لا أتأثر بموت أحد حتى لو كان قريبًا جدًا مني!

0 24

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم على جهودكم في تقديم النصح والعون لنا، وجعله في ميزان حسناتكم.

عمري 29 سنة، ومنذ طفولتي إلى الآن لم أحس بالحياة، أو أنني جزء منها، ولا أنظر للمرآة إلا نادرا، ولا أحب حتى رؤية وجهي.

أعاني من قلة التركيز والخمول عن أداء واجباتي سواء الدراسية أو (العملية حاليا)، لا أحس بالسعادة مطلقا، أو الاستقرار، لا أتأثر بموت أحد حتى لو كان قريبا جدا مني، أو بأي شيء آخر، رغم أني أحاول، لا أدري هل هذا بسبب طفولتي القاسية والمشاكل العائلية منذ الصغر؟ أو أنني خلقت هكذا؟

كنت أمارس الرياضة، وأحبها سواء المشي، أو الجري، أو كرة القدم؛ لأني كثير الحركة قبل أن ألتحق بالعمل في سنة 2019، وكان ذلك يشعرني بالقليل من السعادة، كما أزيل التوتر بها.

أما بعد التحاقي بالعمل، فزاد توتري، وأصبحت أدخن كثيرا، إلا أن أفكاري ما زالت لا تتوقف بتاتا، ذكائي جيد جدا رغم أني لم أستطع استغلاله في الدراسة لعدم تركيزي.

أصلي دائما رغم أنني لا أتذكر يوما واحدا صليت فيه وكنت متخشعا في صلاتي كلها، سرعان ما يتشتت تفكيري، حتى عندما أتحدث مع الناس لا أستطيع أن أبقى منصتا أكثر من دقيقة دون أن أقاطعه (كما أني كثير الثرثرة، رغم أني أحاول ألا أكون كذلك)، ولكي أركز في شيء ما ولو قليلا، يجب أن أشغل تفكيري بأشياء أخرى، فعقلي يجب أن يعمل على أشياء كثيرة في وقت واحد، مؤخرا أعاني من مشكلة الخوف من المستقبل؛ لأنني لم أحقق شيئا إلى الآن.

أعتذر عن عدم قدرتي على تنسيق أفكاري في هذه الاستشارة، شكرا جزيلا لكم، ولمجهوداتكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ said حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به، وبعد .

أخي: دعك من حديثك عن تحجر العين، أو عدم التأثر بالموت، أو الثرثرة الكثيرة، أو عدم محبة النظر إلى المرآة، أو عدم الفرح، كل هذا دعك منه؛ لأنه عرض عن مرض، فإذ استطعت التغلب على المرض أضحت كل هذه الأعرض من الماضي.

أخي: إن هناك حاجزا نفسيا بينك وبين ذاتك، ونحن نظن من خلال قراءتنا الأولية، أنك غير مقتنع ببعض الأشياء التي لا يمكنك تغييرها ولا تستطيع تقبل فكرة المعايشة معها، وهذا ما يجعلك تشعر بما مر، ونحن ننصحك -أخي- بما يلي:

أولا: الإيمان بالقضاء والقدر، وبحكمة الله البالغة، وأن الإنسان في حياته لابد أن يبتلى؛ لأنها دار ابتلاء، خلقنا الله فيها لذلك، كما قال الله تعالى (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا)، ووزع الله بحكمته الابتلاء على الناس جميعا، وفق حكمته البالغة، لذلك لن تجد أحدا يعيش الحياة ويموت ولم يبتل فيها قط، وقد أحسن القائل:
ثمانية لا بـد منها على الفتى ** ولا بد أن تجري عليه الثمانية
سرور وهم واجتماع وفرقة ** وعسر ويسر ثم سقم وعافية

وعليه فالجميع -أخي- له حظه من البلاء، لكن آفة البعض أنه حين ينظر إلى بلائه يظن أنه أعظم الناس بلاء، والحق غير ذلك أخي الكريم، وقد علمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- طريقة ناجعة للتخلص من هذا الشعور، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم) متفق عليه.

ثانيا: الابتعاد النفسي الداخلي عن أي مظهر من مظاهر اليأس أو الإحباط أو الفشل، ابتعد عن هذا الوهم الذي يقذفه الشيطان في نفسك، فلا يعني عدم التفوق في الدراسة فشلا، فقد رأينا من لم يوفق في دراسته وكان أنموذجا لرجل الأعمال الناجح الصالح، وعليه فلا تعلق هذا بذاك.

ثالثا: معيار التفاضل عند الله على القلب، لا على الشكل، ولا على المال، ولا على أي مظهر من تلك المظاهر التي يتباهى الناس بها، فإذا سلم قلبك كنت عند الله معظما وإن هجرك الناس.

رابعا: ابتعد عن التدخين؛ لأنه محرم أولا، ولأنه موردك المهالك ثانيا، واستعن بالطب والعلم الحديث على التخلص منه.

خامسا: أوجد لك صحبة من خلال المسجد أو غيره، لكن المهم أن تكون وسط جماعة صالحة.

سادسا: اجعل لك مع الله خلوة، ولو نصف ساعة في الليل، واشك إلى الله حالك، وتحدث مع الله في كل ما يجول بخاطرك، واعلم أن الله سميع قريب مجيب الدعوات.

وأخيرا أخي الكريم: كل هذه النصائح لا تنفع إلا إذا تحركت أنت للإمام، لابد أن تكسر الوهم والقيد الذي وضعته على نفسك، ابدأ أخي وستجد الخير أمامك، واستكثر من دعوات الصالحين وخاصة أهلك.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات