مهندسة معمارية والتدقيق الزائد في الأخطاء يشعرني بالضيق!

0 11

السؤال

السلام عليكم.

أنا مهندسة معمارية، وبسبب طبيعة تخصصي في التدقيق في أصغر التفاصيل، وشخصيتي المفكرة بصورة زائدة منذ الصغر، لا أشعر بالرضا على أي عمل الآن، مهما بذلت مجهودا كبيرا.

بفضل الله عندي وظيفة، وعمل handmade خاص بي، ولكن في الهندسة أشعر دائما أننا كمكتب نستطيع حل الأمور بطريقة أفضل، وأخاف أن يحاسبني الله في المستقبل على عدم إيجاد حلول تسعد الأشخاص المستخدمين للمبنى.

للعلم أنا أحاول، ولكن بحكم السرعة فالمكتب لا يهمه سوى تسليم المشاريع حتى ولو بها أخطاء، وهذا ثالث مكتب منذ التخرج، ولكن هذه المشكلة يشكو منها أكثر من صديق وهي سرعة المشاريع، وعدم جودتها.

بالنسبة لعملي: فدائما أشعر بالندم بعد تسليم العميلة قطعة من صنعي، وأجلس أفكر كثيرا، لدرجة ضيق النفس؛ بسبب الأخطاء الموجودة، مع أني لم أر تلك الأخطاء إلا عند التسليم، وأخاف أن يحاسبني الله على المال الذي أخذته مقابل تلك القطعة، وأني لم أتقن عملي، وأفكر أن أعمل لها خصما.

في المقابل: عندما يرى أصدقائي تلك القطعة فإنهم ينبهرون بالجودة والتميز، لكنني لا أرى ذلك، والأخطاء مثل: طول المنتج أقل ب١٠ سم، وهو في المجمل ١٦٠ سم مثلا، أو أني لم أثبت نهاية العقدة بطريقة صحيحة، وأنها ستنفك في المستقبل، وهكذا.

بصراحة دائما ما يكون الوقت مضغوطا، ولا أملك وقتا لمراجعة كل التفاصيل، ويشهد الله أني لو رأيته لحاولت تعديله مهما كانت تكلفته علي.

أريد حلولا عملية أقوم بها عندما أفكر بهذه الطريقة بعد التسليم، واقتراحات لتنظيم الوقت مع وظيفة تتطلب ٩ ساعات، فهل أنا محقة في موضوع الهندسة؟ فهذه تصاميم تعتمد عليها حياة أشخاص.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غدير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا -ببنتنا الفاضلة المهندسة- في موقعها، ونشكر لك هذا الحرص، ونسأل الله أن يزيدك حرصا وخيرا وتوفيقا، وأن يهدي جميع العاملين في خدمة الناس وفي مثل هذا المجال إلى أحسن الأخلاق والأعمال فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو، وأن يصرف عنهم سيئ الأخلاق والأعمال، فإنه لا يصرف سيئها إلا هو.

وقد أحسنت بحرصك على تجويد العمل، والله تبارك وتعالى يريد منا إذا عمل أحد عملا ‌أن ‌يتقنه، بل المسلم ينبغي أن يتفوق على الإتقان ليصل إلى الإحسان؛ لأن الإتقان يمكن أن يشاركنا فيه غيرنا من البشر، لكن الحرص على الإحسان؛ لأن الإحسان إتقان مع مراقبة لله تبارك وتعالى، ولأن الإحسان درجة عليا تضمن الاستمرار على هذا الإحسان، والمحافظة على المستوى الذي وصل إليه الإنسان.

وإذا كان الزملاء يعجبون بإنتاجك، ويرونه جيدا فهذا المعتمد، وإلا فبعض الناس لا يرضيه أي عمل، وبهذه الطريقة تجلبين التعب لنفسك وللشركة التي تعملين فيها، وقد يسبب لك هذا الكثير من الإزعاج، وهذا يدل على أن عملك هو الأجود وعملك هو الأحسن.

ولا مانع من المزيد من التجويد والتحسين للعمل، ولكن ليس على حساب صحتك، ولا نريد أيضا أن يتحول هذا الأمر إلى شعور وسواسي متعب؛ فالإنسان عليه أن يجتهد، لكن القصور يطاردنا نحن البشر كل البشر، فقدمي أفضل ما عندك، واستعيني بالله تبارك وتعالى، ومدح الزملاء للأعمال التي تقومين بها، وتعجبهم من جودتها دليل على أنك متفوقة، وعلى أن ما تقومين به عمل صحيح، فاهتمي بالاستمرار على الحرص، لكن دون أن يكون هذا سببا لضيق النفس بالنسبة لك، ودون أن يكون سببا لإقعادك عن إنجاز المطلوب منك، ونسأل الله أن يعينك، وأن يزيدك حرصا وخيرا.

أكرر: ما تقومين به عمل طيب، والمشاعر التي دفعتك للكتابة إلينا مشاعر طيبة تؤجرين عليها، وعلينا دائما أن نسدد ونقارب؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- في أمر الاستقامة وجه بعدها بأن نسدد ونقارب؛ لأن الإنسان قد لا يبلغ مائة بالمائة، والكمال لله تبارك وتعالى وحده، ولكن من المهم أن يواصل الصعود دون أن يكل أو يمل، دون أن يتوقف، والرجوع إلى المختصين؛ حتى يحددوا له البرنامج الجديد الذي يمكن أن يستمر عليه.

زادك الله حرصا وخيرا، ووفقك الله لما يحبه ويرضاه.

مواد ذات صلة

الاستشارات