحياته الأبدية ليعيش فيها حياة الجحيم والعناء والعذاب الدائم الذي لا ينقطع في مقابل أن يخفف عن نفسه بعض الآلام النفسية التي يعيشها لمدة قصيرة في هذه الحياة، هل هذه المقارنة تستقيم في عقل إنسان عاقل؟ الجواب: لا.

تفكر دائما في عواقب ما يدعوك الشيطان إليه من الكفر بالله تعالى وتغيير دينك؛ فإن هذا خسارة الدنيا والآخرة، فإن الله سبحانه وتعالى قد توعد من يرتد عن دينه ويكفر بعد إيمان، توعده سبحانه وتعالى بالخلود في نار جهنم وخسارة الدنيا والآخرة، فقد قال جل شأنه في سورة البقرة: {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}.

ينبغي لك أن تعقد هذه المقارنة الصحيحة بين عذاب نفسي قليل تتعرض له في هذه الحياة، ولا شك أنك لو غيرت بيئتك وانتقلت إلى جوار أناس طيبين فإن هذا العناء الذي تعيشه ربما يقل، ولن تجد إساءة من أكثر الناس، فأكثر الناس يتعاطفون ويرحمون من أصيب بشيء من المكروهات، وهذا هو الغالب في الناس، ولكنك ربما صادفت أناسا لا رحمة في قلوبهم، فلو غيرت البيئة التي تعيش فيها ربما تغيرت أوضاعك.

أما أن يجرك الشيطان إلى هذا الخطر العظيم وسبب العذاب الدائم وخسارة الدنيا والآخرة؛ فإنك بذلك تجني على نفسك جناية عظيمة، وتجرها من عذاب يسير مؤقت إلى عذاب كبير دائم، فاتق الله تعالى في نفسك، وتفكر جيدا فيما يجرك الشيطان إليه، فإنه يدعوك إلى عذاب السعير، كما أخبر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم فقال سبحانه: {يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور * إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير * الذين كفروا لهم عذاب شديد...}، وقال: {أولو كان الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير}، والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه كلها)، فهو حريص إذا أن يقطع عنك كل طريق من طرق الخير، فاتق الله تعالى، وتفكر جيدا فيما يدعوك الشيطان إليه.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيذك من شر الشيطان ومن شر نفسك.

مواد ذات صلة

الاستشارات