لا أريد الاختلاط بأحد خوفًا من الذنوب والمعاصي.. أرشدوني

0 9

السؤال

السلام عليكم

أعاني من الخوف الشديد من أحداث يوم القيامة، لدرجة أني لا أعيش يومي، في قلبي خوف كبير، أصبحت أقضي يومي منعزلة، أنام وأصلي؛ لأنني لا أريد الاختلاط مع أحد فأذنب.

أخاف من السخرية من أخي، حيث إننا نمزح معا، فأتذكر أن السخرية من كبائر الذنوب، أو مثلا صديقاتي يتصلن بي، لكن لا أتجاوب خوفا من أن أسمع غيبة أو نميمة.

بالإضافة إلى أنني نجحت أخيرا، وسأدخل الجامعة، وكنت متحمسة جدا؛ لأنني عانيت من دخولها؛ لكن عندما أرى هذه الفتاوى على أن الاختلاط من الكبائر، لم أعد أريد دخول الجامعة والتعلم، أعاني من قلق شديد، ولا أعرف ماذا يجب أن أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك –ابنتنا العزيزة– في استشارات إسلام ويب.

نسأل الله تعالى لك مزيدا من التوفيق والسداد والنجاح، ونشكر لك حرصك على الوقوف عند حدود الله سبحانه وتعالى، وهذا من أمارات توفيق الله تعالى لك، والخوف من الله سبحانه والتهيب من لقائه أمر مطلوب، فإن الخوف يحجز الإنسان عن أن يقع في المعاصي والذنوب، كما أن الحب يدفع الإنسان نحو الطاعات والإكثار من أعمال الصالحات.

وينبغي للإنسان المسلم أن يسير في طريقه إلى الله تعالى موازنا بين هذين الجانبين: الخوف من الله تعالى، والرجاء لثوابه والطمع في فضله.

فالخوف والرجاء بمنزلة الجناحين للطائر، فكما أن الطائر لا يطير إلا بجناحين فالإنسان المسلم لا يستطيع السير والوصول إلى جنة الله تعالى إلا إذا جمع بين هذين الأمرين، والله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز يرغبنا أحيانا ويخوفنا أحيانا أخرى، ويجمع بين ذكر الثواب وذكر العقاب، ولهذا سمى الله سبحانه وتعالى كتابه العزيز (مثاني) فقال: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني} [الزمر: 23]، ومن معاني كلمة مثاني أنه إذا ذكر الجنة ذكر النار، وإذا ذكر المؤمنين ذكر الكافرين، وهكذا ...

فلا تسمحي أبدا لمشاعر اليأس والقنوط أن تسيطر عليك، وأن تيئسك من رحمة الله تعالى وفضله، والله سبحانه وتعالى كما أنه شديد العقاب، فهو أيضا غفور رحيم، بل رحمته تسبق غضبه، فاجعلي من خوفك من القيامة وأهوالها مانعا لك من الوقوع في المحرمات، واجعلي تذكرك لرحمة الله وثوابه وجنته ورضوانه باعثا لك، ويدعوك نحو المزيد من الطاعات، وبهذا تتوازن لديك الأمور، وتستقيم لديك الحياة.

أحسني ظنك بالله سبحانه وتعالى، وأنه يقبل منك عملك الصالح، ويتجاوز، ويتوب عليك إذا عملت سيئة، فاستغفرت الله تعالى منها، فحسن الظن بالله تعالى سبب جالب لكل خير، فقد قال الله في الحديث القدسي: (أنا عند ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء).

وتفكري في أسماء الله تعالى وصفاته، وأكثري من النظر فيها، وحاولي أن تحفظيها وتفهمي معانيها، فإنها تغرس في قلبك الإيمان الكامل المتوازن.

واعلمي أن الإنسان المسلم لا يسلم أبدا من الوقوع في ذنب أو معصية، ولكن يجب عليه أن يتوب وأن يسارع إلى الندم، وإصلاح ما أفسد إذا زلت قدمه ووقع في الخطيئة، فقد قال النبي-ﷺ-: (كل ابن آدم ‌خطاء) ثم قال: (‌وخير الخطائين التوابون).

ننصحك بأن تكثري من مجالسة النساء الصالحات، فأكثري من التواصل معهن والجلوس إليهن؛ فإنهن خير عون لك على التدين الصحيح، ولا تمتنعي من فعل شيء ينفعك في دينك أو دنياك خشية الوقوع في ذنب أو معصية، فلا تمتنعي من تحصيل الدراسة النافعة لك، فقد قال النبي- ﷺ-: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز).

نسأل الله سبحانه وتعالى لك مزيدا من التوفيق والهداية والصلاح.

مواد ذات صلة

الاستشارات