ما أخطأك لم يكن ليصيبك..هل ينطبق في حالة تقصير الإنسان؟

0 22

السؤال

السلام عليكم.

أنا أعلم أن كل بلاء هو خير، وأن الله يختار لعبده المسلم أفضل الأشياء حتى ولو لم يكن يرى العبد ذلك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولكن هل ينطبق هذا في حالة تقصير الإنسان؟

منذ عدة سنوات كنت أعمل على مشروع، وكنت أبذل قصارى جهدي، وأفعل ما يجب علي فعله، وبعد مدة طويلة لم يوفقني الله للنجاح في هذا المشروع، ولكني لم أحزن -بفضل الله- وكنت أرى أن هذا خير لي، وأن هذا أفضل شيء حدث، وحمدت الله على ذلك.

وبعد فترة بدأت العمل على مشروع آخر، ولكن في هذه المرة لم أبذل ما يجب علي بذله، وكنت شديد الكسل، وأيضا لم يوفقني الله في هذا المشروع.

حاولت في هذه الحالة أن أنظر للموضوع مثل المرة الأولى (إن ما حدث هو خير لي بفضل الله)، ولكن قلت لنفسي كيف يكون خيرا لي وأنا كنت مقصرا ولم أفعل ما يجب علي فعله وكنت شديد الكسل، فلم أستطع أن أمنع عن نفسي الحزن، ولم أستطع أن أمنع نفسي عن التفكير، ماذا كان سيحدث إذا كنت فعلت ما علي، ولم أكن كسولا؟

هل لو كنت مقصرا ولم أفعل ما يجب علي فعله، يكون هذا خيرا لي؟ وهل ينطبق علي حديث (ما أخطأك لم يكن ليصيبك)، أم يجب علي أن أبذل المجهود المطلوب مني ثم بعد ذلك إذا لم يوفقني الله للنجاح في المشروع عندها يكون هذا خيرا لي، وأقول عندها: (ما أخطأك لم يكن ليصيبك)؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك – ولدنا الحبيب – في استشارات إسلام ويب.

أولا: نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يقدر لك الخير حيث كان ويرضيك به، وأن يفتح لك أبواب الرزق الحلال المبارك.

ثانيا: وصيتنا لك –أيها الحبيب– أن تحرص على ما ينفعك من الدين والدنيا، وأن تأخذ بأسباب ذلك، فهذه وصية النبي (ﷺ) حين قال: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)، والعجز هو الفشل، وترك الأخذ بالأسباب على الوجه اللائق نوع من العجز.

فالإنسان المؤمن عند السبب ينبغي أن يكون حريصا على تحصيل النفع؛ لأنه لا يدري ما الذي غيبه الله تعالى عنه من القدر، لكنه يدري أنه مكلف بالأخذ بالأسباب.

لكن إذا قدر الله تعالى عليه التراخي والعجز عن الأخذ بالأسباب على الوجه الأكمل؛ فبعد حصول هذا المقدور ينبغي أن يكون مؤمنا بأن هذا المقدر كائن لا محالة وأنه سيقع لا محالة؛ لأن علم الله تعالى لا يتخلف، وقد علم الله تعالى أنه سيعجز ويتراخى عن الأخذ بالأسباب، وكتب ذلك سبحانه وتعالى؛ لأنه يعلم ما سيقع.

وقد عبر النبي (ﷺ) عن هذا كله بقوله -كما هو في صحيح مسلم-: (كل شيء بقدر، حتى العجز والكسل)، فالموقف الذي يقفه الإنسان وقت الحاجة المعينة: إما كيسا؛ يعني: إما حذقا ومهارة وأخذا بالأسباب على الوجه اللائق، وإما: عجزا وتراخيا وتقصيرا، وكلاهما بقضاء الله تعالى وقدره، وإيمان الإنسان بهذا يخفف عنه الحزن على ما فات، إذا آمن بأن كل شيء بقضاء وقدر فإن ذلك يخفف عنه مصابه، كما قال الله في كتابه الكريم: {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم} [الحديد: 22-23].

الإنسان المؤمن إذا وقع قدر الله وفاته شيء من المحبوبات فإنه يواسي نفسه بأن هذا القدر ما كان له أبدا أن يغيره، فما دام الله قد قدره فإنه سيقع لا محالة.

وبهذا التوازن يعرف الإنسان المسلم دوره أمام الأسباب، إنه يحرص كل الحرص على الأخذ بالأسباب وقت تحصيلها، وإذا قدر الله تعالى عليه خلاف ذلك فينبغي أن يواسي نفسه بأن قدر الله نافذ لا محالة، وقدر الله في الجملة هو خير للإنسان، وإن فاته شيء بسبب عجزه، فإن الإنسان لا يدري حقيقة حاله بعد تحصيل ما يحبه، فالله تعالى يقدر القدر على الإنسان لخير يعلمه سبحانه وتعالى، وإن كره الإنسان هذا القدر ووجد له ألما، لكن حكمة الله تعالى من وراء هذه الأقدار هي خير بلا شك.

ولهذا النبي (ﷺ) وصف ربه في ابتهاله بقوله: (والشر ليس إليك)، فكل ما يقدره الله تعالى في حقيقة الأمر هو خير لهذا الإنسان.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات