الخوف من الله مع الاستمرار في المعاصي، هل يعد نفاقًا؟

0 16

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشعر أني منافق، قلبي يزعم أنه يخاف الله ويخشى الموت، وهذا مرض قد عانيت منه ولم أشف حتى الآن! وأقصد هنا الخوف المرضي من الموت، ونوبات الهلع، ولكن سؤالي هنا ليس عن هذا، ولكنه عن قلبي الذي تحجر، كيف له أن يخادع نفسه؟ فإن نجح، فهل يظن أنه يخدع رب العالمين؟

كيف أقول أني أخشى الموت لدرجة المرض، ثم أنتهك محارم الله وأعصيه! -الحمد لله- ما زالت تدمع عيني لسماع القرآن، وينقبض صدري عند ذكر الآخرة، ثم أجدني أعصيه، فكيف هذا؟ فإن نجوت من المعاصي كيف أنجو من النفاق؟

أفيدوني، جزاكم الله خيرا، فخوفي من الموت يجعلني أظنه أقرب من أي شيء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أخي- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يحفظك من كل مكروه وسوء، وأن يسترك في الدارين، إنه جواد كريم.

الأخ الكريم: إن النفاق قد عرفه أهل العلم بأنه إظهار الإسلام عن طريق التلفظ بما يثبت الإيمان مع وجود الكفر داخل القلب، فهو كاره لما ينطق مسرور بما يضمر، وعرفه ابن كثير -رحمه الله تعالى- في تفسيره بقوله: إظهار الخير وإسرار الشر.

وما أنت فيه -أخي الكريم- ليس نفاقا بهذا المعنى، فأنت تفعل الشر أو تأتي ما حرم الله وأنت كاره له غير راض عنه، وعليه فأنت مسلم عاص ولست منافقا.

فالمعصية -أخي الكريم- ليست علامة على النفاق إلا إذا اقترن بها عدم الخوف من الله والرضا بها باطنا، والدليل على ذلك، ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا)، لكن لو أن رجلا عصى الله بترك صلاة الفجر، هل يلزم منه أن يكون منافقا؟ بالطبع لا يلزم أن كل من تخلف بلا عذر قد أصبح منافقا، إلا إذا أصبح ذلك له خلقا وعادة، كما أن المنافق قد يستيقظ أحيانا لصلاة الفجر في جماعة، فلا يدل على إيمانه.

وكذلك من الأدلة على عدم وجود النفاق في قلبك هو كثرة خوفك من الله ومن الموت، وكثرة البكاء من خشيتك لله، كل هذه أدلة على عدم وجود النفاق في قلبك، بل إن كثرة الخوف من الله دليل على وجود الإيمان، فقد روى البخاري معلقا عن ابن أبي مليكة قال: أدركت ثلاثين من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كلهم يخاف النفاق على نفسه، قال الحافظ في الفتح: ولا يلزم من ذلك وقوعه منهم، بل ذلك على سبيل المبالغة في الورع والتقوى -رضي الله عنهم-.

وعليه -أخي الكريم- فأنت محتاج إلى مناقشة الأسباب التي أوقعتك في المعصية، والاجتهاد في إزالة تلك الأسباب، والاحتماء بالله -عز وجل- من الوقوع في المعاصي.

وإذا زلت القدم فتب فورا إلى مولاك، واستحضر عظمة الله الرقيب عليك، وجدد العزم على عدم العودة، ولا يوهمك الشيطان بأن كثرة الوقوع في الذنوب دليل نفاق، فليس كذلك -أخي-، بل هي معصية لها أسبابها، وتزول -بإذن الله تعالى- إذا ما عرفت الأسباب، وعمدت على إزالتها، واحتميت بمولاك وسيدك.

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات