أدعو الله بالزوج الصالح منذ عشر سنوات..فهل أتوقف عن الدعاء؟

0 16

السؤال

أنا فتاة على قدر من الجمال، وبعمر 28 عاما، لم يتقدم لخطبتي سوى القليل، أنا أدعو الله بالزوج الصالح منذ عشر سنوات، عاهدت نفسي أن لا أميل ولا أدخل في علاقة غير شرعية، حفظت نفسي عندما كانت زميلاتي يواعدن ويخرجن.

فضلت الدعاء والالتجاء إلى الله أن يرزقني الزوج الصالح المعين على العبادة، تقدم بي العمر الآن، ولكن لن أتوقف عن الدعاء، وراضية بقضاء الله وقدره.

سؤالي هو: هل الرضا بقضاء الله يلزم علي نسيان أمر الزواج، رغم رغبتي الشديدة؟ أصبحت أشعر أن الله قدر لي عدم الزواج، وعليه أتوقف عن الدعاء، وأشغل نفسي بأي شيء آخر، فكيف يكون الرضا وعدم السخط؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ..... حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يسعدك في الدنيا والآخرة.

ابتداء: هذا السن ليس كبيرا بصورة تخيفك أو تقلقك، فسنك ما يزال مناسبا، بل طبيعيا بجوار ما يصلنا من رسائل، فلا تجعلي وهم كبر السن هاجسا أمام عينيك، حتى لا تضطرب معاييرك في اختيار زوجك، إن شاء الله تعالى.

ثانيا: الرضا بالقدر لا يتنافى مع الدعاء، بل بالعكس كثرة دعاء الله عز وجل مع الرضا هو عين المقصود، وهو الذي يريده الله تعالى من العبد، وإننا ننصحك -أختنا- بما يلي:

1- الاطمئنان التام بأن من قدره الله لك لن يكون لغيرك، وأن قدومه في الوقت الذي حدده الله تعالى، وأن زوجك مكتوب باسمه من قبل أن يخلق الله السماوات والأرض، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء " وهذا يبعث على الطمأنينة، والمؤمن يعلم -أختنا- أن قضاء الله هو الخير للعبد، فالله لا يقضي لعبده إلا ما يصلحه، وقد علمنا القرآن أن العبد قد يتمنى الشر يحسبه خيرا، وقد يرد الخير يحسبه شرا، فقال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون) وعليه فثقي أن الاختلاط بالرجال مع أنه محرم ولا يجوز كذلك لا يعجل بزواج، فلا تضعي هذا الأمر أمام ناظريك.

2- لا تتوقفي أبدا عن الدعاء؛ لأنه عبادة تتقربين بها إلى الله تعالى، وأنت فيها فائزة لا خاسرة، ومتعبدة لا متكبرة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذا نكثر، قال: الله أكثر).

(إذا نكثر) أي من الدعاء لما له من فوائد جمة.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا تمنى أحدكم فليكثر، فإنما يسأل ربه عز وجل).

ثم إن الله يحب الملحين في الدعاء.
يقول ابن القيم رحمه الله: (إن الله لا يتبرم بإلحاح الملحين، بل يحب الملحين في الدعاء، ويحب أن يسأل، ويغضب إذا لم يسأل).
وقال أيضا: "وأحب خلقه إليه أكثرهم وأفضلهم له سؤالا، وهو يحب الملحين في الدعاء، وكلما ألح العبد عليه في السؤال أحبه وقربه وأعطاه" انتهى من حادي الأرواح.

4- كذلك يجب أن تعزمي في الدعاء بأن تحددي مطلوبك وما تريدين، فقد روى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا دعا أحدكم فلا يقل: اللهم اغفر لي إن شئت، ولكن ليعزم المسألة، وليعظم الرغبة، فإن الله لا يتعاظمه شيء أعطاه).

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: "ومعنى قوله: (ليعظم الرغبة) أي يبالغ في ذلك بتكرار الدعاء والإلحاح فيه، ويحتمل أن يراد به الأمر بطلب الشيء العظيم الكثير، ويؤيده ما في آخر هذه الرواية: (فإن الله لا يتعاظمه شيء)".

قد قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: (إذا دعوتم الله، فارفعوا في المسألة، فإن ما عنده لا ينفده شيء)، وعن عائشة، رضي الله عنها قالت: (سلوا الله كل شيء حتى الشسع، فإن الله عز وجل إن لم ييسره لم يتيسر)، ومعنى: ( حتى الشسع) أي: حتى إصلاح النعل إذا انقطع.

ثالثا: إن الدعاء -أختنا- من أسباب رد القدر، وكل ذلك بأمر الله تعالى، فقد جاء في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال: (لا يزيد في العمر إلا البر، ولا يرد القدر إلا الدعاء).

عليه فالدعاء يجب أن يكون ديدنك، ثم بعد ذلك الرضا بما قدره الله لك، فلا الدعاء يتوقف ولا الرضا يهتز.

إننا ننصحك -أختنا- بما يلي:

1- الرقية الشرعية، وهي موجودة على موقعنا وبالصوت، وأفضل راق لك هو أنت.
2- قراءة سورة البقرة كل ليلة، أو الاستماع إليها.
3-المحافظة على أذكار الصباح والمساء وأذكار النوم.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرزقك من يسعدك في الدنيا والآخرة، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات