الانطواء والخجل والشخصية التجنبية، كيف أتخلص منها؟

0 23

السؤال

السلام عليكم
منصة إسلام ويب، سعيد بالمشاركة معكم.

لدي استشارة حول أنه لدي خجل، وخوف مزمن، ملازم لي منذ الطفولة حتى الآن، وأنا الآن طالب في الجامعة بكلية الاقتصاد، ولكن بات الأمر مزعجا جدا، فمثلا لو جئت لشخص أتحاور معه، لا أستطيع النظر إلى عينيه، وأشعر بأنه سينتقدني، وبأني غير كفء أو أني أقل منه!

هذا يحدث عند ما أكلم أي شخص، خاصة الإناث، لدي شعور كبير بالتوتر والقلق، والوسواس بأن الجميع ينظرون لي ولعيوبي، ويقومون بانتقادي.

الأسوأ من هذا كله أني عندما يمدحني شخص أو يقوم بمشاعر ودية تجاهي، أخجل وأتوتر من الرد، وكذلك الأمر عندما يذمني أو يهينني شخص فأخاف أن يعتدي علي.

أنا أتجنب المواقف، وواجهت الكثير من المواقف السلبية في الجامعة، فمثلا هناك من يقول: مسكين، أو منطو، أو أبله، حتى خارج الجامعة، فسئمت من الأمر، وقررت زيارة طبيب نفسي، وطرحت عليه الأمر.

وصف لي بداية الأمر، دواء (باروكستين واندرال) واستمررت عليهما 6 أشهر، لكني لا أجد تحسنا، فوصف لي دواء زانكس 0.5 ملغ، يوميا لمدة أسبوعين، وكان فعلا يهدئني، ويمنحني بعض الراحة والثقة، لكني أوقفته بناء على طلب الطبيب، خوفا من الإدمان.

أنا الآن آخذ (سيرترالين 50) يوميا منذ شهر و(اميبرامين)، ولكني كذلك قلق ومتوتر وخجول، خاصة أني مثلا لو كنت على ثقة بالأشخاص، ومرتاحا لهم من داخلي، لا مشكلة لدي بالانخراط معهم، ولكن سيبقى قليل من الخجل، في الواقع.

أنا الآن حائر، فما الذي معي؟ هل هو اضطراب شخصية تجنبي أو خجل اجتماعي مزمن؟ لأن الطبيب نفى أن يكون لدي رهاب اجتماعي؛ لأن أعراضه تكون شديدة، بينما الأعراض لدي متوسطة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب، وأشكرك على الثقة في هذا الموقع.

أيها الفاضل الكريم: مشاعر الناس تختلف في كيفيتها، وفي حجمها وفي تأثيرها عليهم، والشخصية الحساسة، ربما تضخم الأعراض النفسية السلبية، حتى وإن كانت بسيطة.

مشاعرك - أيها الفاضل الكريم - نعتبرها نوعا من الحساسية الشخصية التي جعلتك تحس بالقلق في كثير من المواقع، وتلجأ أيضا للوسوسة وسوء التأويل للمواقف، وهذا كله يتولد عنه انتقاص في الكفاءة النفسية.

لا أرى أنك تعاني من رهاب اجتماعي حقيقي، إنما هي مخاوف عامة، ووساوس بسيطة قائمة على سوء التأويل - كما ذكرت لك - بمعنى أنك تفسر الموقف تفسيرا خاطئا، وبما لا يتحمله ذاك الموقف.

أيها الفاضل الكريم: أريدك أيضا أن تدرك إدراكا تاما أن المخاوف كثيرا ما تكون مختلطة بالحياء، أو الانطوائية كسمة من سمات الشخصية، والحياء شطر من الإيمان، فنحن نعتبر أن فيك شيئا من الحياء، وهذه محمدة -إن شاء الله تعالى- وإن وجد شيء من الانطوائية أو المخاوف والوسوسة؛ هذا تعالجه من خلال التحقير، والتجاهل التام، هذا مهم جدا.

أيضا أي تفسير سلبي يأتيك في خلدك وتفكيرك عند المواجهات (مثلا) أو حين تكون في تجمع مع أصدقائك - أو خلافه - أرجو أن تلجأ للتأويل المضاد، تستبدل التأويل السلبي بتأويل إيجابي، وهذا أيضا مهم جدا.

كذلك أريدك أيضا أن تقوم ببعض التدريبات السلوكية، أهمها التعرض في الخيال، تتصور أنك أمام تجمع من الناس أو الأصدقاء، أو أنه طلب منك تقديم (برزنتيشن) -مثلا- في الجامعة في الفصل الدراسي أمام عدد كبير من الطلاب، أو طلب منك -مثلا- أن تصلي بالناس، وهذا قد يحدث، فتصور هذه المواقف التي تتطلب شيئا من المواجهة، لكن تصورك لها يجب أن يكون بشيء من التأني والتمعن، وأن تدخل في تفاصيلها، ولا تأخذها كفكرة عابرة.

عليك أن تجلس في مكان هادئ، وتعتبر أن هذه هي حصتك العلاجية، وتتصور أنك دخلت المسجد وتغيب الإمام -مثلا- وأحسن الناس فيك الظن، وطلبوا منك أن تصلي بهم، أو -مثلا- كنت في رحلة مع أصدقائك، وأتى وقت الصلاة وطلبوا منك أن تصلي بهم، وتعيش التفاصيل: كيف أنك توضأت، واستعددت للصلاة، وكيف أنه أصابك بعض القلق في البداية، لكن بعد ذلك تجاوزت هذا الأمر.

الحمد لله، أديت الصلاة على أفضل وجه، وبعد أن تسلم لا شك أنه سيأتيك شعور إيجابي عظيم جدا، هذا نسميه بـ (المردود الإيجابي الناتج من الفعل الإيجابي)، و..وهكذا، هذه علاجات مهمة جدا.

ممارسة رياضة جماعية أيضا مهمة ومفيدة، وكذلك تطبيق تمارين الاسترخاء، وتوجد في -إسلام ويب- استشارة رقمها: (2136015) أرجو أن ترجع لهذه الاستشارة وتستفيد منها، ففيها توجيهات وتعليمات نحسب أنها مفيدة للناس، إذا طبقت بصورة سليمة.

كما أنه توجد برامج على اليوتيوب توضح كيفية تمارين الاسترخاء، هذه كلها يمكن أن تستفيد منها، والطريقة الثالثة طبعا: تتواصل مع اختصاصي نفسي، أو تطلب من الطبيب النفسي الذي قابلته أن يحولك للاختصاصي النفسي، ليدربك على تمارين الاسترخاء.

أيا كان من هذه الطرق -إن شاء الله تعالى- فيه فائدة كبيرة بالنسبة لك.

أما بالنسبة للعلاج الدوائي، فالـ (سيرترالين Sertraline) دواء رائع جدا، أرجو أن ترفع الجرعة إلى مائة مليجرام، هذه هي الجرعة الوسطية المفيدة.

أما بالنسبة للـ (ايميبرامين Imipramine)، فلا أرى داعيا له أبدا، ويمكن أن تستبدله بدواء آخر يساعد يسمى (دوجماتيل Dogmatil) واسمه العلمي (سولبيريد Sulpiride)، تناول الدوجماتيل بمعدل كبسولة واحدة في الصباح (خمسون مليجراما) يوميا لمدة شهر، ثم توقف عنه.

أما السيرترالين بجرعة مائة مليجرام فاستمر عليه لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعل الجرعة خمسين مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم اجعلها نصف حبة - أي خمسة وعشرين مليجراما - لمدة أسبوعين، ثم خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول هذا الدواء.

بهذه الكيفية والطريقة المتدرجة ستستفيد من الدواء كثيرا، ولن تحدث لك -إن شاء الله تعالى- أي أعراض انسحابية.

أرجو أن تستصحب الإرشادات السلوكية والاجتماعية التي ذكرتها لك مع الدواء، هذا مهم جدا، الدواء وحده قد لا يفيد الفائدة القصوى، كما أن التمارين والتطبيقات وحدها قد لا يستفيد منها الإنسان إلا إذا تناول الدواء.

أرجو أن تأخذ هذه الكتلة أو الرزمة العلاجية كاملة متكاملة، و-إن شاء الله- في نهاية الأمر ستجد أن صحتك النفسية قد تطورت جدا، وانتهت كل هذه المخاوف، والقلق، والحساسية في الشخصية والوساوس.

ليس لديك اضطراب في الشخصية حقيقي، ولا أرى أن شخصيتك شخصية تجنبية حقيقية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والشفاء، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات