نوبات اكتئاب تنتابني من حين لآخر، فما هو علاجها؟

0 24

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من حين لآخر منذ طفولتي من نوبات الحزن، وضيق الصدر، والخوف من المستقبل، وانعدام الشغف، وعدم انتظام النوم، وسيطرة الكثير من الأفكار السلبية على خواطري، وعدم إقبالي على الحياة، مما أثر على كافة أموري الحياتية.

أستغرب تلك الأحاسيس، حيث إني منطقيا أرفضها، ولكن واقعيا أنا غارق فيها، تنتابني فجأة، وتختفي فجأة، وحينما تختفي أقول في نفسي: كيف كنت ذلك الشخص؟ وقد تكرر ذلك كثيرا خلال عمري البالغ 35 عاما.

في حين أني ملتزم دينيا، وحياتي مستقرة -بفضل الله-، ومع ذلك بين كل فترة وأخرى أعاني من تلك الأمور، وقد لجأت للعلاج في سنة 2020، حيث تناولت أستيكان (20)، حبة صباحا، وحينما شعرت بتحسن داومت عليه لمدة ثلاث سنوات، ولم أكن بالوضع المثالي، لكني كنت أفضل من ذي قبل.

الآن عادت إلي نفس الأحاسيس بشدة، وأتألم داخليا، ولا أرغب نفسيا في الذهاب إلى العمل، ولكني أذهب، ومتوقف عن العلاج على أمل من الله أن يشفيني، ويشفي كل مبتلى، أرجو مساعدتي.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله تعالى لك العافية، والشفاء، والتوفيق والسداد.

حالتك –أخي الكريم– حالة بسيطة، وأعتقد أن لديك ما يمكن أن نسميه بـ (قلق الاكتئاب التوقعي)؛ فأنت لديك اضطرابات مستقبلية سلبية، ذات طابع وسواسي، وهي التي تعكر مزاجك، وتؤدي إلى نوبات الحزن والضيق، وهكذا تم تشخيص حالتك -أخي الكريم- حسب ما هو متاح من معلومات.

وأنا أقول لك: إن الإنسان من الناحية السلوكية والنفسية هو عبارة عن مثلث أضلاع (الفكر، المشاعر، الفعل)، ولا بد أن نسعى دائما أن تكون أفعالنا أفعالا إيجابية؛ لأن الفعل الإيجابي يؤدي إلى الفكر الإيجابي، ويؤدي إلى الشعور الإيجابي، ومهما كانت الأفكار سلبية، والمشاعر سلبية، فحين نضغط على أنفسنا، ونؤدي ما علينا من واجبات، والتزامات، ومسؤوليات منوطة بنا أيا كانت: واجبات أسرية، واجبات وظيفية، واجبات اجتماعية، أو واجبات دينية، فقطعا سوف تتبدل مشاعرنا حين نسعى ونؤدي وننجز.

هذه هي نصيحتي لك، وهذه النصيحة موجودة في قوله صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع ومسئول عن رعيته)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (‌احرص ‌على ‌ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز).

وأيضا يجب أن تتعامل مع ذاتك من خلال الاستفادة من قوة الحاضر؛ فالحاضر أقوى من الماضي لا شك في ذلك؛ لأننا نتحكم في الحاضر، ولأننا يمكن أن نرتب حياتنا وأمورنا بصورة إيجابية في حاضرنا؛ لأننا نملكه، ولأننا نستطيع أن نغيره، أما الماضي فلا.

فإذا حين تكون قويا ومنجزا في حاضرك؛ فهذا سوف يفيدك في حاضرك ومستقبلك -إن شاء الله تعالى-؛ لأن الحاضر هو أيضا ماض للمستقبل، وحين يكون الحاضر قويا، والماضي قويا، فسوف يكون -إن شاء الله تعالى- المستقبل قويا، والحمد لله في الأولى والآخرة، والحمد لله على الماضي، والحمد لله على الحاضر.

هذه –أخي الكريم– ليست فلسفة نفسية، إنما هي حقيقة، فحسن إدارة الوقت، وحسن الحاضر ينبئ عن حسن المستقبل -بإذن الله تعالى-، فالذي يحسن في أوله سيحسن في آخره؛ لأن الذي وفقه في حسن الأولى لن يخذله في حسن الآخرة، ونسأل الله حياة طيبة في الدنيا والآخرة.

إذا حسن إدارة الوقت، وأن تكون لك برامج يومية، وأن يكون لك تخطيط مستقبلي إيجابي، أعتقد أن هذا سيساعدك كثيرا، وستجد النجاح في حياتك -بإذن الله تعالى-، هذا فيما يتعلق بالنواحي السلوكية.

أما من حيث الدواء: فليس هناك ما يمنع أن تتناول أحد الأدوية الجيدة، والطيبة والسليمة، والتي تحسن المزاج، وتزيل القلق، وتزيل التوترات.

مثلا: عقار الـ(سيرترالين Sertraline) دواء رائع جدا، وهو يسمى تجاريا الـ(لوسترال Lustral) ويسمى أيضا الـ(زولفت Zoloft) يوجد منتج مصري ممتاز جدا يسمى الـ(مودابكس Moodapex)، وتكلفته أو سعره ليس عاليا، ويمكنك الاستفادة من دواء مثل هذا أيضا.

حيث تبدأ بجرعة نصف حبة من الحبة التي تحتوي على 50 ملغ، تتناولها بمقدار 25 ملغ يوميا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ترفعها إلى حبة كاملة –أي 50 ملغ– يوميا لمدة شهر، ثم تجعلها 100 ملغ يوميا –أي حبتين– وهذه جرعة علاجية، وسطية، ممتازة، علما بأن الجرعة العلاجية الكلية هي 200 ملغ في اليوم –أي أربع حبات–، لكنك لا تحتاج لها -إن شاء الله تعالى-.

إذا استمر على جرعة 100 ملغ يوميا لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك خفض الجرعة إلى 50 ملغ يوميا، كجرعة وقائية لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها 25 ملغ يوميا لمدة شهر، ثم 25 ملغ يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

يتميز السيرترالين بأنه غير إدماني، وغير تعودي، وسليم جدا على القلب والكلى، وكل الأجهزة الجسدية.

ربما يؤدي فقط إلى زيادة بسيطة في الشهية نحو الطعام، كما أنه بالنسبة للمتزوجين عند المعاشرة الزوجية ربما يؤخر القذف المنوي قليلا، لكنه لا يؤثر على ذكورية الرجل أو صحته الإنجابية.

هذا ما أنصحك به، وأيضا يمكنك أن تدعم السيرترالين بدواء آخر خفيف وبسيط جدا، يعرف باسم الـ (أريبيبرازول Aripiprazole)، تناوله بجرعة 5 ملغ في الصباح لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عنه، واستمر على السيرترالين كما وصف لك.

أخي: نحن سعداء جدا بإثرائك لإسلام ويب من خلال هذه المشاركة، وأسأل الله تعالى أن ينفعك بما ذكرناه لك، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات