كيف أوفق بين مصالحي وبين رعايتي لرجل عاجز؟

0 11

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قبل كل شيء: الله يجزيكم كل خير.

انتقلت منذ فترة من الولاية التي أسكن فيها إلى ولاية أخرى للدراسة والعمل، وهناك مسجد بالقرب مني أصلي فيه دائما، وكان هناك رجل يصلي معنا، يأتي دائما بكرسي متحرك، كان لديه شلل نصفي، وكان ملتزما، ودائما كان حاضرا في كل صلاة تقريبا، وفجأة انقطع عن المسجد.

بدأت أسأل عنه، وعرفت أنه مريض، ورجع بعد غياب نحو ثلاثة أو أربعة أشهر، بدأت التعرف إليه لكي أساعده، فاكتشفت أنه عالم، ومتفقه في الدين، وحافظ لكتاب الله، وبعدة روايات، وطبيب.

مع مرور الوقت توطدت العلاقة بيني وبينه، ودخلت منزلهم واكتشفت أن لديه أما كبيرة، شبه عاجزة، ومعه إخوة وأخوات كلهم متزوجون، ولديهم أطفال، ومنهم من هو بالخارج، ومنهم من يسكن ليس ببعيد، لكن إخوة هذا الرجل مقصرون معه، ومع أمهم، خاصة معه هو!

أنا دائما معه، والآن أصبحت مثل ابنهم، لكن أنا لدي حياتي، وعائلتي، وأنا شاب في مقتبل العمر، وأسعى للمستقبل والزواج، لدي بعض المشاكل في البيت؛ ولهذا بدأت أفكر في الرحيل، لكن رحيلي سيكون قاسيا على هذا الرجل، حتى وهو شبه عاجز، لا يستطيع فعل شيء بدوني، سواء في الاستحمام والحمام، حتى في الأكل والشرب يحتاجني أحيانا.

سؤالي هو: هل أؤثم على تركه والرحيل عنه؟ والله إني حائر الآن بين مستقبلي وبين هذا الرجل.

أرجوكم دلوني ما العمل؟ وما هو التصرف الصحيح؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الخالق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك - أيها الابن الكريم والأخ الفاضل - في الموقع، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة، وهذا العمل الكبير الذي تقوم به، ونبشرك بأنه (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ... والله في عون العبد ما كان العبد ‌في ‌عون ‌أخيه)، ونبشرك أيضا بأن في الحكمة: (العمل الصالح يرفع صاحبه، كلما عثر ‌وجد ‌متكئا)، ففاعل المعروف لا يقع، وإن وقع وجد متكئا.

نسعد جدا حين نسمع هذه القيم تتجلى في تطبيق عملي، ونبشرك بأن الله لن يضيعك؛ لأن الله تعالى يجزي المحسنين - وأنت منهم - {فإن الله لا يضيع أجر المحسنين} [يوسف: 90]، فنسأل الله تبارك وتعالى لنا ولك التوفيق والسداد.

لا شك أن الموازنة مطلوبة، ونقترح عليك طرح الفكرة عليهم، وبعد ذلك تجتهد في أن تجد البديل الذي يقوم بهذه الخدمات التي تؤديها لهذا الرجل، وأنت على كل حال مأجور على العمل الذي قمت به، ونتمنى أن يجدوا من يواصل هذه المهمة.

نحن ننتظر تواصلك بعد عرض الفكرة عليهم؛ فربما كانت لديهم أفكار أخرى، بأن يساعدوك أيضا، خاصة أنت ذكرت أنه صاحب فضل، وقد يهيأ لك ظرف أيضا يجبرك على أن تكون إلى جوارهم، أو يكون عندهم من الفضلاء أو من الأحفاد أو من الأبناء أو .. حتى من يستأجر ليقوم ببعض المهام التي تقوم بها.

لذلك نحن نتمنى أن توازن بين هذه الأمور، وتطرح الفكرة، وتفكر معهم في إيجاد الحلول المناسبة؛ لأن الإنسان أيضا يوازن بين هذه الأمور، يهتم بمساعدة الآخرين، لكن في نفس الوقت يهتم أيضا بمصلحته وبمستقبله، وبزواجه وبأهله إن كان له أهل في مكان بعيد، حتى يوازن بين هذه الحقوق وبين هذه الواجبات الكاملة، ونسأل الله أن يعينك على الخير.

نحن نعتقد أن هذا نموذج رائع، ونتمنى أن تستفيد أيضا من الرجل في فترة وجودك معه؛ لأنك ذكرت أنه من أصحاب العلم والدين والحفظة لكتاب الله تبارك وتعالى، فأرجو أن تتتلمذ عليه، وأن تخدمه، ونسأل الله أن يعيننا جميعا على كل أمر يرضيه.

الإنسان في مثل هذه الأحوال عليه أن يشاور، وعليه أن يستخير ربه تبارك وتعالى، ولن يندم من يستخير ويستشير، ونسأل الله أن يقدر لك وله الخير ثم يرضيكم به.

هذا، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات