فسخت خطبتي بسبب شكوك خاطبي بي ولكني ندمت، فماذا أفعل؟

0 18

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة، أبلغ من العمر 33 سنة، تقدم لخطبتي شاب بعد أن أعجب بي، جلست معه أكثر من مرة، واشترط شروطا تخص اللباس، والعمل، والمكياج، ووافقت بعد إصرار من أهلي، وبعد الاستخارة، وأنا لست مقتنعة بعد!

تمت الخطبة لفترة قصيرة، خلالها أساء لي لفظيا، واكتشفت أنه يغار علي غيرة شديدة، حيث إنه يريد إلباسي الخمار وهو ليس بواجب! ويريدني ألا أتعامل مع أي رجل، حتى أصحاب المحلات، ويريدني أن أقطع وسائل التواصل الاجتماعي، ويبقيها له، وقد شك بي، ففسخت الخطبة.

الآن أنا نادمة! وأظن أنني تسرعت، وأفكر به، وأشعر أنني ظلمته عندما فسخت الخطبة، فما العمل؟ وما الحكمة من الفسخ بعد الاستخارة؟ وهل سيرجع؟ أتمنى ذلك أحيانا، وهل سيكون قد تغير إذا رجع؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ راجية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يهديك إلى الخير، ويعين هذا الشاب على العودة، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم الأحوال.

لا شك أن صاحب الدين الذي يغار على الفتاة، والذي يريد لها الحجاب، ويريد لها البعد عن مواطن الشبهة، ما ينبغي أن نفرط في أمثاله، ونسأل الله أن يعيده، أو أن يرزقك من هو خير منه، ولكن الإنسان دائما يستفيد من دروس الحياة، ونحن لا ننصح أي فتاة -وأنت في مقام بناتنا وأخواتنا-، لا ننصح الفتيات والبنات بالرفض للخاطب الذي يصر على مزيد من الالتزام، ومزيد من التدين، ومزيد من الطاعة لله تبارك وتعالى؛ لأن هذا بلا شك يدعو إلى خير، وفيه الخير؛ لأنه لا عبرة لحياتنا إذا ابتعدنا فيها عن طاعة الله تبارك وتعالى، ولم نلتزم فيها بما شرعه الله، فإن الأمر كما قال ربنا العظيم في كتابه: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا} [الأحزاب: 36].

عليه أرجو أولا: أن تكثري من الدعاء لنفسك وله.

ثانيا: أن تلتزمي بما يرضي الله تبارك وتعالى، سواء رجع هذا الخاطب أو لم يرجع؛ لأن ما طلبه يتعلق بجانب شرعي، مسألة اللباس، وقولك: ((حيث إنه يريد إلباسي الخمار وهو ليس بواجب!))، فإن كنت تقصدين بالخمار غطاء الرأس فهو واجب، قال تعالى: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن)، وإن كنت تقصدين غطاء الوجه (النقاب) فهو المختلف بين العلماء في وجوبه، ولكنهم لا يختلفون في فضيلته واستحبابه وخاصة عند كثرة الفتن، وبالجملة فما يريده هذا الشاب أمر حسن، ودليل على تدينه وحرصه عليك.
ومسألة وضع حدود في التعامل مع الرجال الأجانب، قطعا ليس كل الرجال، ولكن تكون المسألة في أضيق نطاق، فالأصل أن تتعامل المرأة مع أخواتها، وإذا اضطرت أن تتعامل مع الرجال، فينبغي أن يكون ذلك في إطار ضيق وفي حدود معينة.

وبالنسبة لعودة هذا الخاطب: إذا كنت على علم بأهله وبأخواته، ننصح بأن تستمري في التواصل معهم، والسؤال عنهم؛ لأنهم بلا شك يؤثرون عليه، وهذا أيضا يعطي رسالة إيجابية عندما يعرف أنك على صلة بأخواته وبأمه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرده إليك إذا كان فيه الخير، وقبل ذلك أن يردك إلى الحق والخير والالتزام، وكل ما يرضي الله تبارك وتعالى، وإذا رجع أرجو أن تتغيري وتطيعيه في كل ما يرضي الله تبارك وتعالى، لأننا إذا دعينا إلى طاعة فينبغي أن نسارع، {إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون} [النور: 51]، وإذا دعينا إلى معصية، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، والحمد لله أن الشاب كان يدعوك إلى الخير، ونسأل الله أن يرزقك به أو بمن هو أفضل منه، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

هذا، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات