بعد اختفاء الوساوس أصبت باكتئاب وفقدان المشاعر!

0 11

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أشكركم كل الشكر على جهودكم المبذولة، ونسأل الله أن تكون في ميزان حسناتكم.

منذ عمر 16 سنة وأنا أعاني من الوسواس القهري، بدأ أولا بوسواس الطهارة والصلاة، واستمر 4 سنوات ثم اختفى، وبعده وسواس الأمراض والنظافة، واستمر 5 سنوات ثم اختفى، بعدها عانيت من وسواس التنفس ومراقبته، ووسواس النظر في عيون الناس، واختفت تلك الوساوس -ولله الحمد-.

في عمر 25 سنة، أصبت باكتئاب شديد، ولم أرغب في مخالطة الناس حتى أصدقائي، صرت متجهما، وفقدت الشغف والمشاعر، ومعظم حديثي ومشاعري مصطنع وغير نابع من القلب، وتمنيت الموت.

تطورت الحال بعمر 30 سنة فذهبت إلى طبيب نفسي، وصف لي عقار الزيروكسات 40 ملغ، استمررت عليه لمدة 4 سنوات، في أول سنتين كان مفعوله ممتازا، وتحسنت بنسبة 95%، ثم قلت النتائج إلى 20%، وعاد الاكتئاب وفقدان الشغف.

ذهبت إلى طبيب آخر، وصف لي عقار الزولفت 50 ملغ، السيركوسات 40 ملغ، ترددت كثيرا في الجمع بين العقارين، فهل أنتقل من السيروكسات إلى الزولفت؟ وما هي الطريقة الصحيحة لذلك؟ وهل أتوقف مباشرة عن تناول السيروكسات وأتناول الزولفت، أم أنه لا مانع من الجمع بينهما؟

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صالح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أيها الفاضل الكريم: أنت تدرجت فيما نسميه بـ (سلم الأعراض النفسية)، فالبعض قد تبدأ معه الأعراض النفسية بالقلق، أو قد تبدأ معه بالوسوسة، وذلك في سن مبكرة، ثم بعد ذلك قد تحدث مخاوف، ثم بعد ذلك قد يحدث اكتئاب نفسي، وهكذا.

الاكتئاب يظل هو قمة الهرم في مسلسل الأعراض، لكن -إن شاء الله تعالى- هذا يعالج، وهذا الاكتئاب علاجه يجب أن يكون في أن تجتهد لتجعل مشاعرك دائما مشاعر إيجابية، وأفكارك إيجابية، وكذلك أفعالك؛ لأن هذا المثلث السلوكي –أي مثلث الأفكار والمشاعر والأفعال– نحن نرى أن من خلاله تتغير حياة الناس، إذا كان كل شيء سلبيا فقطعا الصحة النفسية سوف تصل إلى منحدر لا نحبه لأحد، أما إذا كان الإنسان إيجابيا ولديه إرادة التغير وإرادة التحسن فيستطيع أن يعالج حالته بصورة تلقائية جدا، والله تعالى أعطانا المهارات، وأعطانا دفاعات ومقدرات، وأعطانا القدرة على التغير بحسب استطاعتنا، فقال: {فاتقوا الله ما استطعتم} [التغابن: 16]، وقال: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} [الرعد: 11].

وأنا أنصحك –أخي الكريم– بأن تكون فاعلا جدا على المستوى الوظيفي، احرص على عملك، أحب عملك، وتطور في عملك، وكن مفيدا في عملك، وكن مفيدا لنفسك ولغيرك، هذا مهم، وفي الجانب الاجتماعي والجانب الأسري أيضا لا بد أن يكون لك حضور، لا بد أن تضيف إضافات إيجابية لأسرتك ولمجتمعك، وممارسة الرياضة مهمة في حياتنا؛ فقد أثبتت الدراسات والتجارب العملية أن الرياضة تقوي النفوس كما تقوي الأجسام.

كما أن الذين نجحوا في الحياة هم الذين أحسنوا إدارة وقتهم، وحددوا أهدافهم، ووضعوا الآليات التي توصلهم إلى أهدافهم، فأريدك أن تكون من هؤلاء، هذا كله يهزم الاكتئاب، وأنت -الحمد لله- في بدايات سن الشباب، والله تعالى حباك بالطاقات الإيجابية الكثيرة -كما ذكرنا-، فاستغل هذه الطاقات واغتنمها، (احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز)، و(‌اغتنم ‌خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك).

خذ واحرص على هذه المنهجية الحياتية الإيجابية، ومن وجهة نظري هي تمثل 60% من علاج حالتك.

أما الدواء فلا بأس به -أخي الكريم-، ومع احترامي الشديد لوجهة نظر الأخ الطبيب فلا داعي للجمع بين السيروكسات (Seroxat) والزولفت (Zoloft)، فكلاهما ينتمي تقريبا إلى بوتقة دوائية واحدة، هنالك تقارب وتشابه، لكن لا يوجد تطابق بينهما.

السيروكسات دواء ممتاز، لكن سحبه يتطلب الروية والحكمة، ويجب أن يكون سحبه بطيئا جدا؛ لأنه قد يؤدي إلى آثار انسحابية، فأنا أريدك أن تخفض السيروكسات إلى حبة واحدة، وتبدأ في تناول الزولفت، يعني: تكون الجرعة الآن 50 ملغ من الزولفت، 20 ملغ من السيروكسات.

هذه الجرعة من كلا الدواءين جرعة معقولة جدا، استمر عليها لمدة شهر، بعد ذلك خفض جرعة السيروكسات إلى 10 ملغ، واجعل جرعة الزولفت 100 ملغ، وهذه جرعة معقولة جدا، استمر عليها لتتيح لك فرصة البناء الكيميائي الصحيح، وبعد مضي شهر -وأنت على جرعة 10 ملغ من السيروكسات، و100 ملغ من الزولفت- ابدأ في تخفيض السيروكسات إلى 10 ملغ يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.

لا أعتقد أنك سوف تحتاج أن ترفع جرعة الزولفت أكثر من 100 ملغ، علما بأن الجرعة الكلية يمكن أن تصل إلى 200 ملغ، يعني لا زال أمامك مجال لترفع الجرعة، لكن أريدك أن تتحسن على جرعة 100 ملغ، وفي ذات الوقت تطبق الإرشادات التي ذكرتها لك، و-إن شاء الله تعالى- تكون خير معين لك.

أخي: يوجد دواء يسمى الـ(أريبيبرازول Aripiprazole)، أنا دائما أحب أن أضيفه كداعم لمضادات الاكتئاب والوساوس والمخاوف، مثل الزولفت أو السيروكسات، الأريبيبرازول هو دواء في الأصل مضاد للذهان، ويثبت المزاج، لكن بجرعات صغيرة وجدناه داعما ممتازا لعلاج مثل حالتك.

فيا أخي الكريم: يمكن أن تتناول الأريبيبرازول بجرعة 5 ملغ يوميا، وهذه جرعة صغيرة جدا، تناولها في الصباح لمدة ثلاثة أشهر.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات