سوء الظن بالناس عند زوجي هو الأساس، كيف أتعامل معه؟

0 12

السؤال

السلام عليكم.

متزوجة منذ ٧ سنوات، كانت مشاكلنا كثيرة، وبغير سبب، فهو فجأة يكرهني، ولا يريدني، وكنت أتألم نفسيا، غير أنني -ولله الحمد- أصبحت أعرف كيف أتعامل مع نفسيته، وتحسنت حياتنا كثيرا، وقويت علاقتنا.

ولكن علاقاتنا الاجتماعية صفر؛ فهو لا يحب أحدا، ولا يوجد أحد إلا ويذكر فيه عيبا؛ هذا متكبر، وهذا بخيل، وهذا لا يصلي في المسجد، ولا يريدني أن أزور أحدا، ولا أن أزار، فكل الناس فيهم عيوب، ولا يعجبونه، حتى التواصل، لا يريدني أن أتواصل مع أحد.

أعيش في منزل بعيد عن أهلي، ولا أزور أحدا ولا أزار، حتى أختي لا يأخذني لزيارتها؛ لأنه لا يحب زوجها، وأيضا يجد فيه العيوب كبقية العالم.

أحيانا يبرر أنهم لا يناسبونا، وأحيانا أنه لا يحب أن يتواصل ويجتمع بمن يأخذون وقته، وأحيانا حتى من يصادقهم لفترة، ثم بعد فترة يتركهم، ويكرههم، ولا يتكلم معهم إلا بسلام جاف في الطريق.

ملتزم، ولا يسيء لأحد بالكلام، لكنه حاد الطبع، فلا يحب أن يمازحه أحد لا يعرفه، أو يقلل من قيمته حتى بالمزاح، ويشعر أن الجميع يكرهه، ويحقد عليه، ويحسده.

عنده سوء الظن هو الأساس، حتى يتبين له العكس، في كل مرة أقول له بأن لا يتسرع في الحكم، ولا يسيء الظن، وأن يلتمس العذر، لكن هذا حالنا، والله المستعان.

حتى الأطفال كبروا، وبدؤوا يذهبون إلى المدرسة، ولم يسلموا من نفسيته، فهو يقول لهم: لا تلعبوا مع فلان، ولا ابن فلان، ولا يستثني أحدا للأسف، مع أن أهاليهم على قدر من التدين والصلاح -كما أحسبهم-.

كل الصفات والاصطدامات التي كنت أعيشها تخطيتها -بفضل الله-، ثم بالصبر، ومعاشرته بذكاء وحكمة، أما هذه الحال فوالله لقد عجزت عنها!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ باسمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك –بنتنا وأختنا الفاضلة– في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يهدي زوجك لأحسن الأخلاق والأعمال، فإنه لا يهدي لأحسنها إلا هو.

أسعدنا جدا أنك نجحت في التعامل معه، ونسأل الله أن يعينه على فهم العلاقات الاجتماعية، وأهميتها؛ فالإنسان مدني بطبعه، ولا يمكن لأي بشر أن يعيش معزولا عن الناس.

فـالناس للناس من بدو وحاضرة *** بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم

والنبي ﷺ أيضا يضع قاعدة عظيمة في العلاقات، فيقول: (المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم؛ أفضل من ‌المؤمن الذي لا ‌يخالط الناس، ولا ‌يصبر ‌على أذاهم).

لذلك نتمنى بذلك الذكاء الذي نجحت به في التعامل معه، أن تستمري في الإشارة إلى مثل هذه النقاط، والدين ما شرع الجمع والجماعات، والحج، والطاعات التي فيها تجمعات، إلا من أجل أن يتعايش الناس، وإلا من أجل أن يتواصلوا، ومهارة النجاح في الحياة هي مهارة التواصل مع الآخرين، والتعامل معهم، ومداراتهم، والمداراة أن نعامل كل إنسان بحسب حاله، وبما تقتضيه شخصيته.

ولذلك أرجو أن تشكري ما عنده من إحسان، وتمدحي تدينه، وتذكريه بخطورة الحديث عن الناس، وبحرمة سوء الظن، وبأن هذا الذي يراه ويحتقره قد يكون عند الله تعالى مقبولا، ونحن أحيانا نتكلم عن أقوام هم في سجل الله وفي علم الله من أهل الجنة والرضوان، والسعيد هو الذي يشتغل بنفسه.

وبعد ذلك من مصلحة الأطفال أن يحتكوا بالآخرين، ودورنا أن نهذب ونغير السلوكيات التي لا تتوافق مع قيمنا، وقبل ذلك مبادئنا وديننا.

نسأل الله أن يعينك، وأن يعينه على فهم هذه الأمور، ونقترح عليك أن تطلبي منه أن يكتب طريقة تعامله، والذي يفعله، ويرسل به إلينا وإلى هذا الموقع، حتى يسمع الإجابة من الخبراء والمختصين؛ فكثير من الرجال يتأثر عندما يسمع من رجل مثله، وقد لا يقبل كلام زوجته، أو كلام امرأة أخرى.

ولذلك ينبغي أن تحرصي على ربط زوجك بالموقع، وعرض هذه القضية كقضية تربوية، يعني: ممكن أن تضعوا استشارة مشتركة: "نحن عندنا أولاد، ونريدهم أن يذهبوا إلى المدرسة، ونخاف أن يتأثروا سلبا بأخلاق بعض الطلاب، فماذا نفعل؟ وما هي الإرشادات؟ ... عندها ستأتي الإجابة المناسبة التي فيها الموازنة، وبين هذا الحرص الذي تشكرون عليه، وبين إتاحة الفرصة لهم من أجل أن يتعاملوا مع الناس؛ لأن مصيرهم في الحياة أن يتعاملوا مع الناس، ومهما كان ذكاء الإنسان فإنه ينخفض في الأداء إذا لم يكن له علاقات اجتماعية مع الآخرين.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على إكمال هذا المشروع -مشروع الإصلاح-، وأن يزيد زوجك ويزيدكم خيرا وخوفا من الله تبارك وتعالى، ويشغلنا بعيوبنا قبل أن نشتغل بعيوب غيرنا، فطوبى لمن شغله عيبه عن عيب غيره، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية والثبات.

مواد ذات صلة

الاستشارات