هل الخوف من عذاب الدنيا دون الآخرة يدل على خلل في العقيدة؟

0 20

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشعر بأنني أبتعد عن المعاصي خوفا من عقوبة الله في الدنيا أكثر من التفكير في عذاب الآخرة، فهل يوجد خلل في عقيدتي؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو قصي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك –أخي الكريم– في استشارات إسلام ويب، نشكر لك حرصك على تصحيح عقيدتك، والتفقه في دينك، وهذا من توفيق الله تعالى لك، ونسأل الله تعالى لك مزيدا من الهداية والصلاح.

وأما بخصوص ما سألت عنه من كونك تخشى عقاب الله تعالى في الدنيا، وتجتنب المعاصي خوفا من ذلك، وتغلب هذا على خوف عذاب الآخرة:
فهذه الحال لا تعني فساد العقيدة أبدا، وإن كان المطلوب من الإنسان المسلم أن يتفكر ويتذكر أهوال الآخرة، وما فيها من الشدائد، وأن آلامها وكرباتها لا تقاس أبدا بكربات الدنيا وشدتها، فقد جاء في الحديث أن النبي ﷺ أخبر عن غمسة واحدة في نار جهنم –نعوذ بالله من نار جهنم–، وأنها تنسي كل شيء قبلها، فلا مقارنة أبدا بين عذاب الآخرة وعذاب الدنيا، وفي الحديث الآخر:(ناركم هذه جزء من ‌سبعين ‌جزءا ‌من ‌نار ‌جهنم)، قيل: يا رسول الله إن كانت لكافية قال: (فضلت عليهن بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها).

فينبغي للإنسان المؤمن أن يكون متفكرا في عقوبات الذنوب والمعاصي التي رتبها الله تعالى عليها، وتوعد بها من فعلها في الدار الآخرة، فإن ذلك يكون أدعى له إلى الابتعاد عن الذنوب، فالخوف زاجر يزجر الإنسان عن مقارفة الآثام.

ولكن التفكير في عقوبات الدنيا، واجتناب المعاصي أيضا خشية الوقوع في هذه العقوبات لا ينافي الإيمان والتوحيد، فلا ضرر في ذلك أبدا، والرسول ﷺ قد أخبر في أحاديث كثيرة يخوف ويزجر عن الوقوع في الذنوب والمعاصي خشية عقوبات الدنيا.

وأما ما ورد في القرآن الكريم من التوعد والتهديد لمن كان يريد بعمله مجرد الدنيا؛ فإن هذه الحال لا تتصور في الإنسان المؤمن الذي يؤمن بالله واليوم الآخر، مثل قول الله سبحانه وتعالى: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار} [هود: 15-16]، ومثل قوله سبحانه وتعالى: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب} [الشورى: 20].

فهذه الآيات وأمثالها إنما يحكي فيها الله سبحانه وتعالى حال الكافرين، أما المؤمن فلا يتوقع منه أن يكون في هذه المثابة، وفي هذه الحال؛ لأنه يؤمن بالآخرة، ويؤمن بما أخبر الله تعالى فيها.

نسأل الله تعالى لك مزيدا من الهداية والصلاح.

مواد ذات صلة

الاستشارات